في الوقت الذي يفتخر فيه وزير العدل وزير الأوقاف السابق يعقوب الصانع، مع كامل تقديرنا له، بأنه صاحب إنجاز قوانين الأسرة والأحداث والجرائم الالكترونية والمعاملات الالكترونية، وبأنه من تقدم بمشاريع مجلس الدولة والرسوم القضائية، فإن المطلع على أحكام قوانين الأحداث والأسرة ومجلس الدولة والرسوم القضائية يجد تضمنها مخالفة لأحكام الدستور، بينما لم يتقدم الزميل بقانون المعاملات الإلكترونية لوحده، بل مع عدد من زملائه في المجلس. أما قانون الجرائم الالكترونية فالمحاكم تشهد بما سبق أن نبهنا إليه من إحداثه فوضى تشريعية كبيرة نتيجة تضارب أحكامه مع قوانين المعاملات الالكترونية وهيئة الاتصالات!

ومن ثم فإن الحديث عن الإنجاز هو حديث بالضرورة عن المضمون لا عن العناوين والأفكار فقط، وكونك من يشيد بإقرار قانون الأحداث الذي يخفض سن الحدث إلى 16 عاما ويعطي لجهة إدارية تصدر عقوبات على من يثبت انحرافه سلوكيا بقرار نهائي ويعتبره إنجازا، وأنت كقانوني صوت في العام ذاته على قانون الطفل بجعل سن الطفل إلى 18 عاماً والحدث الى 16 عاماً، بل كان الواجب عليك أن تطلب رأي النيابة العامة لابداء موقفها في القانون، وهي من أيدت تعديله لاحقا لمخالفته قانون الطفل والاتفاقيات العالمية!

Ad

وبشأن إنجاز قانون الأسرة فأدعوك، وأنت اليوم محامٍ، لتشاهد الواقع المؤلم الذي يعيشه المراجع وزملاؤك المحامون والقضاة، بعد أن دخلت في مغامرة تطبيق القانون في غضون شهرين عبر استئجار مبانٍ لا تصلح لأن تكون محاكم، ولم تشغل إلا بعد 7 اشهر بسبب عدم تجهيزها، وحمّلت المال العام مبالغ دفعتها الوزارة كإيجارات لاصحاب تلك المباني المستأجرة دون انتفاع بها، ورفضت كل المناشدات التي طالبتك بتأجيل تطبيق القانون الى عام آخر، وتعديل مثالبه الدستورية بمخالفته لحكم المادة 166 من الدستور؛ لحظر القانون على الأشخاص الطعن أمام محكمة التمييز، وقصر هذا الحق على النيابة العامة!

وبشأن مشروع إنشاء مجلس الدولة الذي تفتخر به فلا أحد يعارض تفعيل أحكام الدستور، كما لا يمكن القبول بالمخالفات التي يتضمنها بذريعة أن هذا النص الدستوري مهمل لقرابة 50 عاما ولا أحد يقبل أن يعيدنا مشروعك الى قبل 50 عاما لتكريسه فكرة الانقلاب على القضاء الإداري الحالي، وعلى احكامه ومبادئه الصادرة!

فعندما ينص المشروع الذي تفتخر به على تعيين رئيس مجلس الدولة من مستشار في إدارة الفتوى والتشريع، وهو من يتبع السلطة التنفيذية وهو محاميها لقرابة 50 عاما، لتريد تنصيبه رئيسا لمجلس الدولة وسيكون بحكم منصبه رئيسا للمحكمة الادارية العليا، وهي آخر السلم القضائي، وهي من تقرر مبادئه التي يتعين أن تلتزم بها المحاكم الأدنى، وكأنك تريد للسلطة التنفيذية أن تقرر ما تريد من مبادئ!

أي إنجاز تقدم وأنت قبل أن تشغل منصبك كوزير عملت محاميا يدافع عن الحقوق والحريات لتطالب بإنجازك بمنع القضاء الاداري ممثلا بقضاء مجلس الدولة من النظر في قضايا الجنسية وأعمال السيادة؟! في حين أن القضاء المقارن المصري والفرنسي اللذين تستشهد بهما بتجربة مجلس الدولة يسمحان بنظر قرارات الجنسية ويسمحان للقضاء بالرقابة على كل القرارات، ولم يعد هناك ما يعد من قبيل أعمال السيادة!

أليست التجربة المصرية والفرنسية هي التي دعتك ودعت خلفك الى التمسك بهذا المشروع؟ ومع ذلك يتعين عليك المناداة بتطبيق ذات التجارب الفرنسية والمصرية حتى لا تكون تجربة مجلس الدولة نسخة مشوهة عمليا كمحاكم الأسرة، ودستوريا كالبصمة الوراثية والأحداث اللذين شاركت بالتصويت عليهما!