تظهر حقيقة الإنسان عندما يكون في الخفاء بعيداً عن الأعين وراء قناع أو حاجز يخفي هويته، لذلك فإننا للأسف نشهد أسوأ التصرفات من أفراد مجهولين خلف مقود السيارة أو أسماء في حسابات التواصل الاجتماعي، فما أقبح الإنسان الذي لا يعرف الإحسان إلا خوفاً من عقاب قوانين صارمة تحاسبه على كل صغيرة وكبيرة.

إلقاء أعقاب السجائر والمحارم الورقية من نافذة السيارة إلى الشارع أصبح مشهداً اعتيادياً نراه كل يوم، ذلك بالإضافة إلى التجاوزات واستخدام «الفلشر» بطريقة فظة وعدم إفساح الطريق والسرعة الجنونية في الشارع، كلها سلوكيات تدل على شخصية عدائية فظة وغير متمدنة خلف مقود السيارة.

Ad

كذلك فما عليك سوى الدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي أو اليوتيوب لترى أبشع التعليقات وأقسى الألفاظ وأسوأها من جبناء تخفوا وراء اسم مستعار أو حساب وهمي، فالعديد منهم يملك حسابين، أحدهما «رسمي» يظهر فيه بأفضل صورة أمام الملأ، وآخر وهمي، أو بالأحرى «حقيقي»! يستخدمه للتنفيس وكشف قبحه الخفي.

وبالطبع فإن الاختلاسات وسرقة المال العام تحدث بعيداً عن الأعين من أفراد يظهرون بشكل تقي ورزين، وقد تتم السرقة في وضح النهار ملحقة بابتسامة تحية للزملاء، بل قد تكون مصحوبة برداء من الأدعية والصلوات للتمويه! فالكويت هي الأكثر فساداً خليجياً والـ67 عالمياً لعام 2014 وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية (جريدة الراي - 2014).

أيعقل أن هؤلاء الأشخاص يعيشون بيننا؟ منهم جيراننا وزملاؤنا بل حتى أقرباؤنا! الغريب في الأمر توقف تلك السلوكيات الرعناء بشكل مؤقت متى ما انكشفت هويتهم الحقيقية سواء عن طريق تلاقي الأعين أو التعرف على الاسم أو العائلة. ليتم معاودتها متى ما انتهت لحظة المواجهة واختلى المتعدي بنفسه من جديد.

فمن أنت عندما تكون وحدك في عقر دارك؟ هل ترى الجمال أم القبح عندما تخلع جميع أقنعتك الاجتماعية؟ هل الوازع الديني والأخلاقي مجرد كلام تتفوه به وتردده كي تبدو كشخص طيب أمام الآخرين؟ هل يعقل وجود كل هذا القبح داخلك؟ وهل ترتضي هذه الطريقة البدائية والرديئة للتعبير عن نفسك؟ أسئلة تستحق التوقف عندها والإجابة الصريحة عنها.