انتفض أعضاء السلطة القضائية المصرية، أمس، رداً على إقرار البرلمان، في وقت متأخر مساء أمس الأول، مشروع قانون «الهيئات القضائية»، الذي يشمل: «قانون السلطة القضائية، وقانون هيئة مجلس الدولة، وقانون هيئة قضايا الدولة، وقانون هيئة النيابة الإدارية»، وهي القوانين المنوط بها تحديد آلية اختيار «رئيس محكمة النقض» و«رئيس مجلس الدولة» و«رئيس هيئة قضايا الدولة» و«رئيس هيئة النيابة الإدارية»، من دون أخذ رأي هذه الهيئات، بالمخالفة لنص المادة 185 من الدستور، التي تلزم السلطة التشريعية بأخذ رأي الهيئات القضائية في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونها.

التعديلات، التي وافق عليها البرلمان، تلغي مبدأ الأقدمية المطلقة في تولي هذه المناصب، وأن يكون الاختيار لرئيس الجمهورية من بين 3 نواب لرئيس كل هيئة وجهة قضائية، ترشحهم المجالس العليا لتلك الهيئات.

Ad

قضاة وحقوقيون مصريون، أصدروا أمس، عدة بيانات رافضة للقانون، أجمعوا فيها على أنه لم يتم أخذ رأي القضاة في التعديلات، على الرغم من تأكيد رئيس مجلس النواب علي عبدالعال، في جلسة برلمانية عامة، أمس الأول أنه: «تم أخذ رأي الهيئات القضائية في التعديلات»، إلا أن رئيس مجلس إدارة نادي «قضاة مصر»، المستشار محمد عبدالمحسن، أعلن رفضه للقانون، وصعد لهجته في تصريحات لـ «الجريدة» قائلاً، إن «اجتماعاً سوف يعقد غداً (اليوم الأربعاء)، يضم رؤساء أندية القضاة في مصر، لدراسة الموقف من التعديلات الجديدة، التي تمس استقلال القضاء وتخالف الثوابت القضائية الراسخة في تعيين رؤساء المحاكم».

عبدالمحسن، أصدر ناديه بياناً أمس، اعتبر فيه جميع الخيارات مطروحة بما فيها مخاطبة رئيس الجمهورية لعدم إقرار القانون، لافتاً إلى أن هناك مشاورات مع مجلس القضاء الأعلى للتوصل إلى موقف موحد يعبر عن جموع القضاة، وقال البيان: «القانون يجعل للسلطة التنفيذية دوراً في اختيارات رؤساء الهيئات والجهات القضائية، الأمر الذي يرفضه القضاة شكلاً وموضوعاً».

وفي حين تبادل قضاة في مجلس الدولة الدعوة لعقد جمعية عمومية للنادي، للرد على ما اعتبروه هجمة من البرلمان على استقلال القضاء، قال رئيس نادي مستشاري النيابة الإدارية المستشار عبدالله قنديل، إن أعضاء النيابة يرفضون القانون جملة وتفصيلاً وشكلاً وموضوعاً، بينما أعرب رئيس محكمة جنايات القاهرة المستشار عبدالستار إمام، عن دهشته من إصرار البرلمان على تمريره، واعتبرها تعديلات «تنتهك الدستور»، لافتاً إلى أنها تفتح الباب للمجاملات في اختيار رؤساء الهيئات.

عضو مجلس القضاء الأعلى ونائب رئيس محكمة النقض المستشار عادل الشوربجي، قال إن «المجلس أرسل الاثنين الماضي إلى البرلمان قرار المجلس برفض التعديلات»، مشيراً إلى وجود تنسيق وتواصل دائم مع نادي القضاة، بشأن الأزمة، وأضاف لـ«الجريدة»: «رفضنا لهذه التعديلات لن يتغير وسنحافظ على استقلال القضاء».

التعديلات الأخيرة، التي أقرها البرلمان على القانون، شملت 4 مواد، مضمونها أن يُعين رئيس الجمهورية، رؤساء الهيئات بقرار جمهوري من بين ثلاثة من نواب كل هيئة، ترشحهم الجمعية العمومية لكل هيئة، من بين أقدم سبعة نواب، واشتملت أيضاً على وجوب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس كل هيئة بستين يوماً على الأقل، وفي حال عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء تلك المدة، أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة، أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط، يُعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة نواب.

اعتراضات برلمانية

الإقرار المباغت للقانون على يد البرلمان، أثار استياء مجموعة من النواب، الذين حذروا من عدم دستورية التعديلات، لأنها بمنزلة «تغول» من السلطة التشريعية على السلطة القضائية، كما سجَّل نواب اعتراضهم على الطريقة، التي أقر بها رئيس المجلس علي عبدالعال القانون، حيث وصفوها بـ»غير الدقيقة»، إذ طالب عبدالعال من الحضور رفع أيديهم حال موافقتهم على القانون، ثم أعلن الموافقة على تمرير القانون دون حصر العدد الحقيقي للمصوتين.

عضو اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب، أبو المعاطي مصطفى، أكد لـ«الجريدة» أنه امتنع عن التصويت، ووصف إقرار القانون بـ«التغول الصريح» على السلطة القضائية، فيما قال النائب علاء عبدالمنعم، لـ«الجريدة»: «ما تم مخالف لنص المادة 185 من الدستور»، موضحاً أن المجلس لم يعط لنفسه الفرصة الكافية لمناقشة القانون، الأمر الذي وافق عليه النائب أحمد الشرقاوي، الذي أكد: «لم يتم الاعتداد بأراء الهيئات القضائية في هذا المشروع».

الفقيه الدستوري والقانوني، شوقي السيد، وصف تمرير القانون بـ»الخطيئة»، وأن إخراجه «شيطاني» ويستهدف إدخال البلاد في حالة من الجدل، خصوصاً أن التعديلات الأخيرة تمس استقلال القضاء وتُخالف الدستور.

وزير العدل الأسبق المستشار أحمد مكي، رفض القانون وقال: «إذا تم إقراره، فهذا يعني أن الدولة ترتد إلى الخلف، وبالتالي سيعتمد اختيار رؤساء الهيئات بشكل أكبر على تحريات الأجهزة الرقابية والأمنية، ما يخل بالمعادلة بين السلطات».

أقباط العريش

ميدانياً، وبينما أصيب مجند وثلاثة مدنيين في حوادث متفرقة شمال سيناء، نفت مصادر كنسية تصريحات نسبت إلى أسقف شمال سيناء للأقباط الأرثوذكس، الأنبا قزمان، الذي قال ـ خلال بيان رسمي أمس، إن بعض الأسر القبطية التي نزحت من مدينة العريش بدأت في العودة إليها مجدداً.

راعي كنيسة الأنبا بشوي في محافظة الإسماعيلية، يوسف شكري، نفى قطعياً عودة الأسر القبطية مجدداً إلى العريش، التي غادروها أواخر فبراير الماضي بسبب هجمات عناصر متشددة موالية لتنظيم (داعش - ولاية سيناء) الإرهابي، معتبراً تصريحات الأنبا قزمان للتهدئة، تستبق زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى البيت الأبيض، الأسبوع المقبل، كما نفى مصدر مُطلع في اللجنة التي شكلتها محافظة شمال سيناء لمتابعة الأسر القبطية النازحة، عودة أي من تلك الأسر إلى العريش.