أكدت محكمة التمييز الادارية، في الطعن المقام من نادي الشباب ضد هيئة الشباب والرياضة برئاسة المستشار محمد الرفاعي، على ضرورة إلزام الهيئة بإصدار تعميم جديد للقانون الصادر قبل نحو 12 عاما سابقة، وذلك لعدم صلاحية التعميم الصادر منها عام 2007 وإلزامها بإصدار لائحة لتنفيذ قانون الاحتراف الرياضي، لعدم وجود لائحة معتمدة من مجلس إدارة الهيئة حتى الآن، وأن الورقة التي قدمتها الهيئة على أنها لائحة تختلف عن الورقة التي قدمها الخصم نادي الشباب، والمحكمة لا تعتد بها لاختلافهما وعدم توقيع أي منهما من مجلس إدارة الهيئة.

وفجرت محكمة التمييز مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشفت عن تطبيق الهيئة لخطأ في صرف المبالغ المالية لعقود الاحتراف للاعبين بأن القانون رقم 49 لسنة 2005، لأن التعميم الصادر منها والموجه للأندية مخالف للقانون.

Ad

وقالت إن التعميم الصادر أعفى الأندية من شرط إفراغ العلاقة بينها وبين لاعبيها المحترفين في صورة عقد احتراف وفقا للنماذج التي وضعها، مكتفيا بما ورد بالبند الثاني منه، بأن تقوم الأندية بتزويد الهيئة العامة للشباب والرياضة في بداية كل سنة مالية بكشوف بأسماء اللاعبين المحترفين في مختلف اللعبات للفرق الأولى للنادي، موضحا بها البيانات التي حددها مقابل أن تقوم الهيئة، وفقا للبند الثالث منه، بتحويل المبالغ المخصصة للاعبين المحترفين الى الأندية الرياضية على ضوء هذه الكشوف بالطريقة التي حددها، ومن ثم يقع ما قرره في هذا الشأن في حومة عدم المشروعية لمخالفته القانون.

الاحتراف

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن النص في المادة الرابعة من القانون رقم 49 لسنة 2005 المشار اليه، على أن يحدد مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة الألعاب الرياضية التي يشملها نظام الاحتراف، ونوع الاحتراف الذي يتم تطبيقه، سواء كان كليا أم جزئيا، ويصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة (المدير العام) اللائحة الخاصة بنظام الاحتراف في كل لعبة بناء على اقتراح الاتحاد الرياضي للعبة، وموافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة، كما يصدر القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون مؤداه أن المشرع قد ناط برئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة (المدير العام) إصدار اللائحة الخاصة بنظام الاحتراف في كل لعبة بناء على اقتراح الاتحاد الرياضي للعبة، وبعد موافقة مجلس إدارة الهيئة، كما عهد إليه بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون، وإذ لم يثبت نشر اللائحة التنفيذية للقانون، وكانت الصورتان الضوئيتان اللتان يحتج بهما طرفا الدعوى - بغض النظر عن اختلاف صياغتهما في عدة مواضع - لا تتضمنان ما يفيد موافقة مجلس إدارة الهيئة، بل خلا كل منهما مما يفيد صدورها عن رئيس مجلس إدارة الهيئة أصلا، فضلا عن خلوهما من تاريخ صدورهما، ومن ثم فلا يتحقق لأي منهما وصف اللائحة التنفيذية للقانون، بل ولا يعتبر ما تضمنتاه من أحكام من قبيل القواعد القانونية الملزمة التي يمكن الاحتجاج بها أو الاستناد اليها، مما تلتفت معه المحكمة عنهما.

وقالت التمييز في حكمها، إن "رئيس مجلس إدارة الهيئة المذكورة، إذ أصدرت بتاريخ 23/9/2007 التعميم رقم 547 لسنة 2007 بشأن تقيد الأندية الرياضية بضوابط صرف رواتب اللاعبين المحترفين في المجال الرياضي، فإن تقدير مشروعية هذا التعميم يكون في حدود مدى اتفاقه مع احكام القانون رقم 49 لسنة 2005 المشار إليه، بحيث لا يتضمن خروجا على نطاقها، سواء بالزيادة عليها أو الانتقاص منها، التزاما بحدود التفويض التشريعي، والتزاماً بقاعدة تدرج التشريعات، التي تقضي بأن نسخ التشريع لا يكون إلا بتشريع آخر في مثل منزلته أو أسمى منه، وأن ما ورد النص عليه في القانون لا يمكن تعديله أو إلغاؤه إلا بقانون، ولا يجوز تعديل أو إلغاء نص تشريعي عادي بنص تشريعي فرعي، وترتيباً على ما تقدم فإن مواطن مخالفة هذه الأطر أينما وردت بالتعميم المشار اليه تغدو غير مشروعة".

رواتب

وحيث إن النص في المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 2005 المشار إليه على انه "يقصد في هذا القانون بالمصطلحات الآتية المعاني الموضحة قرين كل منها:

الاحتراف الرياضي: هو ممارسة النشاط الرياضي كمهنة أو حرفة، يباشرها اللاعب بصفة منتظمة، بهدف تحقيق عائد مادي وفق عقود الاتفاق على شروطها مسبقاً.

اللاعب المحترف: هو اللاعب الذي يتقاضى لقاء ممارسته اللعب مبالغ مالية كرواتب أو مكافآت بموجب عقد محدد المدة بينه وبين النادي.

عقد الاحتراف: هو عقد محدد المدة يتعهد بمقتضاه اللاعب بأن يقدم النادي الرياضي المتعاقد معه كل وقته أو جزءاً منه بالنسبة للاحتراف الجزئي وقدراته الفنية والبدنية لقاء أجر معين متفق عليه. والنص في المادة الثانية على أنه يجوز للاندية التعاقد مع اللاعبين المحترفين لمزاولة النشاط الرياضي المحدد بعقد الاحتراف.

وقالت المحكمة إن النص في المادة الخامسة ينص على انه "على رئيس مجلس الوزراء والوزراء -كل فيما يخصه- تنفيذ احكام هذا القانون، ويعمل به بعد شهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، على أن تصدر القرارات واللوائح المتضمنة لشروط النادي الممارس للاحتراف والموارد المالية اللازمة للصرف على عقود الاحتراف وشروط احتراف اللاعب ونماذج عقد الاحتراف له خلال ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، مؤداه أن المشرع حينما قدر تنظيم موضوع الاحتراف الرياضي وضع إطاراً محدداً له هو ممارسة النشاط الرياضي كمهنة أو حرفة يباشرها اللاعب المحترف بصفة منتظمة، بهدف تحقيق عائد مادي كرواتب أو مكافآت، وذلك وفق عقد احتراف محدد المدة يتعهد بمقتضاه اللاعب بأن يقدم للنادي الرياضي المتعاقد معه كل وقته أو جزءاً منه (بالنسبة للاحتراف الجزئي) وقدراته الفنية والبدنية لقاء أجر متفق عليه".

لوائح وقرارات

وأضافت "أجاز المشرع للاندية التعاقد مع اللاعبين المحترفين لمزاولة النشاط الرياضي المحدد بعقد الاحتراف، وأوجب إصدار اللوائح والقرارات المتضمنة لشروط النادي الممارس للاحتراف والموارد المالية اللازمة للصرف على عقود الاحتراف وشروط احتراف اللاعب ونماذج عقد الاحتراف له خلال ستة أشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية، فرسم المشرع بذلك -بعبارات واضحة- شكل العلاقة التي يجب ان تربط بين اللاعب المحترف وبين النادي بأنها علاقة تعاقدية يحكمها عقد محدد المدة يتضمن الالتزامات المتقابلة لطرفيه، حفاظاً على حقوقهما وحق الدولة في آن معا، فربط بين صرف الموارد المالية وبين وجود مثل هذه العقود التي تبرم على غرار النماذج التي اوجب إصدارها ومن ثم تكون هذه العقود هي الإطار الذي حدده المشرع لشكل هذه العلاقة، ودليل اثباتهما في مجال الصرف عليها من الموارد المالية المخصصة لذلك، وبغير هذه العقود لا محاجة بقيام هذه العلاقة".

الدعم المالي

وذكرت "ترتيباً على ما تقدم فإن انطباق احكام القانون المشار اليه في شأن استحقاق الأندية للدعم المالي من الموارد المخصصة للصرف على عقود الاحتراف يدور وجوداً وعدماً، مع قيام النادي بإبرام مثل هذه العقود مع لاعبيه المحترفين من عدمه".

وأوضحت المحكمة انه يبين من استقراء بنود التعميم المشار اليه انه جاوز حدود التفويض التشريعي المقرر بالقانون رقم 49 لسنة 2005 المشار اليه في صورة عقود احتراف، وفقاً للنماذج التي يتم وضعها مكتفياً -على ما ورد بالبند الثاني منه- بأن تقوم الأندية بتزويد الهيئة العامة للشباب والرياضة في بداية كل سنة مالية- بكشوف بأسماء اللاعبين المحترفين في مختلف اللعبات للفرق الأولى للنادي، موضحا بها البيانات التي حددها مقابل ان تقوم الهيئة -وفقاً للبند الثالث منه- بتحويل المبالغ المخصصة للاعبين المحترفين إلى الأندية الرياضية على ضوء هذه الكشوف بالطريقة التي حددها، ومن ثم يقع ما قرره في هذا الشأن في حومة عدم المشروعية لمخالفته ما ورد النص عليه في القانون، ولا يستقيم بذلك سند تشريعي للمطالبة بالدعم المالي المقرر بالقانون.

واقعة الدعوى

بينت محكمة التمييز في ختام حكمها أن واقعة الدعوى قد خلت من ثمة عقود تثبت تعاقد النادي المستأنف عليه مع اللاعبين الواردة أسماؤهم بالكشوف المقدمة إلى الهيئة، والتي لا ترقى دليلا على تعاقدها مع هؤلاء اللاعبين في مجال اعمال أحكام القانون رقم 49 لسنة 2005 المشار اليه، فمن ثم تكون مطالبته بمبلغ الدعم المالي محل النزاع غير قائمة على سند صحيح من الواقع والقانون، بما يجعل دعواه خليقة بالرفض، وإذا خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون جديراً بالإلغاء، ويتعين -من ثم- القضاء برفض الدعوى».

وكانت إدارة نادي الشباب رفعت دعوى قضائية ضد إدارة هيئة الرياضة تطالب بمبلغ 580 ألف دينار على سند عام صرفاً من قبل إدارة الهيئة أواخر عام 2009 ومطلع عام 2010، بالمخالفة لأحكام القانون واللائحة الخاصة به، والتعميم الصادر من الهيئة، وكانت محكمة أول درجة قررت الزام الهيئة بسداد المبلغ للنادي، إلا أن محكمة الاستئناف ألغت الحكم وقررت رفضه، ثم قررت "التمييز" تأييد رفض الدعوى مع إضافة اسباب جديدة تفيد خلو القانون من اللائحة، وكذلك مخالفة التعميم الصادر من الهيئة للقانون، وعدم تقديم النادي العقود المبرمة مع اللاعبين للحصول على دعم الاحتراف.