تتدحرج كرة الفساد في الكويت كل يوم وتكبر، ويلتصق بها أسماء كبيرة تُحرج السلطة وتضرب مصداقية مؤسسات الدولة الدستورية كافة، فضائح الفساد تملأ وسائل التواصل الاجتماعي بالوثائق والمستندات، وتتداول بين الكبير والصغير، بينما تحرك الدولة حيالها محدود وغير فعال.

ومبادرة أمير البلاد، منذ خمس سنوات، ضد الفساد؛ بإصدار مراسيم بقوانين لكشف الذمة المالية ومحاربة الفساد، عبر إنشاء هيئة مكافحة الفساد، قتَلها التسويف الحكومي بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون، وكثرة الطعون الدستورية فيهما.

Ad

منذ خمس سنوات وهيئة مكافحة الفساد تعيش فصولاً متتالية من التعطيل والثغرات القانونية والطعون الدستورية والخلافات الإدارية، بينما في كل دول العالم تعمل الجهات المكلفة بكشف الذمة المالية ومكافحة الفساد بسلاسة ودون عوائق، وهي جهات غير قضائية، ومعظمها جهات ملحقة بمصلحة الضرائب التابعة إلى وزارة المالية، ويتقدم لها رئيس الدولة ورئيس الحكومة والقاضي والوزير، بحالتهم المالية، دون أن يطعن فيها أحد أو يقول إنها تمس السلطة القضائية أو التنفيذية.

في الكويت، وحسب بيانات رسمية، هناك ما يزيد على ثلاثة آلاف مخاطب بقانون كشف الذمة المالية لم يقدموا بياناً بذممهم المالية، بينهم عضو في مجلس الأمة، وما زالوا جميعاً على رأس عملهم، وهي ثغرة هائلة في قانون كشف الذمة المالية ومكافحة الفساد، إذ من المفترض أن يتم عزل كل مسؤول من منصبه لا يقدم ذمته المالية، فوراً بعد انتهاء المهلة القانونية لذلك.

ثقة المجتمع كانت كبيرة بأن يكون قانونا مكافحة الفساد، بشكل عام، وكشف الذمة المالية، بصفة خاصة، سيتصديان لقضايا الفساد، التي كانت أساس كل مشاكل البلد وصراعاته منذ 30 عاماً، ولكن يبدو أن الكثيرين ممن "في بطنهم ريح" لن يسمحوا بذلك، وسيمارسوا كل حيلهم ونفوذهم لتعطيل هذين القانونين وجعلهما مادة للنزاعات في ساحات القضاء والمشادات بين القياديين والوزراء، بينما مجلس الأمة ممتنع عن إعطاء الأولوية لتطوير القوانين المتعلقة بالفساد وتحصينها.

الساحة تشهد فضائح عن مسؤولين يملكون ممتلكات خيالية، داخل وخارج البلاد، وأقارب مسؤولين آخرين مسجلة بأسمائهم عشرات السيارات الفارهة، والناس تسمع وترى، ونتيجة لذلك فإن الأجيال الحالية والمقبلة تفقد ثقتها في النظم والمؤسسات الدستورية والقانونية، وربما تفكر في الانخراط في منظومة الفساد لتؤمّن نصيبها من الثروة الوطنية المهدرة، وهو وباء سيدمر البلد، فهل من منقذ أو منقذين من واقعنا الحالي؟!