يحتد د. علي الوردي على الفيلسوف الفارابي بالقول: "من أين جاء الفارابي بهذه الأفكار؟، حيث يقول: إن المدينة الفاضلة تُشبه البدن الصحيح، ولما كان العضو الرئيس في البدن هو القلب وبصلاحه تصلح بقية الأعضاء، فلابد أن يكون في المدينة الفاضلة رئيس فاضل كذلك، وإلا فإن المدينة تسير في سبيل الهلاك".

• ما يدل على أن الوردي يرفض تشبيه الفارابي، ويعتبر أن "المعلم الثاني" أخذ هذا المثال في مدينته الفاضلة من جمهورية أفلاطون، وهو أستاذ المعلم الأول "أرسطو".

Ad

ويرى الوردي أن الفلاسفة الإغريق، وبالذات أفلاطون، إنما هم من طبقة السادة ومُلاك العبيد، وكانوا يعيشون بعيداً عن هموم الناس وعن واقع الحياة، ويركز في ذلك على أفلاطون وتلميذه أرسطو... مع أن الوردي يعترف للفلسفة الإغريقية بأنها قدحت زناد الفكر للبشرية، يوم طرحت تساؤلات وجودية عن سر هذا الكون، ويوم كسرت ما كان سائداً من خرافات وشعوذة أسحار كهنوت، حيث دفع أستاذهم سقراط حياته ثمناً في سبيل ذلك.

• ورسالة الوردي للدكتوراه عن ابن خلدون جعلته يتبوأ موقعاً متميزاً في علم الاجتماع المعاصر بالعالم العربي، بعدما أثبت أن هذا العلم يجب أن يأخذ مكانه في تطور المجتمعات العربية، وألا يُنظر إليه كما يُنظر إلى طب الرازي، وتنجيم الطوسي، وكيمياء جابر بن حيان، إنما هو علم مهمته العمل على تطوير الشعوب، فإذا تعاملنا معه من هذه الزاوية فسندرك مدى حاجتنا إليه في هذا الزمن الراهن تحديداً.

• وكتب د. الوردي عن مقدمة ابن خلدون: ما يؤكد أنه مؤسس علم الاجتماع في ميادين التاريخ والاقتصاد والسياسة، ويعتبره لم يؤسس مقدمته على أرضية لاهوتية، كالقديس أوغسطين مثلاً، ولا على أرضية أيديولوجية، كما عند مونتيسكو وغيره من أصحاب النظريات الفلسفية الأخرى.

ويقول: صحيح أن ابن خلدون لم يكن فيلسوفاً، لكن ما طرحه من آراء في مقدمته لا يقل فيه عن ابن رشد أو هيجل وغيرهما، ويعتبره أقرب ما يكون إلى المؤرخ الذي يتفلسف.

• أحببت في هذه السطور القليلة أن يشاركني القراء في المتعة التي وجدتها في كتاب "دراسة في سيسيولوجيا الإسلام" للدكتور علي الوردي، وهي رسالته للماجستير.