أفادت وزارة الداخلية في تصريح رسمي لمسؤول لها بأنها تمنع تحليق الطائرات اللاسلكية بدون طيار إلا بموافقة من الجهات المعنية في الوزارة، وانها ستوجه الاتهام الخاص بالمادة 16 من قانون أمن الدولة الداخلي للمخالف لتلك التعليمات، والتي تنص على: «يعاقب بالحبس المؤقت مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تتجاوز 3 آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين:

أ- كل من طار فوق الكويت بغير ترخيص من السلطات المختصة».

Ad

ولما كان هذا التصريح الرسمي قد توسّع في تفسير القاعدة القانونية الجزائية، والتي لا يجب أن تفسر إلا بحدود ألفاظها ومقاصد المشرع منها والقيمة المراد حمايتها، فكان هذا التفسير خالقاً لقاعدة قانونية جديدة لم يسنها المشرع، وفي أقل تقدير لم يقصدها بالتشريع، وعليه نوجز مقالنا في شرح تلك القواعد علّها تكون إثراء للنقاش القانوني المجتمعي، وخدمة للمحاكم والمتقاضين، وللمهتمين بهذا الشأن.

أولاً: ماهية الطائرات بدون طيار

هي طائرات صغيرة تعتمد في طيرانها على قائد أرضي، ويتم توجيهها بواسطة موجات الراديو، وتطير على ارتفاع منخفض لا يزيد على 400 متر عن الأرض، ولا تستخدم مهبطاً خاصاً، ولا يلزم لطيرانها إبلاغ برج المراقبة.

وبناء على هذا التعريف، فإن النظام العام للطائرات التقليدية، التي تدار من قبل طيار في كبينة القيادة، وتستخدم للركاب أو للشحن، وتطير على ارتفاعات شاهقة تصل إلى 20.000 قدم، مختلف عن الحالة الجديدة للطائرات اللاسلكية من دون طيار، والتي تستخدم مهبطاً خاصاً، ويلزم لإقلاعها وهبوطها إبلاغ برج المراقبة.

ثانياً: النظام القانوني للطيران في الكويت:

رتب القانون الكويتي في أكثر من ثلاثة قوانين متفرقة نوعياً وزمانياً تنظيم عملية الطيران داخل الإقليم الجوي الكويتي، فقد جاء في القانون رقم 6 لسنة 1994 بشأن الجرائم المتعلقة بسلامة الطائرات والملاحة الجوية، وعرف الطائرة بنص المادة الأولى منه ونصها: «تكون للمصطلحات التالية المعاني المبينة قرين كل منها ما لم ينص على خلاف ذلك.

- طائرات: كل وسيلة تستعمل أو تعد للطيران أو الملاحة في الجو أو القضاء.

- حالة الطيران: تعتبر الطائرة في حالة طيران بدءاً من إغلاق جميع أبوابها الخارجية بعد صعود الركاب أو شحنها، حتى يتم فتح أي من هذه الأبواب من أجل نزولهم أو تفريغها، إلى أن يتم فتح أي من هذه الأبواب أو تفريغها، وفي حالة الهبوط الاضطراري يستمر اعتبار الطائرة في حالة طيران، حتى تتولى السلطات المختصة مسؤوليتها وما على متنها من أشخاص وأموال.

ومما سبق يتضح ان ما عناه المشرع بتعريفه للطائرات هي الطائرات التقليدية الكبيرة، التي تحتوي على أبواب وتستخدم للنقل أو الشحن، ومن باب الضرورة لم يعن الطائرات بدون طيار اللاسلكية، خصوصاً أن القانون صدر سنة 1994، حيث لم يتم اختراع تلك الطائرات الصغيرة، ومن ناحية أخرى، فهي مختلفة الاستخدام، وبالتالي ومن باب الضرورة لا يجوز مطابقة على المستحدث من الأمور التي تحتاج إلى تنظيمها إصدار قواعد قانونية جديدة كالقانون الأميركي للطائرات بدون طيار، والذي صدر في ولاية كاليفورنيا الأميركية عام 2014.

ثالثا: الجهات المعنية بإصدار تراخيص وتنظيم سوق الطيران:

نص مرسوم بالقانون رقم 31 لسنة 1987 بشأن تنظيم سوق النقل الجوي في الكويت في مادته الثانية على أنه «لا يجوز لأي شخص ممارسة أي نشاط في سوق النقل الجوي إلا بموجب ترخيص صادر عن وزارة التجارة الصناعة...».

وبالتالي فإن الجهات الأمنية المختصة بإعطاء تراخيص الطيران هي وزارة التجارة، والإدارة العامة للطيران المدني، لا وزارة الداخلية في كل الأحوال.

رابعاً: غاية المشرع من النص التجريمي رقم 16 من القانون 30 لسنة 1970:

نصت المادة على عقاب كل من طار فوق الكويت دون ترخيص...

وفي علة التجريم لهذا النص المنقول حرفيا من قانون العقوبات المصري رقم 80هـ أن المشرع نص في هذه المادة على 4 صور لأشكال كشف أسرار الدفاع في البلاد، وبالتالي فإن الغاية التي يريدها المشرع حماية تلك الأسرار من اطلاع الطيارين غير المرخصين على تلك الأسرار أثناء تحليقهم.

وفي هذا، قال د. رمسيس بهنام أستاذ القانون الجزائي تفسيراً لهذا النص، إنه «لكي تتوافر هذه الجريمة يلزم أن يكون قد تحقق بسلوك الجاني التوصل إلى سر من أسرار الدفاع، وإلا انطبق على الواقعة نص إجرامي آخر، ولا يعتبر مجرد الطيران في الأمكنة الممنوعة شروعاً في الحصول على سر من أسرار الدفاع، ولما كانت القاعدة الدستورية أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص سابق على ارتكاب الفعل، وعليه فإن النص التي تذرعت به وزارة الداخلية في منعها لاستخدام الطائرات اللاسلكية من دون طيار مخالف لصحيح القانون، وهو في عداد التفاسير المتجاوزة لمبادئ التفسير للنصوص الجزائية التي تفسر دائماً بضيق لا توسع».