قال تعالى في محكم كتابه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير". (سورة الحجرات_ 13).

اتفق غالبية علماء الاجتماع على تعريف الهوية الوطنية بأنها مجموعة من العناصر والسمات المشتركة التي تتكامل فيما بينها، أو قد يتمايز بعضها على الآخر كالثقافة والعادات والتاريخ واللغة واللهجة والدين والأرض والعرق لتشكل في نهاية المطاف هوية الشعوب.

Ad

هناك دول أدى البعد التاريخي والعرقي دوراً كبيراً في تحديد ملامح وصفات هويتها الوطنية، وهناك دول أخرى قامت على مجموعة متنوعة من الأجناس والثقافات، إلا أن هذا الاختلاف الكبير لم يغير من قيمة مواطنة أي منهم، فالهندي يقال له هندي رغم تأصل جذوره عبر التاريخ، في حين يقال للأميركي أميركي رغم حداثة نشأة دولته.

قضية الهوية الوطنية ما هي إلا توافق على مجموعة من العناصر تتحكم فيها عوامل أخرى تعزز قيمة الولاء للأرض، وتضيف بُعداً آخر للمواطنة، أسواره الحقوق والواجبات، فترى الدول تسعى إلى رفع وتعزيز قيم الولاء، وتعمل جاهدة على تمكين هذه القيمة من خلال تطبيق التشريعات والقوانين لضمان بقاء واستمرار السلام الأهلي داخل المجتمع، وتدفع بالمواطن على العطاء.

اليوم هناك نفس غريب يتحدث عن الجنسية الكويتية دون أن يضع أي اعتبار لأثر هذا الطرح على اللحمة الوطنية ليوزع صكوك الولاء على تلك الفئة دون غيرها، قافزاً على التاريخ، ومهملاً المشتركات التي قد لا تجدها في كثير من المجتمعات، وهناك من يضع نفسه قيماً على المجتمع، وكأن الله لم يخلق غيره على هذه الأرض الطيبة رغم أن كل التجارب المريرة التي مرت على الكويت أثبتت أن هذا الشعب لم يعرف سوى الكويت وطناً.

يا ليت الحديث عن الهوية الوطنية ارتبط بقيم العطاء كمدخل للنهوض بالدولة، ويا ليت الحديث عن الهوية الوطنية آخذ منحى المحافظة على خيراتها، ويا ليت الحديث عن الهوية الوطنية طالب بتشريعات وقوانين تقي الكويت من شرور الفتن التي مازالت تعصف بدول كنا نظن أنها تحمل هوية وطنية واحدة!!

كم من مرة حذر العقلاء والحكماء من أبناء الكويت، وعلى رأسهم حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، من الانزلاق وراء المخاطر التي تحيق بالكويت من أفكار متطرفة كادت تكون نتائجها على الواقع مدمرة لولا عناية ولطف الله وعنايته وحكمة أهلها.

أكثر من ثلثي السكان من الأجانب عرباً وغير عرب لهم ثقافاتهم ومعتقداتهم الخاصة بهم، يعيشون على هذه الأرض الطيبة ولم يغيروا من هوية وثقافة المجتمع الكويتي، إذاً لماذا الخوف على الهوية الكويتية؟ ولماذا يصر البعض على ضرب إسفين الفتنة بين أبناء الوطن؟

حمى الله الكويت وشعبها من كل مكروه، ودمتم سالمين.