حسمت محكمة جنح التمييز، برئاسة المستشار محمد الخلف، وعضوية المستشارين عدنان الجاسر وأحمد البحري وعبدالله الجمهور وياسر جلال، مصير الطعون التي تقام من الادعاء العام والنيابة العامة على الاحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة والتي تنتهي بالبراءة.

وأكدت المحكمة أحقية النيابة العامة والادعاء العام التابع للادارة العامة للتحقيقات في الطعن على الأحكام الصادرة بالبراءة من محكمة الجنح المستأنفة أمام محكمة جنح التمييز، على عكس التعميم الذي أصدرته النيابة العامة على خلفية حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية فترة الحبس من المادة 200 مكرر من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، والتي رأت النيابة العامة في تعميمها بعدم تمكنها من الطعن أمام محكمة جنح التمييز إلا على الأحكام الصادرة بالحبس أو الغرامة، رغم أن حكم المحكمة الدستورية الغى فترة الحبس من المادة، ما يعني جواز الطعن على كل الاحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة ايا ما كان حكمها بالبراءة أو الادانة لأي طرف من أطراف الدعوى سواء المحكوم عليه او النيابة العامة.

Ad

طريق غير مباشر

وقالت دائرة جنح التمييز في محكمة الاستئناف إن الادعاء العام التابع للادارة العامة للتحقيقات لا يمكنه الطعن مباشرة أمام دائرة جنح التمييز، وانما من خلال طريق غير مباشر عبر تقديم طلب الى النائب العام او المحامي العام الأول للطعن على الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة.

وأكدت أن الطعن المقام من الادعاء العام تم على نحو مباشر، ومن ثم فإنه لا يعد مقبولا لمخالفته أحكام المادة 200 مكرر من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، مشيرة الى أن الادعاء العام التابع للإدارة العامة للتحقيقات أسند الى المتهمين الثلاثة حيازتهم لمستندات مملوكة للمجني عليه والمسلمة اليهم على سبيل الأمانة.

وقضت محكمة اول درجة حضوريا ببراءة المتهمين الثلاثة من التهم المنسوبة إليهم من الادعاء، وقررت إحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المختصة، فاستأنف الادعاء العام الحكم وكذلك المدعي بالحق المدني، فأصدرت محكمة التمييز المستأنفة حكما بتأييد براءة المتهمين وبعدم جواز استئناف المدعي بالحق المدني، ثم طعن الادعاء على الحكم الصادر أمام محكمة جنح التمييز، وكذلك المدعي بالحق المدني، فأصدرت محكمة الجنح المستأنفة حكما بتأييد ببراءة المتهمين بعد جواز استئناف المدعي بالحق المدني، ثم طعن الادعاء على الحكم الصادر أمام محكمة جنح التمييز، وكذلك المدعي بالحق المدني على الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة.

الإجراءات والمحاكمات

وعن الطعن المقام من الادعاء العام التابع للإدارة العامة للتحقيقات على الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة ببراءة المتهمين قالت المحكمة إنه «وحيث جرى نص المادة 200 مكرر من القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 2003 على أن «لكل من النائب العام او من يفوضه من المحامين العامين من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب الادعاء العام، وللمحكوم عليه والمسؤول عن الحقوق المدنية أو المدعي بها الطعن في الاحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة، امام محكمة الاستئناف العليا- بهيئة تمييز- طبقا للحالات والمواعيد والاجراءات المقررة للطعن بالتمييز والطعون الجزائية المنصوص عليها في القانونين رقمي 17 لسنة 1960 و40 لسنة 1972 والمرسوم بالقانون رقم 38 لسنة 1980 المشار اليه....».

وتابعت ان مفاد ذلك ان من له حق الطعن بالتمييز طبقا لتلك المادة هو النائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين، وأن المشرع خول لهم حق الطعن بالتمييز، أما من تلقاء انفسهم او بناء على طلب يقدمه اليهم الادعاء العام إذا شاء الطعن بالتمييز.

حق الطعن

وأضافت المحكمة ان ذلك يشير الى أن الادعاء العام ليس له حق الطعن بالتمييز مباشرة على تلك الاحكام، وانما يتولد له هذا الحق بطريق غير مباشر عبر طلب يقدم به الى النائب العام او احد المحامين العامين المفوضين من قبل النائب العام بالطعن بالتمييز عليها.

وأوضحت: «لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على تقرير الطعن بالتمييز ان المقرر بالطعن بالتمييز به هو الادعاء العام غير المخول بالطعن بالتمييز طبقاً لنص المادة سالفة البيان، فمن ثم يكون الطعن قد قرر به من غير ذي صفة، مفصحاً عن عدم قبوله شكلا، وهو ما يتعين القضاء به.

وكان الطعن المرفوع من الادعاء العام مذيلا بتوقيع مستشار بدرجة رئيس نيابة في النيابة العامة وليس من قبل النائب العام أو أحد المحامين العامين في النيابة العامة.

الولاية الجزائية

وعن الطعن المقام من المدعي بالحق المدني، قالت المحكمة: «وحيث ان ولاية المحكمة الجزائية تقتصر بحسب الأصل على نظر ما يطرح أمامها من جرائم، واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من هذا الاصل، مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي يقام عليه كل منهما، ومشروط فيه الا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجزائية، بحيث لا يصلح رفعها استقلالا امام المحكمة الجزائية، ومؤدي ذلك ان المحاكم الجزائية لا يكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية، متى كان الفعل محل الدعوى الجزائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعا لها غيرَ معاقب عليه قانونا، مما تنتفي معه الجريمة، ويتعين عليها في هذه الحالة ان تقضي بعدم اختصاصها، وأما اذا كان القضاء بالبراءة في صدد الدعوى الجزائية قد اقيم على عدم ثبوت الجريمة في حق المتهم او صحة نسبتها اليه، فإنه يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية».

وأشارت الى انه ولما كان الحكم المطعون فيه، وعلى السياق الوارد به، قد قضى ببراءة المطعون ضدهم؛ لعدم الاطمئنان الى صحة ثبوت الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى، وليس لأن الواقعة المسندة اليهم لا عقاب عليها لانتفاء الجريمة، فإن مقتضى هذا القضاء هو رفض الدعوى المدنية.

حالات الطعن

وتابعت المحكمة: «وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية فإنه يكون قد اخطأ صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، مما كان يؤذن لهذه المحكمة تصحيحه بالقضاء برفض الدعوى المدنية، الا انه لا يسع المحكمة ذلك، حتى لا يضار الطاعن بطعنه نزولا على حكم الفقرة الثانية من المادة 18 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته».

وأضافت: «لما كان ذلك، وكان من المقرر ان المدعي بالحق المدني لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجزائية او التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها، وانما يدخل فيها بصفته مضرورا من الجريمة التي وقعت طالبا تعويضا مدنيا عن الضرر الذي لحقه، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجزائية الا في تبعيتها لها. ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره من ان الحكم المطعون فيه لم يكيف الدعوى الجزائية تكييفا صحيحا، او ما ينعاه بشان الدعوى الجزائية».

وبينت المحكمة في حكمها أنه لما كان الاصل طبقا لنص المادتين 9 و10 من القانون رقم 40 لسنة 1972 في شأن حالات الطعن بالتمييز واجراءاته هو انه لا يجوز ابداء اسباب اخرى امام المحكمة غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد، فإن ما أثاره الطعن في مذكراته ومستنداته المقدمة امام هذه المحكمة بهيئة تمييز وبعد فوات الميعاد المحدد بالقانون، غير مقبول.