على غير عادتي، سأحتفل هذا العام بعيد الحب معك، هنا سنفترش ورق الكلمات الأخضر، وأمام أعين كل القراء وعابري السطور، سنحتفل معاً، تحت سماء الحبر الأزرق، سنحفر ثغرة للقمر على مقاس وجهك، وأخرى على مقاس قلبك للشمس لو طال بنا السهر وفاجأنا النهار!

كنت وحتى سنة خلت، أسخر من فكرة عيد الحب، وعلى قناعة بأن الحب يمقتها ويراها حفلة تنكرية أكثر من أن تكون صورة له، كنت أظنها أقرب ما يكون لصورة مقتبسة من رسومات الأطفال المتحركة، لا تليق بطفولة الحب! وهذا اللون الأحمر الناري الشرس لماذا هو من بين ألوان جنائن الحب الأخرى الخلابة؟! ولماذا يتصرف الناس في هذا اليوم ببلاهة، كمن يعيد تمثيل مسرحية حب هزلية، مثيرة للشفقة، لا يضحك فيها سوى الممثلين أنفسهم... على أنفسهم، فيما يبكي عليهم المتفرج رثاء. الحب لا يختصر برموز تعبِّر عنه صورة أو فعل أو كلمة، ولا يحشر زمنه في يوم، هذا الورد الأحمر البهيّ يصبح غبياً لا معنى له سوى أنه يوم تسويقه، وتلك الهدايا تصبح ساذجة بين المحبين لا قيمة لها ولا تعني أنها اختيرت من محب يعشق من يحب فقط لأنه يحبه، إنما اختيرت الهدية لأن عرضها صادف مهرجاناً للحب يقام في يوم معين من كل عام يسمى "عيد الحب"، كما يحدث كثيرا في "البازارات" ومواسم التخفيضات، أي قيمة يراها الحب في تلك الهدايا التي يوزعها "بابا نويل" بذلك اليوم؟! أي رسالة تريد أن تقولها، غير تلك الرسالة المصبوغة بذلك اللون المسكين؟! كنت إلى يوم أمس أضيق كرهاً بعيد الحب، اليوم سنحتفل معا هنا بهذا اليوم.

Ad

سنمارس الحب هنا معا، ليس كمن يؤدي دورا في مسرحية مكررة مملة، إنما سنفعل ذلك كمن يعيد فعل جريمة، سنرتكب ذات الأفعال التي نفعلها بلا مناسبة بيننا، سنختار ما استطعنا أن نجمِّل به أفعالنا مع بعضنا، ونعرضها في هذا اليوم على الحب، لن نعبِّر عن الحب بصور رمزية أو أفعال أو كلمات، إنما سنعبِّر عنّا، نفعل ذلك كمن يجري فحصاً دورياً لسلامته العاطفية بشكل منتظم حتى يطمئن.

في هذا اليوم سنمارس هنا بعضاً مما يمارسه الكثير، لكن لنكشف على صحة حبنا، سنخلع كل أرديتنا التي نختبئ خلفها وتسترنا، سنجلس هنا أنا وأنت مكشوفين، عراة قلوبنا للحب، ليجري فحصه الشامل لها، يقيس فيها سريان مشاعرنا لبعضنا، وحرارة شوقها في القرب وفي البعد، وتحليلاً دقيقاً للرحمة فيها، ومدى حبها للموسيقى والأغاني والشعر وكل ما فيه فن، يقيس مدى إحساسها بكل ما هو جميل، وكيفية ردة فعلها عند كل قبيح، يعدّ كل حبة رمل فينا، كم عشبة خضراء حولها، سنترك الحب اليوم يجري كل ما يحتاجه منّا من فحوصات وتحاليل عاطفية، لنطمئن على سلامة حبنا.

على يقين أن الحب عند اعلامنا بالنتائج سيقول: كان يمكن الاكتفاء بأحدكما!