مهما فعلت وعملت وأعطيت وأهديت وضحيت فإنك لن ترضي جميع الناس، لأن "رضا الناس غاية لا تدرك"، خذ على سبيل المثال زوجتك الغالية أم عيالك أقرب الناس إليك، مهما أعطيتها من مال وذهب وألماس وسيارة آخر موديل وملابس وحقائب وساعات ماركات، واشتريت لها ما لذّ وطاب من الطعام، وأحضرت لها الخادم والسائق، وفيللا في أرقى المناطق، والسفر كل سنة إلى الدول الأوروبية. كل هذا ربما تنساه زوجتك الغالية في لحظة غضب "ولا يبين في عينها" حين تعتذر منها بكل أدب واحترام عن عدم تلبية طلبها بتغيير أثاث المنزل، على سبيل المثال، لأنه جديد وصالح للاستعمال، وفي تغييره إسراف وتبذير نهى الشرع عنه.

هنا ستزعل منك زوجتك وتمد "البوز"، ولا تكلمك أكثر من ثلاثة أيام، وتقول لك ما رأيت منك خيراً قط!

Ad

وفي هذا المعنى يخبرنا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، فيقول: "أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير (الزوج) ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيراً قط".

فإذا كانت زوجتك الغالية أقرب الناس إلى قلبك لم ترضَ عنك، فيكف بالله عليك رضا الناس؟

من الطبيعي إرضاؤهم صعب جداً، وقصة جحا مع ابنه والحمار خير مثال على أن رضا الناس غاية لا تدرك، وكم أعجبتني إجابة الحكيم "حاتم الأصم" عندما سأله الإمام أحمد بن حنبل قائلاً: كيف السبيل إلى السلامة من الناس؟

فأجاب حاتم: تعطيهم من مالك، ولا تأخذ من مالهم، ويؤذونك ولا تؤذيهم، وتقضي مصالحهم ولا تكلفهم بقضاء مصالحك، فقال أحمد بن حنبل: إنها صعبة يا حاتم!! فأجاب حاتم: وليتك تسلم.

* آخر المقال:

يروى عن الفيلسوف "سقراط" أنه قال لأحد تلاميذه: تزوج يا بني فإنك إن رزقت بامرأة صالحة أصبحت أسعد مخلوق على وجه الأرض، وإذا كانت شريرة (نسرة) صرت فيلسوفاً".

الحين عرفت ليش رواد ديوانيتنا كلهم فلاسفة!