مع أن كل "تصريحات" الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مثيرة إن ليس للاستهزاء فإنها تبعث على الضحك إلى حد الاستلقاء على الظهر، لكن اتهامه لسلفه باراك أوباما، الذي سيغادر البيت الأبيض بعد أيام قليلة، بأن إدارته هي التي أوجدت "داعش"! فإن هذا يستدعي تحقيقاً جدياً من قبل الجهات الأميركية المعنية، وبينها الكونغرس والأجهزة الأمنية ذات العلاقة، كما يستدعي بالنسبة لنا في هذه المنطقة، التي اكتوت بنيران هذا التنظيم الإرهابي،

ولا تزال، أن نتعاطى مع هذا الأمر بمنتهى الاهتمام والجدية، وألا نأخذه على أنه مجرد "سقطة عابرة" أو "مزحة" ثقيلة الظل!

Ad

ربما أن ترامب، حتى يوجه هذا الاتهام الخطير للرئيس باراك أوباما الذي أمضى ثمانية أعوام في البيت الأبيض، واطلع على الكثير مما يقال وما لا يقال، باتت لديه معلومات عن معظم ما فعله سلفه، ومن بين هذا الذي فعله أنه ليس كشخص عادي، وإنما كرئيس للولايات المتحدة، التي

لا تزال أهم دولة في العالم، قد ارتكب ما اتهمه به ترامب، وهو أن إدارته هي التي أوجدت "داعش"، مما يتطلب تحقيقات جدية من الجهات الأميركية المعنية كلها، وأيضاً من دول العالم التي اكتوت بنيران هذا التنظيم الإرهابي بأسرها!

من المفترض أن هذا الرجل، الذي سينتقل إلى البيت الأبيض بعد نحو أسبوع، لا يلقي الكلام على عواهنه، وأنه عندما يقول شيئاً فإنه متأكد منه، وأنه مسؤول عن كل كلمة فيه، وإلا فإن الحزب الجمهوري ما كان يجب أن يختاره كمرشح للانتخابات الرئاسية، وإنه عليه الآن، أي هذا الحزب، أن يعيد النظر في أهلية ترامب لهذا الموقع الخطير الذي لا يهم الأميركيين وحدهم، وإنما يهم أيضاً، وبالمقدار ذاته، كل سكان الكرة الأرضية.

حتى لو أن ترامب قد قصد باتهامه الخطير هذا أن إدارة الرئيس أوباما بأفعالها وسياساتها، وبأساليب تعاطيها مع الأزمة السورية، ومع الأوضاع الملتهبة في الشرق الأوسط كله، هي التي أوجدت "داعش"، وأن المقصود هو ليس المعنى الحرفي للاتهام، فإنه لابد من أخذ هذا الأمر بالجدية القصوى، ولابد من التحقيق والمحاسبة، فهذا التنظيم ارتكب ولا يزال يرتكب جرائم مرعبة كثيرة، سواء في هذه المنطقة العربية أو في أوروبا أو في الولايات المتحدة أو العالم بأسره.

وهنا فإن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذا الذي قاله ترامب، والمفترض أنه يعنيه، وأنه متأكد منه قد قيل كثيراً خلال الأعوام الستة الأخيرة، ولكن من باب التحليل السياسي والاستخلاصات الاستنتاجية التي قد تصح وتصيب، وقد تخطئ، أما أن يصدر مثل هذا الاتهام المباشر عن رجل أصبح عملياً وفعلياً رئيس الولايات المتحدة الأميركية، وسينتقل بعد نحو أسبوع إلى البيت الأبيض، ليجلس على كرسي الرئاسة، فإنه يجب ألا يُؤخذ على أنه قد قيل من قبيل "الهزار" و"التشنيع" و"توسيخ" السمعة فقط، فهذه الأمور لا «هزار» ولا مزح فيها، وبخاصة أنها قد صدرت عن إنسان بات رئيساً لأهم وأكبر دولة في الكرة الأرضية.