إن كنا نريد حل مشكلة أزلية فعلينا أن نُشخصها أولاً، وأن نكون مستعدين لعمل ما هو صحيح لحلهـا جذرياً، فما زالت، للأسف، ديمقراطيتنا تحبو طوال 55 عاماً، ولم نوصلها للمكانة التي تستحقها، والخلل في وجود مشكلة دستورية لم نجرؤ على طرحها، لذلك سأركز على معضلة دستورية علينا إنهاؤها وهي إجرائية لا موضوعية.

فقد أجاز أجدادنا وآباؤنا المؤسسون عندما وضعوا دستور المجلس التأسيسي عام 1962، وفي مذكرته التأسيسية، أنه لا مانع من تعديل الدستور بعد مضي خمس سنوات لمزيدٍ من المكتسبات الشعبية، والحريات، وبعد مرور 55 عاماً على صياغة الدستور للأسف لم نراجع سلبيات ديمقراطيتنا التي أصبحت «حولة وعرجة» بسبب وجود الثلث المعطل الذي يتمثل بالحكومة، فكيف تصوّت الحكومة على إقرار القوانين وانتخابات رئيس المجلس وهيئة مكتب المجلس واختيار أعضاء اللجان؟ وهي تملك ثلثاً معطلاً للمجلس، ويملك الشعب ثلثين، وهو ما يجعل الوضع السياسي غير مستقر؟!

Ad

ومنذ 2003 لم تمض ثلاثة أعوام على أي مجلس، وبمراجعة كثير من الخبراء للحالة السياسية الكويتية وجدوا أن السبب الرئيس هو أن ديمقراطيتنا منقوصة بسبب الثلث الحكومي المعطل، فنتمنى تعديل المواد الدستورية التي تُتيح للحكومة التصويت تحت قبة البرلمان، إذ لا توجد حكومة في العالم تشارك في التصويت على قرارات المجلس، بل يفترض أن تكون الحكومة مستمعة ولا تصوت، وأتمنى كذلك زيادة أعضاء مجلس الأمة ليصبحوا 66 والحكومة إلى 22، فلا يمكن أن تستقيم ديمقراطية تكون الحكومة جزءاً من برلمانها.

فهل يستطيع أعضاء مجلس الأمة تعديل ذلك الخلل؛ لكي تكون ديمقراطيتنا صحيحة؟ إننا نطالب الأعضاء المنتخبين من الشعب أن يكونوا رجال دولة، ولو أننا افتقدنا رجال الدولة بالسلطتين في الوقت الحالي فالوزير أو النائب هو رجل دولة سياسي يمارس عمله من خلال رؤية علمية وسياسية يمكن تطبيقها على أرض الواقع، وليس موظفا يُدار بتعليمات وأوامر.

الكويت تستحق منا عمل الكثير، ومن يعتقد أنها ستصبح مركزاً مالياً وتجارياً مع وجود هذه العقليات الحكومية والبرلمانية فهو واهم، فهذه العقليات لا ترتقي لبناء دولة ذات مركز مالي وتجاري، لأن أعضاء السلطتين تنقصهم الإرادة القوية لاتخاذ قرارات سياسية حاسمة.

في الختام أتمنى لوطني الكويت وشعبها الكريم التوفيق والسداد، وحفظها الله من كل مكروه.