بعد يوم من اتهام السلطات التركية لوكالة مخابرات دولية، لم تسمها، بالمشاركة في "مجزرة مطعم وملهى رينا"، أعلنت أنقرة أنها ألقت القبض على المسلح الذي قتل 39 من رواد المطعم في رأس السنة بعد أسبوعين من البحث، كما اعتقلت أربعة مشتبهين آخرين في مخبأ بإحدى ضواحي إسطنبول.

وعرّف محافظ إسطنبول واصب شاهين المتهم باسم عبدالقادر ماشاريبوف، وقال إنه ولد عام 1983 في أوزباكستان وتلقى تدريبه وتعليمه في أفغانستان، مضيفاً أنه أقر بذنبه وتطابقت بصمات أصابعه مع تلك التي رفعت من مكان الهجوم.

Ad

وأوضح شاهين، في مؤتمر بعد القبض على ماشاريبوف ليل الاثنين- الثلاثاء أن "الإرهابي يتقن أربع لغات وتلقى تعليما جيداً وعمد قبل الهجوم بيوم أو يومين إلى تغيير سكنه مرتين سعيا للتخفي، مشيراً إلى وجود دلائل قوية على أن الإرهابي دخل تركيا بشكل غير قانوني عبر الحدود الشرقية في يناير عام 2016 لتنفيذ الهجوم بتكليف من تنظيم "داعش".

وتابع محافظ المدينة التركية بأن "العمليات الأمنية أسفرت عن احتجاز 50 شخصا بعد مداهمة 152 موقعا، إلى جانب التعرف على هوية 168 إرهابيا أجنبيا".

وكانت الشرطة اعتقلت 35 شخصاً على ارتباط بالاعتداء قبل تنفيذ عملية أمس.

ويطلق على ماشاريبوف لقب "أبو محمد الخراساني" كما هو متعارف بين أعضاء "داعش"، حيث يحمل كل منهم لقباً ينادى به.

كدمات ونصر

ونشرت وكالة "دوجان" للأنباء صورة لمن قالت إنه المهاجم مصاباً بكدمات حول عينه وقطع فوق حاجبه ووجهه وقميصه مخضبان بالدماء. وبثت لقطات تظهر رجال شرطة يرتدون الزي المدني يقتادون رجلاً يرتدي قميصا قطنيا أبيض اللون إلى سيارة.

وتم ضبط أسلحة ووثائق مزورة بحوزة الإرهابي، فضلاً عن 197 ألف دولار يعتقد أنها ثمن المجزرة التي ارتكبها، إضافة إلى 2 "درون"، ومسدسين.

وأثار تواجد هذا القاتل المدرَّب طليقاً في أنحاء إسطنبول مخاوف لدى سكان المدينة التي تعرضت لسلسلة هجمات دامية العام الماضي.

ويعتبر القبض على المهاجم حياً نصراً كبيراً لقوات الأمن التركية، حيث قد يقودهم إلى العثور على خلايا أخرى على صلة بالتنظيم الذي يطلق على نفسه اسمه "الدولة الإسلامية".

وكان المهاجم اقتحم ملهي رينا الليلي مسلحا ببندقية آلية وفتح النار على رواده، وأعاد حشو البندقية ست مرات، وأطلق النار على الجرحى. وكان من بين القتلى أتراك وزوار من دول عربية ومن الهند وكندا.

عراقي ومصرية

وألقي القبض على ماشاريبوف مع رجل عراقي وثلاث نساء من إفريقيا، إحداهن من مصر، في حي إسن يورت على المشارف الغربية لإسطنبول.

واعتقل عشرات الأشخاص من قبل فيما يتعلق بالهجوم الذي أعلن التنظيم المتشدد مسؤوليته عنه، قائلا إنه جاء انتقاما لتدخل الجيش التركي في سورية.

نساء و«فيديو»

ويبدو أن استخدام النساء جذب انتباه الأمن التركي، ما ساعد في القبض على الخراساني بصحبتهن.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل مقطع فيديو لشخص يقف بجانب الطريق في إسطنبول قالوا إن فتاة صورته للمشتبه فيه قبل إلقاء القبض عليه، ويُعتقد أن هذا الفيديو هو واحد من الخيوط التي تبعها رجال الأمن للوصول إلى منفذ الهجوم، ويبدو واضحاً أن الفتاة التقطت هاتفها بسرعة وقامت بتصوير الشخص الذي كانت متأكدة أنه هو منفذ الهجوم.

ولفت مسؤول تركي إلى مشاركة الآلاف من رجال الشرطة في عملية البحث التي اعتمدت على مراقبة 7200 ساعة من تسجيلات كاميرات المراقبة وتنفيذ عمليات مشتركة في عدة ولايات.

شكر

ولاحقاً، شكر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو "باسم الوطن" الشرطة ووزير الداخلية سليمان سويلو، في "تغريدة" على موقع "تويتر".

أما رئيس الوزراء بن علي يلدريم، فقال إن "الأهم هو القبض على منفذ هذا الهجوم الشنيع، وكشف القوى التي تقف خلفه. هذا تطور مهم بالنسبة لنا".

وحذر الرئيس رجب طيب اردوغان بأن هدف الاعتداء، الذي مثل بداية دامية لعام 2017، هو "إثارة الانقسام والاستقطاب في المجتمع"، بعدما وردت رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد نمط حياة ضحايا الهجوم في الملهى.

هجوم كردي

في سياق منفصل، قُتِل أربعة رجال شرطة وأصيب اثنان، أمس الأول، في انفجار قنبلة زرعت على جانب أحد الطرق أثناء مرور عربة للشرطة في جنوب شرق تركيا حيث تعيش غالبية كردية.

ووقع الهجوم في حي سور في محافظة دياربكر التي شن فيها الجيش التركي حملة مكثفة العام الماضي ضد حزب العمال الكردستاني المحظور.

ويشن حزب "العمال الكردستاني"، الذي تصنفه انقرة وواشنطن وبروكسل منظمة إرهابية، تمردا ضد النظام التركي منذ 1984.

إردوغان خطط لـ «التطهير» قبل الانقلاب

في وقت تواصل السلطات التركية حملة ملاحقة وتضييق تستهدف أنصار الداعية المنفي فتح الله غولن الذي تتهمه بتدبير الانقلاب الفاشل في الصيف الماضي، ذكر تقرير استخباراتي أوروبي أن الرئيس رجب طيب إردوغان خطط لعملية تطهير ضد معارضيه قبل الانقلاب.

وتناولت صحيفة "التايمز" البريطانية، التقرير الأوروبي السري، وقالت إنه "يتناقض مع مزاعم الحكومة التركية بأن غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة يقف وراء مخطط الانقلاب".

ووفقا للتقرير الاستخباراتي فإنه "تم التخطيط للانقلاب في تركيا من قبل مجموعة من المعارضين لإردوغان وحزبه الحاكم".

وأفاد التقرير بأن "قرار بدء الانقلاب جاء خوفا من حملة التطهير"، مضيفا أنه "من المرجح أن يكون منفذوه مجموعة من الضباط الموالين لغولن والعلمانيين المناهضين للحزب الإسلامي الحاكم، وليس من المرجح تورط غولن بنفسه في التخطيط للانقلاب".

وأشار التقرير إلى أن "مناصري غولن أمضوا عقودا من الزمن وجهدا مضنيا لإيصال مناصريهم إلى مناصب مرموقة في الجيش والنظام القضائي والشرطة، وغيرها من المراكز الحكومية المرموقة في محاولة ليكون لهم تأثير في الوضع بالبلاد وتقييد نشاطات إردوغان".

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إنه ليس هناك أي دليل على أن الجيش الذي يعتبر نفسه حاميا لتركيا العلمانية ومناصري غولن "مستعدين للتعاون معا لعزل الرئيس الإسلامي".