في المقال السابق استعرضنا قصيدة الشاعر فهد العبدالمحسن الفهد، التي تعود إلى فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، والتي يتشره بها على صديقه الشاعر عبدالله السعد اللوغاني لعدم وفائه بوعد له، وشرح الفهد في قصيدته تفاصيل الموضوع، وفي نهاية القصيدة امتدح صديقه اللوغاني، وأخبره بأنه لم يكن ليتشره عليه لولا معزته الكبيرة عنده. واليوم نستعرض رد اللوغاني على الفهد، حيث أقر اللوغاني في بداية القصيدة خطأه وعدم وفائه بالوعد، لكنه أشار إلى أن ظروفاً قاهرة منعته من حضور الوليمة التي أقامها الفهد، فقال في مطلع الردية:

"خِلْف الوَعَد ما هو لنا بالعوايد

Ad

مِير القِدَر يجري على العبد والسّيد

يا بن فهد صارت علينا شدايد

فيما جرا تدرون يا ذا الصناديـــــــد

الوقت مظلم والمطر فيه زايد

والوَحْل جَالَه قامتٍ فيه ويزيـــــــــد

نعم اعترف اللوغاني بعدم وفائه بالوعد، لكنه شرح للفهد أسباب ذلك، إذ إنه في تلك الليلة نزل مطر غزير، وتسبب في مشاكل كثيرة في منازل أهل الكويت، ومنها منزل أسرته. وشرح اللوغاني للفهد بعض تفاصيل الدمار الذي وقع عليه وأسرته، فقال:

جدراننا صارت لنا كالمصايد

تسمع صريخ اصلاحها كالعواميد

تحت الجدار الموت مرٍّ وجايد

ايضا وهرج الناس ذولا مقاريد

وبعد أن أوضح أسباب عدم قدرته على الوفاء بوعده، بدأ اللوغاني يوضح بعض الأمور التي تتعلق بالصداقة والاخوة، فقال:

نال الخسارة من طمع بالفوايد

واللي يخاطر خاب فيها تراديد

اتقول جم خسرت انا من موايد

يا وين عقلك ما تشوف التناكيد

المرء عقله في المهمات رايد

يخبره باللي غابيٍ عند تاكيد

ثم يؤكد لصاحبه أنه ليس بكاذب، وأنه يفي بوعوده دائماً إلا ما كان خارجاً عن طاقته وقدرته، فيقول:

والّا فَنَا ماني جذوب الوعايد

لا قِلت قولٍ تَمْ ما هو هرابيد

وفيما يتعلق بالمال والإنسان، يقول اللوغاني:

اتقول خِذ منّي اعلوم الوكايد

المال يَدْعــــــي جاهل القوم صِنديد

والمال يا مِشكاي كلّه زَهايد

ما نِعتزي براعيه يا ابن الاجاويـــد

العزّ بالصاحب تَرا بِه رفايد

ومن لا يِداري صاحبه صار رِعديد

وفي آخر القصيدة يعتز اللوغاني بنفسه وبشعره، ثم يطلب من الفهد أن يكون عادلاً ومنصفاً له، وأن يتقبل منه عذره، فيقول:

جالك جوابٍ جِن نَظْم القلايد

منّه ولا صار ابفظونه تعاكيــــــد

مِنكم نْريد الحق سوّوه عايد

حتّا يطيب الكيف معكم جِما العيد

الحق ثابت مو ابنظم القصايد

إدّه لنا واحذار تفعل تصاديــــــــد

قبل ارمضان ايزول عنّا نفايد

حقنا عليكم ثابتٍ يالمساعيـــــــــد

بالك اتظن ان الوِعايِد بِعَايِد

ما مِن مِدا بيامنا شيٍ ابعيــــــــــد

وإلى لقاء آخر مع قصيدة أخرى من القصائد التاريخية للشاعرين الفهد واللوغاني في الأسبوع المقبل.