رفع الوعي البيئي بين أفراد المجتمع يتطلب الكثير من العمل، فمهما تطور المجتمع تظل الحاجة للثقافة البيئية مستمرة لفهم مستجدات ما تفرزه المدنية من ملوثات، لذلك دار تعريف البيئة حول علاقة الإنسان بمحيطه الذي يعيش فيه وقدرته على التفاعل والتكيف مع مكوناته من هواء وماء وتربة ضمن قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، فإن كان التدخين في الأماكن المغلقة مجرّماً فبكل تأكيد رمي مخلفات المجاري في البحر والمسطحات المائية دون معالجتها جريمة لا تغتفر.

لقد أصدرت دولة الكويت تشريعات صارمة على المخالفين من الأفراد والمؤسسات الأهلية والحكومية كإجراء ساهم بشكل كبير في الحد من التعدي على البيئة، وإلى لفت الانتباه حول أهمية السلامة البيئية، إلا أن هذا الإجراء لن يكون قادراً على نشر الثقافة ما لم يصاحبه برامج تساعد المجتمع على الممارسة الصحيحة والسليمة، فالقضية ليست بعدد المخالفات التي تفرضها الهيئة بقدر ما هو تقويم لسلوك المجتمع حول أهمية الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية.

Ad

كمختص ومتابع للشأن البيئي حاولت الاستفسار من بعض مسؤولي الهيئة العامة للبيئة عن سبب قلة برامج التثقيف والتوعية، وهنا أقصد الحملات الوطنية التي يحتاجها المجتمع أفراداً ومؤسسات لنشر الثقافة البيئية، فكانت الإجابة بسبب "ضعف الإمكانات المادية".

إن صحت المعلومات حول ضعف الموارد المالية فهناك الكثير من الأليات التي من الممكن أن تساهم في توفيرها منها وعلى سبيل المثال:

- رفع المخصصات المالية لبند التوعية الصحية عند إعداد ميزانية الهيئة العامة للبيئة.

- تخصيص جزء من مواد الصندوق البيئي لدعم الأنشطة البيئية للتوعية التي تقوم بها الهيئة.

- فرض أو تحويل جزء من الرسوم المفروضة على الشركات والمؤسسات العاملة بالمجال البيئي سواء الحكومية أو المملوكة للقطاع الخاص لدعم مشاريع الهيئة التثقيفية.

موضوع السلوك البيئي لم يعد حالة من الترف، فهو أحد مؤشرات تقدم الدول ورقيها، فالعالم لم يعد قرية صغيرة بالفضاء البيئي، ولأجل ذلك تداعت الأمم المتحدة بوضع مبادرات وبروتوكولات تفاهم ملزمة للدول الأعضاء تجبرها على تطبيق معايير الجودة البيئية، حيث ساهمت الاتفاقيات في معالجة الكثير من الممارسات الضارة بالبيئة.

الكويت مقدمة على مشاريع عملاقة تتطلب الجهود المبذولة في مجال التوعية البيئية لا يتناسب مع دور هيئة البيئة، فالكويت سباقة في العمل البيئي، ومن أولى الدول بمنطقة الخليج العربي التي اهتمت بالقضايا البيئية، ولها الفضل في الكثير من المبادرات التي كان آخرها إنشاء مركز لإدارة الكوارث البيئة، هذا المركز الذي صنعت فكرته الكويت وكان بإمكانها احتضان مقره!!

الثقافة البيئية مطلب وطني، والهيئة العامة بحاجة إلى الدعم المالي والمعنوي، فكما قلت في بداية المقال القضية ليست تطبيق القانون، بل ثقافة وسلوك مجتمع.

ودمتم سالمين.