أموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية هي في الأساس أموال المتقاعدين الذين قاموا بتسديدها أثناء فترة عملهم التي امتدت عقودا من الزمن، ولكنهم مع الأسف الشديد لا يعرفون عنها شيئاً، فهي تدار بمعزل عنهم، وكأنها ليست ملكا لهم.

ويعرف الجميع ما حصل في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من سرقات مالية، وفساد وتعارض مصالح خلال الفترة الطويلة التي تولى فيها المسؤولية مديرها العام السابق الذي يلاحقه القضاء حالياً في تهم عديدة، ومع أن المسؤولية لا تقتصر، مثلما ذكرنا من قبل، على المدير العام السابق الهارب بل تشمل أيضاً مجالس الإدارة خلال تلك الفترة، وأيضاً الإدراة العليا في المؤسسة، إلا أن الحكومة لم تقم بإصلاح إدارة المؤسسة وإعادة هيكلتها أو محاسبة أحد من القيادات العليا، بل إن معظمهم ما زالوا، إلى هذه اللحظة، يديرون أعمال المؤسسة.

Ad

لذلك فليس من المستغرب أن تستمر التجاوزات المالية والإدارية في المؤسسة، وأن تتكبد استثماراتها خسائر جديدة قد تؤدي إلى عجزها عن تأدية التزاماتها تجاه المتقاعدين، وهو ما كشفه مؤخراً النائب رياض العدساني، حيث ذكر أن "الإيرادات الفعلية لاستثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية انخفضت بنسبة 98% عن الإيرادات التقديرية للعام المالي الحالي، حيث بلغت الإيرادات الفعلية 21 مليون دينار، أما المقدرة فكانت تبلغ مليار دينار، وهو انخفاض نسبته 98%. وإيرادات الاستثمارات الفعلية في السنة المالية 2014-2015 كانت مليارا ونصف المليار دينار، وفي السنة المالية 2015-2016 كانت 21.5 مليونا فقط، مما يؤكد وجود تجاوزات وشبهات في المؤسسة". (القبس 24 مارس 2017).

وكما نرى فالخسائر المالية ضخمة، وهو ما سينعكس على قدرة المؤسسة على الاستمرار في دفع معاشات المتقاعدين، فهل تقوم الحكومة، هذه المرة، بمحاسبة مجلس الإدارة والإدارة العليا، ثم تبدأ بعملية إصلاح جذري لإدارة المؤسسة، أم أنها لن تحرك ساكنا؟ وهل سيقوم أعضاء مجلس الأمة بمساءلة الحكومة وتحميلها المسؤولية السياسية، أم أنهم سيكتفون، مثلما فعل أعضاء سابقون، بإطلاق التصريحات الصحافية التي تنتهي صلاحيتها في اللحظة ذاتها؟! وفي الجانب الآخر وهو الأهم، هل سيتحرك المتقاعدون باعتبارهم أصحاب الشأن والأموال للمطالبة بالإصلاح الإداري والمالي الجذري للمؤسسة، ومشاركتهم في الإدارة العليا لحماية أموالهم من الضياع، أم أنهم سيكتفون بقراءة أخبار التجاوزات والخسائر المالية في وسائل الإعلام، ثم ينتظرون حتى الإعلان الرسمي عن عجز المؤسسة عن دفع معاشاتهم التقاعدية؟!