سوف تواجه ماي شروطاً صعبة في مفاوضات الانسحاب. لقد حصلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على موافقة البرلمان على منحها سلطة الشروع في عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد أن خولتها الملكة المضي في هذه العملية.

وتبدو ماي في موقف مسيطر، أما خصومها الرئيسيون في حزب العمال فهم في حالة فوضى وتشتت وحزبها المحافظ يتقدم بـ 19 نقطة مئوية في استطلاعات الرأي، وهي تواجه القليل من المقاومة في سعيها إلى تحقيق خروج صعب ونظيف من الاتحاد.

Ad

وقالت بعد خروجها من اجتماع للاتحاد الأوروبي في بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر، إن هدفها يظل بناء «بريطانيا المستقلة الذاتية الحكم والعالمية التي دعا اليها البريطانيون».

لكن صورة ماي الواثقة قد لا تستمر. وعندما تطلق آلية الخروج عبر اللجوء إلى المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي – ربما قبل نهاية هذا الشهر – سوف تبدأ دقات الساعة للمضي في مفاوضات تستمر كحد أقصى سنتين حول شروط بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي ومستقبل الترتيبات التجارية. وسوف تخرج بريطانيا في نهاية تلك الفترة حتى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. ويقول النائب العام البريطاني السابق دومينيك غريف «أن ينتهي الأمر إلى عدم وجود اتفاقية مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك سيمثل تهديداً لوجودنا».

وعلى الرغم من ذلك، فكلما طالت المحادثات من دون اتفاقية؛ كلما ازداد الضغط على ماي من أجل القبول بأي شروط.

ويقول تشارلز غرانت من مركز الاصلاح الأوروبي، إن ذلك ينطوي على «فوضى اقتصادية، ولذلك إذا أرادت بريطانيا اتفاقاً نصف لائق فهي في حاجة إلى حسن النية من جانب شركائها».

والنية الحسنة ليست متوافرة بكثرة. وقد أظهرت مقابلات ووثائق مسربة أن قادة الاتحاد الأوروبي من برلين إلى بروكسل تعهدوا باتخاذ موقف موحد في المحادثات وضمان أن تخسر بريطانيا أكثر مما تكسبه من خلال الخروج من التكتل الأوروبي. وقالت ألمانيا، إن الاتحاد الأوروبي لن يتفكك أو يمنح الكثير من التنازلات إلى البريطانيين فيما حذرت الدنمارك من أن آمال ماي في تحقيق اتفاقية جديدة شاملة للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي قد تستمر إلى 15 سنة.

وحتى الحليفة التقليدية أيرلندا وقفت مع شركائها في الاتحاد الأوروبي في دفع بريطانيا إلى دفع رسوم الخروج.

وتأتي الفكرة المسبقة حول ما سوف تواجهه ماي في مذكرة تم توزيعها ضمن الحكومة الألمانية وحصلت «بلومبرغ» عليها.

وقد حثت المذكرة حكومات الاتحاد الأوروبي «على عدم السماح لأنفسنا بالانقسام، لأن الأولوية القصوى، يجب أن تكون حماية تماسك التكتل». كما شددت على جعل بريطانيا تشعر بالفارق بين الحياة داخل التكتل وخارجه. وخروج بريطانيا «بريكست»، سوف يعني درجة أقل من التعاون والتكامل الاقتصادي مقارنة مع عضوية الاتحاد الأوروبي.

كما أن بريطانيا سوف تعامل مثل «دولة ثالثة» بحسب الوثيقة. وهكذا سوف يمثل «بريكست» خطوة إلى الوراء سيكون لها تأثيرها على بريطانيا.

وحتى قبل بدء المحادثات تأهبت الحكومة البريطانية ضد الاتحاد الأوروبي وكبير مفاوضيه إلى محادثات «بريكست» مايكل بارنير بشأن اقتراحه بأن تدفع المملكة المتحدة ما يصل إلى 60 مليار يورو (64 مليار دولار) من أجل تغطية ما تدين به إلى بقية دول الاتحاد الأوروبي. وتشمل المسؤوليات القانونية على قائمة بارنير تقاعد مسؤولي الاتحاد الأوروبي والالتزامات المتعلقة بمشاريع البنية التحتية والسياسات المالية مثل عملية انقاذ أيرلندا.

ووصف أحد كبار وزراء ماي طلب بارنير «بالسخف» فيما دعاه وزير الخزانة البريطاني السابق نايغل لوسن إلى «طلب فدية».

وأصر بارنير على أن توافق ماي على الدفع، قبل أن يناقش حتى منحها اتفاقية تجارة حرة مع السوق الواحدة في الاتحاد الأوروبي.

ووقفت ألمانيا إلى جانب بارنير في القول، إن خروج بريطانيا من التكتل يجب أن يتم ترتيبه قبل مناقشة علاقة تجارية جديدة.

وتفضل بريطانيا إجراء المحادثات بصورة متوازية – وقالت ماي في اجتماع بروكسل، إنها لا تزال تهدف إلى «اتفاق جيد وشامل»، وإنها تعمل نحو موعد نهائي مدة عامين. كما أنها ألمحت إلى أنها لم تكن تتحدث بالضرورة عن اتفاق تجاري يتم إبرامه بحلول ذلك الوقت بل مجرد «إطار عمل» فقط.

وتقول ماي، إن المفاوضات إذا انهارت فإنها سوف تنسحب من دون إطار عمل تجاري جديد بدلاً من قبول اتفاق سيئ.

ويقول مالكولم بار وهو اقتصادي لدى بنك «جي بي مورغان تشيس آند كو»، إن هذا كله «يجعل احتمال الانفصال المعطل مصدر قلق عال».

وسوف يتعين على ماي أيضاً معالجة التهديدات المتصاعدة ضمن المملكة المتحدة. وتطالب حكومة اسكتلندا بإجراء استفتاء جديد على الاستقلال تريد أن تجريه قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيما تتعرض الإدارة، التي تتشاطر السلطة في ايرلندا إلى خطر.

ويقول مجتبى الرحمان وهو المدير الإداري لدى مجموعة «أوراسيا» الاستشارية السياسية، «إن السياسة تكاد تصبح أكثر صعوبة شكل حاسم».