"الجريدة" التقت عددا من الشباب المؤسسين لمشاريع اقتصادية صغيرة ومتوسطة للاطلاع على تجاربهم ورصد أبرز المعوقات التي واجهتهم وأساليبهم في التغلب عليها، إذ أكد المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "بريلينت لاب"، ندا الديحاني أنه يجب على الشباب الإقدام على تنفيذ المشاريع التي يحلمون بها، بعد عمل الدراسات اللازمة، وعدم التردد أو الاستسلام للمخاوف من الفشل وعدم الوصول للأهداف المنشودة، مؤكدا أن التجربة العملية هي السبيل للمعرفة وثقل الخبرات الحياتية، وكذلك الرغبة في الاستمرار والحماس ستقويان مع الوقت بفضل الخبرات والمهارات المكتسبة من التجربة، كما أبدى استعداد "بريلينت لاب" لتقديم المساعدة للشباب الطموحين من أجل تنفيذ مشاريعهم الخاصة بداية من الرأي والتوجيه وحتى أقصى شيء يمكن تقديمه حسب قوة الفكره ومدى اقتناع الشاب بها وحماسه لتنفيذها.

وأشار الديحاني في حديثه لـ "الجريدة" إلى أن شركته بدأت في العام 2013 برأسمال لا يتعدى 10 آلاف دينار، واستطاعت التغلب على عدة معوقات، أبرزها عدم وجود فريق عمل يؤمن بفكرة المشروع ويرتقي بها، وكذلك صعوبة إقناع الشركات بالتعاون من أجل خلق منصة للمشاريع التكنولوجية لجدة الفكرة على الساحة الكويتية، إضافة إلى بعض الصعوبات في مرحلة التوسع برأسمال الشركة.

Ad

المشاريع التكنولوجية

وبين أن عمل "بريلينت لاب" يتمثل في دعم المشاريع التكنولوجية مثل مواقع الإنترنت وتطبيقات الهواتف النقالة، مشيرا إلى أن الشركة تدير حاليا برامج تأهيل وتطوير للمشاريع التكنولوجية تقدر قيمتها بـ 350 ألف دينار، كما تقيم شراكات إستراتيجية مع كبرى الشركات في الكويت، مثل شركة زين، الساير للتمويل، والحمراء التجارية، وأنها منذ الانطلاق في 2013 قامت بدعم وتطوير 67 مشروعا تكنولوجيا، إضافة إلى تنظيم زيارات دورية لأصحاب المشاريع التي تدعمها الشركة إلى مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة للمشاركة في ورش عمل وتبادل الخبرات مع الشركات الأميركية، وكذلك زيارة الشركات الكبرى مثل غوغل وغيرها.

وعن دور وزارة الدولة لشؤون الشباب، أوضح أنهم تلقوا دعما كبيرا من الوزارة على المستويين المادي والمعنوي، على رأسه الدعم الإعلامي من الشيخة زين الصباح، وأيضا تسلم أعلى دعم مادي تخصصه الوزارة لمثل هذة المشاريع، والذي يصل إلى 25 ألف دينار، إضافة للدخول في شراكة استراتيجية مع الوزارة لاحتضان 10 مشاريع تكنولوجية.

واختتم الديحاني حديثه بالتأكيد على أن مسؤولية تنمية الدولة وتقدمها تقع على كاهل الشباب من خلال العمل على تنفيذ المشاريع الناجحة التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل.

«ستوك هاوس»

وحول تجربته الشخصية، أوضح عبدالله البلوشي، مؤسس عدد من المشاريع في الكويت ومنطقة الخليج، أنه بدأ مشروعه القائم حاليا "ستوك هاوس" مع مجموعة من الشباب برأسمال 100 ألف دينار، حيث قاموا بالتعاقد على توكيل لشركة إيطالية متخصصة في "الآيس كريم" الطبيعي، ثم قاموا بتوسيع النشاط إلى "كافيه" متكامل، موضحا أنهم استطاعوا التغلب على ثقافة المجتمع المتحفظة عن تناول "الآيس كريم" باستخدام "عود خاص"، بعد إصرار دام لستة أشهر، عن طريق الترويج للفكرة في المعارض والفعاليات المختلفة.

وأشار البلوشي إلى أن أبرز المعوقات التي تواجه الشباب في الكويت هي إجراءات إصدار التراخيص التي تأخذ وقتا طويلا ويعيبها الروتين، وكذلك التعقيدات في عملية استقدام العمالة، ما يفرض على صاحب المشروع إنجاز أعماله بأقل قدر من الأيدي العاملة.

وأضاف أن "المشكلة الأكبر التي نواجهها كشباب كويتيين هي غلاء الإيجارات، فأسعار الإيجارات مرتفعة بشكل غير معقول، عندما تريد استئجار مكان مساحته 30 مترا مربعا يكون سعره ما بين 2500 إلى 3000 دينار تقريبا، فكيف يمكنني تحقيق أرباح من مشروعي الصغير وأنا مطالب بهذا المبلغ الضخم لصاحب العقار؟ إضافة إلى رواتب العاملين ومصاريف الإنتاج والعمل!".

إيقاف مشاريع

كما قارن بين تكاليف إقامة مشروع في الكويت وبعض دول منطقة الخليج قائلا: "من خلال تجربتي الشخصية، المشروع الذي يكلفك 50 ألف دينار في الكويت تستطيع إنجازه في البحرين بـ10 آلاف دينار، كما أن مساحة 30 مترا مربعا تدفع لها في البحرين إيجارا بقيمة 500 دينار على أكثر تقدير، أما في الكويت تدفع 5 أو 6 أضعاف هذا الرقم، وفي السعودية قيمة الإيجار تساوي ربع قيمته في الكويت".

وأوضح أن هذا الغلاء دفع كثيرا من المستثمرين في منطقة الشريط الساحلي (المهبولة، الفنطاس، ابو حليفة، المنقف) إلى إيقاف مشاريعهم، نظرا للضغط المالي بسبب عدم القدرة على تغطية التكاليف وعدم تحقيق أرباح مرضية.

كما لفت إلى أن إجراءات البنك الصناعي الكويتي بحاجة إلى بعض التعديلات، قائلا: "من أسوأ شروط البنك الصناعي أنه يطالبني بتوفير مكان المشروع وإنهاء الإجراءات القانونية والحصول على التراخيص وترك وظيفتي قبل تقديم الدعم المالي، فكيف يعقل هذا؟".

وتابع: "إذا تعطل الدعم لسبب ما بعد قيامي بهذه الإجراءات سأصبح في الشارع بلا عمل، كما أن البنك يشترط عليك البدء بتنفيذ المشروع وعمل الديكورات وتجهيز المكان، ثم يقدم الدعم، و(المقاول) لا ينتظر حتى يأتي الدعم، بل يطلب أتعابه أولا بأول".

واستطرد البلوشي: "فإذا كنت أنا قادرا على تغطية هذه التكاليف فلماذا أطلب الدعم أصلا؟! كما أن الإجراءات بطيئة جدا وتمتد أحيانا حتى أربعة أشهر"، مناشدا الجهات المسؤولة مراعاة المستثمرين الشباب ووضع نظام خاص بهم منفصل عن كبار المستثمرين.

«دريم بوك»

بدوره، أكد مالك دار النشر "دريم بوك"، مشاري الجوهر، أنه ومجموعة من الشباب استطاعوا التغلب على الكثير من العقبات التي واجهتهم كمستثمرين شباب خلال رحلة تشييد المشروع الخاص بهم، والذي يتمثل في دار للنشر تقوم على مبدأ دعم أصحاب المواهب الأدبية في منطقة الخليج والوطن العربي بهدف خلق جيل محب للقراءة، ودعم الكتاب الشباب الذين هم بحاجة إلى فرصة لإثبات أنفسهم من خلال نشر كتاباتهم، مشيرا إلى أن البداية كانت برأسمال يقدر بـ 30 ألف دينار، وخلال عام استطاعت الدار أن تكون رقما صعبا بين دور النشر القائمة في الكويت، كما أكد أنه يطمح ليكون مشروعه في مصاف دور النشر العريقة في المنطقة.

وأضاف الجوهر: "واجهنا عدة تحديات أبرزها تحدي إثبات الذات كوجه جديد في مجال النشر، إضافة إلى محاولة الموازنة بين الخط الربحي للمشروع وخط المسؤولية الاجتماعية، إذ قمنا باستقطاب كتاب كبار لهم ثقل لاكتساب الثقة في السوق، بجانب صغار الكتاب الذين تبلغ أعمار اثنين منهم 16 عاما والعديد ممن هم أقل من 19 عاما".

خطوات النجاح

وذكر أن أهم خطوات النجاح وضع خطط مرحلية مرنة وشاملة وقابلة للتعديل للتغلب على المعوقات والإحباطات، خصوصا الإحباطات الناتجة عن الروتين الحكومي المرهق والذي يستهلك وقتا وجهدا كبيرين أثناء إنهاء الدورة المستندية الخاصة بإصدار التراخيص وتسجيل المشروع. وثاني الخطوات التحلي بالمصداقية، سواء مع النفس أو مع العميل، إضافة إلى تقديم منتج عالي الجودة.

كما عبر الجوهر عن تمني الشباب الكويتي من المسؤولين إعادة النظر في الإجراءات القانونية الخاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتكون أكثر مرونة وسهولة، مطالباً الشباب بالاتجاه إلى القطاع الخاص لما يتوافر به من ربح مادي وعلاقات إجتماعية وخبرات تسهم في انفتاح الشاب وتفاعله مع الوسط المحيط به، مع ضرورة استثمار الوقت والجهد في الأشياء المفيدة.

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، حجاج بوخضور لـ «الجريدة» إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة لها دور كبير في دعم اقتصاديات الدول، وتعد ركيزة أساسية لزيادة الإنتاج واستيعاب أعداد كبيرة من العمالة، مبينا أنها تمثل الوصفة السحرية لعلاج أي خلل أو تراجع في الاقتصاد، وأن الاقتصاديات الناجحة تولي المشاريع الصغيرة اهتماماً كبيراً، ففى دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية ودول أوروبا تصل نسبة المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى 70 في المئة من الأنشطة الاقتصادية، أما في الكويت فالاهتمام بهذه المشاريع ضعيف والنسبة لا تتعدى 3 في المئة من مجمل النشاط الاقتصادي.

وأشار بوخضور إلى أن العالم بعد الأزمة الاقتصادية الشهيرة في 2008 توجه إلى دعم الانشطة الاقتصادية التي تقوم على المشاريع الشبابية كإجراء أساسي من إجراءات حل الأزمة، موضحاً أن الاقتصاد الكويتي غير مستثنى من هذه القاعدة، وأن الكويت تمتلك الإمكانيات التي تؤهلها لتكون نموذجا في هذا المجال، لكن المشكلة تكمن في عدم إستكمال القواعد والشروط اللازمة للنجاح.

وأكد ضرورة أن تولي الدولة هذه المشاريع اهتماما كبيرا، لافتا إلى ضعف دور المؤسسات المعنية بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بسبب عدم تطبيقها الشروط والمعايير الصحيحة المعمول بها عالميا، والتي يأتي في مقدمتها توفير البيئة الحاضنة المناسبة للمشاريع الناشئة، وعمل الجهات المسؤولة على استيراد التجارب من الدول الرائدة في هذا المجال، إضافة إلى توعية الشباب وإرشادهم وإمدادهم بالخبرات الاقتصادية التي تؤهلهم لدخول سوق العمل.

الشطي: «الشباب» تدعم صاحب المبادرة بـ 25 ألف دينار

أكد مدير إدارة المبادرات والمشاريع بوزارة الدولة لشؤون الشباب، عبدالله الشطي، أن الوزارة حريصة على دعم المبادرات الشبابية وتشجيع الشباب على بلورة أفكارهم على أرض الواقع لتعود بالنفع على الفرد والمجتمع، وذلك انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية للوزارة وحرصها على تبني المشروعات الشبابية غير الربحية التي تتبناها إدارة المبادرات الشبابية، مبينا أن فكرة إدارة المبادرات فريدة من نوعها في الوطن العربي، وتهدف إلى تمكين الشباب وتأهيلهم وتنمية مواهبهم ليكونوا أدوات فعالة في تنمية البلاد وتقدمها.

وذكر الشطي أن الوزارة توفر الدعم المادي والإعلامي واللوجستي للمبادرين، موضحا أن الدعم يقدم للمتفوقين في علم معين، أو لأصحاب المواهب المختلفة، أو لأفكار مميزة يعود تنفيذها بالنفع على المجتمع، ويشترط في صاحب المبادرة أن يكون كويتي الجنسية وعمره من 14 إلى 34 سنة، ومؤهل فنيا لتنفيذ المبادرة وفق تخصصه العلمي.

وبين أن الدعم يقدم للأشخاص وللجهات المعنية بالشباب ومؤسسات المجتمع المدني، موضحا أن المبادرة يجب أن يكون لها ملامح واضحة وخطة تفصيلية تتضمن الجوانب الزمنية والإعلامية والمالية، إضافة إلى شرح وافٍ لمضمون المبادرة، مؤكدا أن قيمة الدعم المرصود تصل إلى 25 ألف دينار.

وذكر أن من يقوم بدراسة المبادرات هي لجنة فنية جميع أعضائها من فئة الشباب، ثم تُرفع للوكلاء والمسؤولين لمناقشتها واعتمادها أو التعديل فيها أو رفضها، ويجب تقديم المبادرة قبل بدء فعالياتها بمدة 45 يوماً، مشيرا إلى أنه خلال الثلاث سنوات الماضية تم قبول 400 مبادرة شبابية، أما مجمل المبادرات والمشاريع والدورات والمعارض والمؤتمرات والجوائز بالوزارة فيصل إلى 1330 فعالية مختلفة.

واختتم الشطي حديثه باقتباس مقولة سليمان القانوني: «البشر قبل الحجر»، داعيا الشباب للإبداع والابتكار والتواصل مع وزارة الشباب لتنمية مواهبهم ودعمها.

الباقر: يجب اختيار مجال استثماري مطابق للمهارات الشخصية

أفاد مستشار إدارة الأعمال ومدرب الرخصة الدولية لريادة الأعمال، فهد الباقر، أن الشاب يجب أن يعتمد أسلوب التخطيط العلمي والتجربة العملية ليحقق النجاح في مجال إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مؤكدا على ضرورة التحلي بروح المبادرة وعدم الاستغراق في الحديث عن الطموح والأحلام دون تنفيذها على أرض الواقع، إذ إن كل الشخصيات الناجحة في مختلف المجالات تجمعهم فكرة مشتركة هي المبادرة.

وحذر الباقر من الفتور الذي يصيب أصحاب المشاريع الصغيرة نتيجة للمعوقات الموجودة في سوق العمل، موضحا أن التشجيع على الاستمرار يجب أن ينبع من داخل الشاب نفسه عن طريق الاطلاع على قصص الشخصيات الناجحة والتواصل مع الشخصيات ذات الطاقة الإيجابية، والحرص على العمل التجاري في مناخ مرن ومسلٍّ وبيئة مهنية صحية، حتى لا يصاب الشاب بالملل مع الوقت، إضافة إلى خلق اجواء محفزة داخل العمل مثل الاستعانة بعبارات أو رسومات إيجابية داخل المكتب.

كما بين أن دور الدولة في تشجيع الشباب يتمثل في إقامة حملات إعلامية وتوعوية تدعم المبادرين ومشاريعهم. وترشدهم للطرق الصحيحة الخاصة بإدارة المشروعات الصغيرة، مؤكدا ان دعم المشاريع الشبابية من أهم متطلبات الدولة في المرحلة القادمة، لما تمثله من أهمية كبيرة في دعم الاقتصاد وأن هذا الدور يقع على عاتق وزارات الشباب والإعلام والتجارة في المقام الأول.

وعن أهم النصائح التي يجب أن يضعها الشاب في حسبانه قبل البدء في مشروعه الخاص يري الباقر «ضرورة اختيار مشروعات جديدة وجذابة للمستهلك ليصبح الشخص متفرد في مجاله، والابتعاد عن التقليد لأن المبادر دائما يكون ملماً بأركان فكرته بشكل كامل، والتقليد سيكون أقل جاذبية وإتقانا، وهذا التفرد سيفيد المجتمع من خلال تغذيته بأفكار ومجالات جديدة وتوفير فرص عمل، إضافة للتنوع في الخدمات داخل السوق المحلي، مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني».

كما ذكر الباقر أن تنفيذ أى مشروع يجب أن يمر بمجموعة من المراحل اولها وجود هدف واضح مطابق لاهتمامات الشخص ومهاراته عن طريق اختيار المجال المناسب للإمكانات، ثم التخطيط المهني الصحيح للوصول للهدف عن طريق كتابة جميع الأبعاد والخطوات التنفيذية للمشروع، ثم تأتي الخطوة الأهم المتمثلة في الشروع في الإجراءات التنفيذية والقانونية الخاصة بتطبيق المشروع ميدانيا وفقا للمعايير المتبعة في الدولة. وينصح في هذا السياق بالاستعانة بمستشارين ذوي خبرة اقتصادية للاستفادة من تجاربهم في المضي قدما في الطريق الصحيح.