كلنا نتفق على اختلاف أسباب الحزن، وكلنا أيضاً متفق على أننا سواءٌ في هذه الحياة، تظلنا سماء واحدة، وتحملنا أرض واحدة مهما اختلف شكل السقوط، نحن شركاء في الوهن والكدر، كلنا وبلا استثناء يحمل في جعبته قصة مؤلمة تقفُ في حلقه كلما استذكرها أو اختلى بها مع نفسه، كل هؤلاء الناس من حولك لديهم من القصص ما يشبه ألمك أو أشد.

لست وحيداً ولست المبتلى المختار من بينهم، كلنا يعاني مع اختلاف الروايات، فلا كمال ولا هناء تاماً لأحد، تذكر ذلك جيداً، تذكر أيضاً تفاوت أوقات الألم والفرح، ففي الثانية ذاتها التي يموت فيها إنسان تولد أرواحٌ في مكانٍ آخر، وقياسا على ذلك يحدث معك، فقد تبكي اليوم وتضحك غدا، والعكس وارد بطبيعة الحال.

Ad

أذكر أن أمي، بعد كل سقوط أو وقوع لي، ورغم قلقها وخوفها عليّ، كانت تُربت على رأسي وتقول: "قاعدة تكبرين"، لم يسع استيعابي حينها الربط بين قصتَي الوقوع والنمو، ولكنني عرفتُ لاحقاً أننا لو لم نكن ننزعج كأطفال من تكرار السقوط لما تعلمنا المشي، وعرفتُ أيضاً أن السقوط غير لازم لأن تقع على الأرض، إنما أي موقف تُخذلُ فيه فهو حتماً سقوطٌ لك، ولولا ذلك الشعور ما كنت لتنهض أصلاً.

الحياة ليست مجرد ما تراه أعيننا أو نظنه عنها، الحياة هي كل ما يحدث وراء الكواليس بيننا وبين أنفسنا، تلك الأشياء التي تُحدثُ شروخاً وكسوراً داخل أفئدتنا، والتي لا يراها أحد، قد يسهم البكاء بعض الشيء، لكن ألمها أكبر من مجرد دموع تنهمر، هذه الأشياء تعترض كل شخص على هذه الخليقة، ومن لم يمر بها بعد فستكون هناك في مكانٍ ما تنتظره.

لا تجزع، فبعد تلك الصدمات الصاعقة جداً ستتغير، ستتغير فعلياً وكلياً، نعم ستولد من جديد، شخصاً لا يشبه ذاك الذي عُدِمْ، ستصبح شخصاً أرادك الله أن تلبسه، ستكون بخير لا عليك، فالعواصف لا تضرُ الزهور إن أرادت النمو ثانيةً، والفاصل هو شخصك، فهل تُريد الثبات أم الانهيار؟ وتذكر أن النفس أمارةٌ بالسوء، ونفسك هي التي توهمك بأنك المُبتلى الوحيد على هذا الوجود، فاحذرها!