قد يكون أسهل الحلول وأسرعها وأكثرها إرضاءً لأغلبية أعضاء مجلس الأمة ضربة مطرقة من الرئيس، وهو يقول "ترفع الجلسة"، وهذا الإجراء يتم اللجوء إليه منذ عشرات السنين، وفي ظل تعاقب أكثر من رئيس أو حتى من قبل من يدير الجلسات أيضاً في حال افتعال حالة من الفوضى داخل القاعة، تماماً مثلما حصل في جلسة الثلاثاء 10 يناير 2017 المخصصة لمناقشة القضية الرياضية التي ينتظرها عشرات الآلاف من المواطنين، خصوصاً الشباب الرياضيين.

افتعال "الهوشات" النيابية فوق "شينها" مدعاة للتأويل السياسي، خصوصاً إذا ما ارتبطت بالجلسات ذات الأهمية القصوى أو توافر النصاب لإقرار بعض القوانين ذات القبول الشعبي، وكان من الواضح في الجلسة الأخيرة أن نتيجة الهوشة المسرحية كانت رفع الجلسة، بغض النظر عن الدوافع الشكلية أو الحقيقية لاختلاق الفوضى ومن يقف وراءها.

Ad

دع عنك المسرحية الأخرى المتعلقة بلجنة الظواهر السلبية والسجال السخيف حول استبسال بعض النواب أنهم الأوصياء على لجان المجلس، أو أنهم يحتكرون تفسير الظواهر السلبية وتحديد صورها وطرح الحلول بشأنها، وكأن بقية زملائهم أو من مختلف القطاعات المجتمعية هم ظهر وسند للآفات الأخلاقية التي تنخر مجتمعنا، ومن شأنها التجهيز على عموم أبناء الكويت بتنوع انتماءاتهم الفكرية والاجتماعية والثقافية، والمعيب جداً أن تستغل مثل هذه القضايا ولو كانت مهمة في ذاتها لتخريب المشهد السياسي العام أو لتعطيل قضايا مصيرية دون الإحساس بأدنى درجات المسؤولية أو الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة أو حفظ النسيج الكويتي من المزيد من التمزق والانشقاق والتوتر والاحتقان.

قد يكون من الصعب وضع حد لأمراض الطائفية والقبلية والعرقية لا سيما أنها مصدر الاسترزاق السياسي الوحيد للبعض، ومنهم مع الأسف الشديد بعض نواب مجلس الأمة ممن يفترض أن يكونوا ممثلين لكل الأمة دستورياً وسياسياً وأخلاقياً، أو القضاء نهائياً على تطبيقاتها ومشاهدها التمثيلية، ولكن لا يجوز السكوت عنها وعدم السماح لاستغلالها تحت قبة البرلمان على أقل التقديرات.

إنها مسؤولية السيد رئيس مجلس الأمة بالدرجة الأولى، ثم مسؤولية النواب فرداً فرداً للالتزام بالدستور واللائحة الداخلية للمجلس للتصدي بقوة لمثل هذه المهاترات السخيفة التي لا تقف عند حد مضيعة وقت البلد، أو تهميش قضايا البلد المهمة ومصالح المواطنين، ناهيك عن استمرار النفخ في نيران الفتن والاصطفاف، وهذا الإجراء في غاية السهولة رغم كونها في غاية الأهمية، فالذي يريد أن "يتشطّر ويتبطّل ويتمهرج" تحت قبة عبدالله السالم يمكن التصويت على سلوكه وطرده من القاعة بضرب الرئيس لمطرقته، وهو يقول "يرفع من الجلسة"!