يبدو هذا الجهد مثل عمل هندسي متميز، وقد حفر عمال من شركة رويال داتش شل في كالغاري في كندا في الآونة الأخيرة بئراً تبعد 6200 ميل في فاكا مويرتا في الأرجنتين، وفي حقيقة الأمر فإن مهندسي هذه الشركة النفطية الكبرى استخدموا الحواسيب من أجل القيام بما أطلقوا عليه اسم "الحفر الافتراضي" الذي يعتمد على معرفتهم بفوكس كريك، وهو حوض للزيت الصخري في مدينة البرتا الكندية التي تتمتع بصفات جيولوجية مماثلة لأكبر مكامن الزيت الصخري في الأرجنتين، وقد استخدموا معلومات الوقت الحقيقي التي أرسلت من منصة في فاكا مويرتا من أجل تصميم البئر وتحديد سرعة وضغط الحفر.

وفي محاولتهم الثانية تمكنوا من اتمام البئر عند 5.4 ملايين دولار بدلاً من 15 مليوناً قبل سنوات قليلة فقط، ويقول بن فان بوردن الرئيس التنفيذي لشركة شل إنها "أرخص بئر قمنا بحفرها في الأرجنتين".

Ad

وتجدر الاشارة الى أن "شل" ليست الوحيدة في استخدامها للحواسيب الى جانب علماء الجيولوجيا في محاولة تهدف الى خفض تكلفة هذه العملية في عصر أسعار النفط المعتدلة، وتستيقظ هذه الصناعة ككل على حقيقة أن الأتمتة قد حولت صناعات اخرى مثل التجارة والتصنيع وأن صناعة النفط قد أهملت.

أفكار مغرية

وشرعت شركات التقنية في طرق أبواب شركات النفط لتعرض عليها طائفة من الأفكار المغرية مثل "منصة النفط الرقمي" و"حقل نفط المستقبل" كما أن البعض يجادل في أن اعتماد التقنية الرقمية قد يمثل الخطوة الكبرى التالية بعد ثورة الزيت الصخري التي بدأت بتحويل انتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة قبل عقد من الزمن.

وكانت شركة النفط الكبرى (شل) في مقدمة هذه العملية والرائدة في استخدام معلومات الحفر ثلاثية الأبعاد والحواسيب السوبر بغية المساعدة في العثور على الموارد، ولكن الأولويات تغيرت وخاصة خلال العقد الماضي عندما ارتفعت أسعار النفط لتصل الى أكثر من 100 دولار للبرميل وكان الهدف الرئيسي هو العثور على مزيد من الخام في المقام الأول مهما كان الثمن، وهكذا غدت التقنية في المركز الثاني.

ويقول أولريخ سبيسهوفر وهو الرئيس التنفيذي لشركة أي بي بي لتقنية أتمتة التقنية السويدية – السويسرية إن صناعة النفط تستخدم 5 في المئة فقط من معلومات الحفر التي جمعتها في عملياتها وأنشطتها الميدانية، وخلال انتاج النفط يتم استخدام أقل من واحد في المئة من معلومات منصات النفط من جانب أصحاب القرار في هذه الصناعة، بحسب شركة ماكينزي الاستشارية.

استخراج النفط والغاز

تعتبر عمليات استخراج النفط والغاز الأكثر نضوجاً للأتمتة وتتم عملية الحفر في أغلب الأحيان في مواقع على عمق أميال عن سطح الأرض وفي تشكيلات صخرية حيث يمكن أن تتعرض أدوات الحفر الى الكسر وهو ما يعطل العمل لفترات طويلة. وقد طورت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية في الآونة الأخيرة ما تدعوه طريقة حفر مؤتمتة تستطيع الاعتماد بصورة ذاتية على طبيعة الصخور في المواقع المستهدفة بصورة عامة، وتقول شركة ماكينزي أيضاً ان روبوتات تحت البحار تستخدم أيضاً من أجل اصلاح المشاكل التي تحدث خلال عمليات الحفر.

وعلى السطح تبذل جهود تهدف الى تقليص عدد الأشخاص في منصات النفط وهي خطوة تساعد على تحسين اجراءات السلامة في صناعة تتسم بالخطر. ويقول جيمس آدي وهو متمرس في عمليات حفر النفط في شركة وود ماكينزي الاستشارية إن الأتمتة في منصة الحفر نفسها ليست جديدة فيما يقول آخرون إن المزيد من المنصات تخضع لرقابة عن بعد بالنسبة الى الأنشطة الزلزالية في خليج المكسيك كما أن المهندسين في هيوستن يستخدمون معلومات الوقت الحقيقي من منصات حفر النفط بغية اتخاذ قرارات عملية وهو ما يخفض تكلفة انتقال اولئك المهندسين بواسطة المروحيات الى تلك المنصات. ويقول بيتر زورينو من شركة ايمرسون لعمليات الأتمتة "إن الغاية هي جلب المعلومات الى الخبير وليس ارسال الخبير الى الموقع من أجل الحصول على تلك المعلومات. ويوجد حافز كبير لابعاد الناس والمروحيات عن منصات الحفر ".

الاستخدام الأوسع للمعلومات

سوف يفضي الاستخدام الأوسع للمعلومات والمجسات والأتمتة الى تحديات جديدة في هذه الصناعة التي يتعين عليها معرفة الجوانب المتعلقة بالأمن السبراني في المنصات التي تعتبر بنية تحتية مهمة اضافة الى الاستثمار في طرق تمنع حدوث سرقات للمعلومات.

وفي ما يتعلق باحتمال خفض القوة العاملة في شتى ميادين صناعة النفط في العصر الرقمي يعتقد خبراء الجيولوجيا والمهندسون أن التقنية لن تفضي الى الاستغناء عنهم في نهاية المطاف لأن انتاج النفط هو فن وعلم في آن معاً.