قال الخبير الدستوري أستاذ القانون العام بكلية الحقوق في جامعة الكويت د. محمد الفيلي، إن «إنشاء اللجنة العليا للانتخابات الأقرب للملاءمة من ناحية إناطة العملية الانتخابية لوزارة الداخلية»، لافتاً إلى أن «إنشاء هذه اللجنة يحرر الوزارة من الظنون، كما أنه لا يمنع أن يكفل القانون لهذه اللجنة الإدارية الاستقلال النسبي، وهي أن تتولى متابعة العملية الانتخابية من حيث القيد بالجداول الانتخابية، ومن حيث إدارة العملية السابقة على الانتخابات، والإشراف على الاقتراع».

وأضاف أن «مبدأ الفصل بين السلطات لا يجيز أن تقوم هذه اللجنة بالفصل في الطعون المتصلة بتطبيق القانون مثل طعون الجدول، وطعون تسجيل المرشحين، وطعون نتائج الانتخابات»، لافتا إلى «أننا سنكون أمام منازعة بعدم سلامة تطبيق القواعد القانونية، ومثل هذا الادّعاء يفحصه القضاء، وقول مثل هذا لا يمنعنا أن نقرر بتنظيم المشرع لقضاء متخصص يتابع العملية الانتخابية، ولا ننسى أن المادة ٩٥ من الدستور لم تقرر وجوباً اختصاص المحكمة الدستورية بمراقبة الطعون الانتخابية إنما أشارت إلى اختصاص المجلس بنظر الطعون، وإمكان إناطته إلى أي جهة قضائية».

Ad

وأوضح د. الفيلي «اننا نجد أن المحكمة الدستورية حالياً من خلال مراقبتها لنتائج الانتخابات تتحول إلى محكمتين، عندما يرفع أمامها دفع بعدم الدستورية فتتحول إلى محكمة دستورية، رغم أنها تلقت الطعن كمحكمة موضوع، وهذا قد يخلق أحياناً شيئاً من إمكان التعارض بين دور المحكمة في الوظيفتين، واستقلال المحكمة بهذا الدور، وترك موضوع الدفع بالدستورية إلى المحكمة الدستورية يكون أقرب إلى الملاءمة، ويجب أن يكون واضحاً أن إدارة الانتخابات للعملية الانتخابية شيء، والنظر إلى الطعون الانتخابية شيء آخر يجب أن يظل بيد القضاء».

وعن التصويت والفرز الآلي قال، إن «الدستور لا يمنع استخدام أي نظام بشرط أن يستجيب إلى دواعي السرية، فإذا كان التصويت الإلكتروني يخلق مظنة انتهاك السرية فإنه يجب تحقيق ضمانات للسرية، وأن تكون مرتبطة بها ضمانات للمراقبة السليمة كأن يكون هناك مندوبون للمرشحين، ولجنة تتسم بالحياد لتلك المهمة»، لافتا إلى أن «من مظاهر الحياد أن يرأس تلك اللجنة قاض، فإذا توافرت تلك الضمانات فلا بأس، وإن لم تتوافر فليس من الطبيعي أن نقبل بذلك التصويت والفرز، بسبب عدم توافر الوظائف المطلوب تحقيقها في عملية التصويت والفرز».

قرارات سابقة

بدوره، أكد أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. فواز الجدعي «ضرورة إنشاء لجنة عليا للانتخابات توضع بقانون، وتكون تابعة لمجلس الأمة، وتُعنى بفحص القيد الانتخابي، ومراقبة الانتخابات، وسرعة الفصل في التظلمات، ولا يمنع ذلك من تشكيل دوائر تختص بالانتخابات والطعون المتعلقة بالقرارات السابقة أو اللاحقة أو المتزامنة مع الانتخابات، لحاجة السرعة في الفصل، لما لهذه القرارات من تأثير على العملية الانتخابية، وأثبت الواقع مع كثرة الشطب وكثرة الطعون مثل هذه الحلول كوسيلة للمعالجة».

‏وشدد د. الجدعي على ضرورة إقرار المشرع الكويتي للتصويت الإلكتروني والفرز الإلكتروني، بشرط أن يكون هناك ما يسنده من أوراق انتخابية مادية، للرجوع إليها في حال التنازع، لضمان الوصول إلى التعبير الحقيقي للناخب.

عوار دستوري

فأما أستاذ القانون الدستوري في كلية القانون التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د. غازي العياش فقال، إن «الاختصاص الأصلي للفصل في الطعون معقود أصلا لمجلس الأمة، لذا قد يكون إنشاء محكمة مختصة بدلاً من الدستورية أمراً يشوبه العوار الدستوري، لأن المحكمة الدستورية منحت هذا الاختصاص على سبيل الاستثناء، وهذا الأمر قد يدخلنا في شبهات دستورية وقانونية، إلا إذا كان هذا للتعديل في الدستور، وهو أمر صعب جداً».

و‏أما بشأن الفرز الإلكتروني والتصويت فقال، إن «ذلك يحتاج إلى نصوص صريحة في هذا الشأن تنضم مثل هذه العملية، ويحتاج إلى تقبل سياسي وشعبي، حتى لا توصم العملية الانتخابية بالتزوير مثلا أو التلاعب، ولكن لا يوجد ما يمنع مثل هذا التصويت الإلكتروني أو الفرز، فأميركا، على سبيل المثال والدول المتقدمة، تأخذ بهذه الطريقة».

‏وأكد د. العياش أن «إنشاء لجنة عليا، برأيي يتعين أن تشرف على القيود الانتخابية والرقابة دون التظلمات، ويجب أن تكون لإحدى الدوائر القضائية، والتي يجب أن تنشأ بقانون، لأن مثل هذه اللجان لا تمنع الطعن على قراراتها، وبالتالي سنذهب إلى القضاء في النهاية، ويكون هناك هدر للوقت، فضلا عن عدم ثقة بعض الشعوب بمثل هذه اللجان، والتخوف من التأثير السياسي عليها».

بدوره، يقول المدعي العام بالإدارة العامة للتحقيقات د. نايف عايض العتيبي إن المشرع يتعين عليه ‏إنشاء لجنة وطنية عليا لشؤون الانتخابات، لأن هذا هو الإجراء الأمثل المعمول به في الدول الديمقراطية لادارة الانتخابات العامة وتنظيم جميع العمليات المرتبطة بها، على أن يكون لهذه اللجنة الشخصية الاعتبارية وتتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري، ولها حق الرقابة الكاملة على الانتخابات العامة باستقلالية وحيادية تامة على النحو الذي ينظمه القانون، ولا يجوز التدخل في أعمالها أو اختصاصاتها، وتعمل في هذا الإطار على ضمان حق القيد في جداول الانتخاب وحق الترشيح والاقتراع لكل ناخب والمساواة بينهم خلال عملية الانتخاب.

ويضيف العتيبي أن اللجنة لها تنظيم الحملات الانتخابية وطرق تمويلها، ويراعى في تشكيلها العنصر القضائي وغيره ممن يرتبطون ارتباطاً مباشراً بالانتخابات العامة، كما يوكل اليها بالتعاون من أجهزة الدولة المختلفة إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها وتعديلها وتنقيتها ومراجعتها بصفة مستمرة وفق القواعد والمدد الزمنية المقررة بالقانون، وتتلقى الطعون الخاصة بشأنها والفصل فيها، وإعداد القائمة النهائية للمرشحين بعد إغلاق باب الترشيح ممن يحق لهم خوض الانتخابات العامة وإخطار من تم شطبهم من القائمة بقرار مسبب، وتنظيم ومراقبة تمويل الحملات الانتخابية بتشريعات وقرارات نافذه لمنع صور البذخ والصرف اللامعقول عليها، وإدارة غرفة الانتخاب أثناء الإقتراع والإشراف على سير العملية الانتخابية بنزاهة وشفافية، وإزالة كل ما من شأنه أن يعكر صفوها، وتلقي التظلمات والبلاغات والشكاوى الخاصة بها، والبت فيها بأسرع وقت وإحالة كل ما يشكل منها جرائم انتخابية لجهة التحقيق المختصة، وإعلان نتائج الفرز ونشرها.

‏تجربة وحيدة

ويوضح ان العملية الانتخابية في الكويت عاشت تجربة وحيدة في انتخابات ديسمبر 2012 عندما صدر في غيبة مجلس الأمة المرسوم بقانون رقم 2012/21 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات، وقد تضمنت المذكرة الايضاحية لهذا المرسوم بقانون مقتضيات إصداره بالاشارة الى ان «مصلحة الدولة العليا تستوجب في هذه الفترة الدقيقة التي تمر بها البلاد، الاسراع في اصدار تشريع يلبي الحاجة الملحة لإنشاء كيان وطني موحد ومستقل... يتولى الاعداد والاشراف على العمليات الانتخابية بجميع مراحلها وتنظيم الحملات الانتخابية، على نحو يحقق مقاصد المجتمع وأهدافه وما يقتضيه ذلك من ضرورة تعديل بعض أحكام قانون انتخابات مجلس الأمة تحقيقا لذات الأهداف...».

‏إلا أن المحكمة الدستورية، وفي معرض تصديها لطعون انتخابات مجلس ديسمبر 2012 حكمت بعدم دستورية المرسوم، اذ اعتبرته خروجا سافرا عن نص المادة 71 من الدستور وعن الاغراض التي وضعت من أجلها هذه المادة، وانه لإعلاء لكلمة الدستور والمحافظة على نصوصه وكيانه ونزولا على أحكامه، فقد حق القضاء بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 2012/21 سالف الذكر، وقد حاول مجلس الامة لسنة 2013 بإعادة الحياة القانونية لهذا المرسوم باقتراح تقدم به خمسة من الأعضاء، وقد أحاله رئيس المجلس في دور الانعقاد الرابع قبل فضه في 2016/7/3 إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بالمجلس لدراسته ورفع تقرير عنه بصفة الاستعجال ليعرض على مجلس الأمة في دور الانعقاد الخامس المقبل إلا إنه وبصدور مرسوم حل مجلس الأمة في 2016/10/16 يعتبر الاقتراح المقدم من النواب كأن لم يكن، ونحن اليوم أحوج ما نكون في هذه المرحلة من التجربة الديمقراطية الفريدة في المنطقة إلى إقرار مثل هذا الفانون سواءً قدم من طرف الحكومة بمشروع أو تبناه أعضاء المجلس القادم بإقتراح، أسوة بالاعضاء بدول مجلس التعاون (الإمارات - البحرين)،و للاستفادة من تجارب وخبرة الدول التي سبقتنا في اقرار مثل تلك الهيئات للاشراف الكامل على العملية الانتخابية ونظم تمويلها بجميع مراحلها، وضمان مدى اتساقها مع المعايير الدولية للانتخابات الحرة والعادلة، وحسناً فعل المشرع المصري مؤخراً عند مناقشته مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، فقد استعان بالتقارير الدولية لمراقبة الانتخابات التي تؤكد أفضلية التجربة والتشريعات الهندية والمكسيكسة لإدارة الانتخابات للاستفادة منها في تشريعه المطروح للبحث والتعديل.

الفرز الإلكتروني

ويضيف العتيبي: ‏أما فيما يتعلق بالتصويت والفرز الإلكتروني ومدى مطابقة ذلك لنصوص قانون الانتخاب رقم 1962/35، فإننا نود أن نشير أولاً إلى انه وبتاريخ 2008/5/17 أجريت أول انتخابات وفق الدوائر الخمس، ونظراً لزيادة أعداد الناخبين في الدائرة الواحدة تم استخدام الحاسب الآلي لاول مرة في فرز الأصوات، الى جانب الفرز اليدوي التقليدي وتمثل ذلك في استخدام البروجكتر العاكس للتدوين الالكتروني لنتائج الفرز وحسابها على ضوء ذلك، وتم تقديم عدة طعون انتخابية على طريقة الفرز الآلي بأنها مشوبة بحدوث جملة من الاخطاء العامة التي علقت بعملية فرز الصناديق في كل لجنة من اللجان الانتخابية الاصلية أو الفرعية واثر في نتائجها بصورة جوهرية، كما لحقت تلك الاخطاء عملية الفرز التجميعي لدى اللجان الاصلية والفرعية كل على انفراد، فضلا عن عدم مشروعية ذلك من الناحية القانونية لعدم النص عليه في قانون الانتخاب إلا ان المحكمة الدستورية كان لها موقف آخر مما سبق ذكره في حكمها رقم (2008/14 انتخابات) بإجازة هذا التصرف أخذة بعين الاعتبار أن نصوص القانون لا تصد عن التطور آفاقه الرحبة والأخذ بأسباب التقدم العلمي واستخدام الحاسب الآلي في إنجاز الأعمال مسايرة للنظم العالمية المعاصرة ومتابعة خطاها ومناهجها المتقدمة في استخدام التقنيات الحديثة في هذا المجال.

وتنابع: لم يقف الحكم عند هذا الحد بل أشار الى أن إجراءات الانتخاب ليست هي الغرض المقصود لذاته من عملية الانتخاب من بل إن كل الإجراءات التي شملها القانون إنما وضعت للوصول إلى نتيجة واحدة هي تمكين كل ناخب من إبداء رأيه بحرية والإدلاء بصوته بشكل غير معلن وانتخاب من يشاء من المرشحين، والخلوص في ذلك بعد فرز الأصوات إلى الإعلان عن إرادة الناخبين الحقة.

‏ثانياً، وعلى هدى الحكم السالف بيانه وبما أن الغاية في القانون ليست إجراءات الانتخاب إنما التعبير الحقيقي عن إرادة الناخبين الحرة التي يمكن ان تتم بصورة أكثر تطوراً ودقةً ومواكبةً للتطور التقني العالمي في استخدام التصويت الآلي، فإنني أرى إمكانية القيام بذلك دون الحاجة الى تعديل تشريعي لاستخدام التصويت والفرز الإلكتروني، ويكون عبر أجهزة حاسب إلكترونية تقرأ بيانات الناخب وفق قاعدة بيانات معدة سلفا من قبل الجهة المختصة قراءة دقيقة، وبيان فيما اذا كان الناخب موقوفاً ام يحق له التصويت ومن ثم السماح له بالتصويت الحر والسري لمن يشاء من المرشحين وتحت رقابة الجهة القضائية المختصة على الإشراف على نزاهة الانتخابات وسلامتها، بعد أن تظهر بياناتهم وصورهم على صفحة اللوح الإلكتروني ومن ثم مرحلة الاعتماد الأخيرة بعد الاختيار الأول، مخافة الوقوع في خطأ الاختيار وتصحيحه إن كان لذلك مقتضى واعتماد التصويت نهائياً، وهذا معمول به في كل من دولة الإمارات ومملكة البحرين وبعض الدول المتقدمة والعريقة في تنظيم عملية الانتخابات، ومن ثم فرز النتيجة آلياً بعد قراءتها من أجهزة الحاسب الآلي وإعلانها كونها تمثل التعبير الحقيقي عن إرادة الناخبين دون أن يرتب القانون على مخالفة الإجراءات المعتادة (م30-31 انتخاب) البطلان، وذلك أن غايتها الإعلان الحقيقي عن إرادة الناخبين وهذا قد تم بما تقدم بيانه.

ويزيد: بلا شك ان هذا الاستخدام يحقق عدة أمور إيجابية منها أن نسبة الخطأ في الفرز الفردي والجمعي قد تكون معدومة، وتوفر الجهد والمال على الدولة والجهاز القضائي والجهاز الأمني من عدم تكليف الدولة مطبوعات أوراق الانتخاب أو المكوث حتى ساعات الصباح من اليوم التالي للانتخابات لفرز أصوات في بعض الدوائر الكبيرة.

وعن رأيه في ان تعهد الطعون الانتخابية الى محكمة خاصة، قال العتيبي: ‏أنا لست مع من ينادي بأن تعهد الطعون الانتخابية إلى محكمة خاصة بدلاً عن المحكمة الدستورية مع أن الدستور الكويتي لا يمنع ذلك وترك الحرية للمشرع العادى في اختيار الجهة القضائية المختصة التي يعهد إليها بهذا الاختصاص من بين جهات القضاء وفق المادة 95 منه، وذلك لعدة أسباب منها أن الطعون الانتخابية غالبا ما تكون محملة بطعون دستورية تحتاج إلى أن تنظرها المحكمة الدستورية لقول كلمة الفصل فيها، وإذا عهدت الطعون إلى محكمة خاصة وقدم أمامها طعن انتخابي محملا بدفوع دستورية فإنها ستطبق عليها القواعد العامة عندما تنظر جهات القضاء العادي والخاص الدفوع الدستورية، فقد ترى المحكمة الخاصة عدم جدية الدفع والقضاء بالمسألة المعروضة عليها إما بقضاء فرعي يتعلق بالمسألة الدستورية فقط أو تضمنه قضاءها الكلي النهائي ومن درجة واحدة غير قابل للطعن بأي طريق لأن طبيعة الطعن الانتخابي تقتضي نظره على وجه السرعة وامام درجة واحدة، فإن كان حكما فرعياً يتعلق بشق الدفع الدستوري وقام الطاعن بالطعن على الحكم في شق المسألة الدستورية أمام لجنة فحص الطعون في المواعيد المقررة، فقد تقرر هذه اللجنة صحة قرار المحكمة فيما يتعلق بالشق الدستوري ورفض الطعن أو نقض الحكم في الشق الدستوري وإحالة الطعن برمته إلى المحكمة الدستورية بكامل هيئتها لنظره، وهنا يعود الأمر من جديد للمحكمة الدستورية.

ويضيف: بلا شك الوقت الذي مضى والاجراءات التي اتخذت في سبيل رفع الطعن ونظره كانت على حساب حسن سير العدالة وحقوق المتقاضين وفيه إبطاء لحق تقتضي طبيعته الإسراع في البت فيه لضيق الوقت في تصحيحه، وهنا أولاً: قد تقضي المحكمة الدستورية في الدفع الدستوري وترى عدم دستوريته ومن ثم سوف ندخل في جدل فقهي في حال عدم صحة انتخاب جزئي أم كلي طال العملية الانتخابية برمتها أو عدم صحة عضوية، يحتمه التساؤل التالي:

‏هل للمحكمة الدستورية أن تقضي بذلك من قبلها؟ أم أن دورها يقتصر في بيان الشق الدستوري المدفوع بعدم دستوريته وينعقد تنفيذ حكم الدستورية والاختصاص للمحكمة الخاصة بموجب قانونها؟

‏ قوائم حزبية وفردية

ولعل الباحث في الشأن الدستوري لا يغيب عن مخليته الجدل الفقهي الذي حصل بين كبار الفقهاء الدستوريين المصريين عندما قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية مجلس الشعب المصري عام 2012 واصدرت حكمها بعدم دستورية بعض مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية وجاءت حيثياته ببطلان انتخاب مجلس الشعب وبعض القوائم الحزبية والفردية، وكان منطوقه بعدم دستورية مواد القانون المطعون عليها وهو طعن محال اليها من جهة القضاء الخاص، فهل يحق لها ذلك ام يترك لجهة قضاء الإحالة وما حدث عقب ذلك من دعاوى منازعات التنفيذ حول القرارات التي اتخذت بناءً على هذا الجدل الفقهي. (نحيل إليها)

‏أو ثانياً: تقضي المحكمة برفض الدفع بعدم الدستورية وتقضي المحكمة المختصة بالطعون الانتخابية بالطعن المعروض عليها بحكم نهائي غير قابل للطعن من درجة واحدة، وتكون في حقيقة الأمر أن دعوى الطعون الانتخابية قد تنازعتها جهتا قضاء المحكمة الدستورية والمحكمة المختصة بنظر الطعون الانتخابية.

‏أما في حال تأييد لجنة فحص الطعون لقرار المحكمة في الشق الدستورى والفصل فيه من قبل المحكمة الخاصة بنظر طعون مجلس الأمة فيها بحكم نهائي غير قابل للطعن (من درجة واحدة) أو الفصل الكلي النهائي من قبلها (بالشق الدستوري والموضوعي)، فليس من حق الطاعن أن يطعن في الشق الدستوري أمام لجنة فحص الطعون في هذه الحالة لصدور حكم نهائي بالدعوى الموضوعية، والقاعدة أن الطعن الدستوري يكون متاحا متى ما كان الفصل بالمسألة الدستورية لازماً للفصل في الدعوى الموضوعية وطلباتها المطروحة على المحكمة المختصة، والحال هنا أن الدعوى الموضوعية قد قضي فيها بحكم نهائي بات، فلا يكون أمامه إلا أن يتقدم بطعن مباشر بدعوى أصلية أمام المحكمة الدستورية يتعلق بالمسألة الدستورية التي يدعي مخالفتها للدستور، وهذا الحق تقرر له بموجب المادة الأولى من القانون رقم 2014/109 بتعديل أحكام قانون المحكمة الدستورية، وهنا أيضاً عاد الأمر للمحكمة الدستورية من جديد، وتنازع دعوى الطعون الانتخابية جهتا قضاء أيضا!

الطعون الانتخابية

يقول د. نايف عايض العتيبي إن الحديث عن أن الطعون الانتخابية ليست محملة كلها بدفوع دستورية ليس صحيحاً على إطلاقه، لأنه بالنظر لأحكام المحكمة الدستورية المتعلقة بالطعون الانتخابية نجد أن جلها محمل بدفوع دستورية وأن الباقي منها يتعلق بالخطأ البشري في الفرز الفردي والجمعي التقليدي أو الإداري وهذه الدفوع ستزول بإذن الله بإشراف اللجنة الوطنية العليا على الانتخابات، وباستخدام التصويت والفرز الآلي فإن نسبة الخطأ الجمعي قد تكون معدومة، وبما أن الدفع الدستوري دفع يتعلق بالنظام العام فيجوز إبداؤه أمام المحكمة الخاصة بنظر الطعون الانتخابية في حال إقرارها في أي مرحلة من مراحل الدعوى قبل صدور الحكم النهائي، فلا يشترط أن يتقدم به الطاعن ابتداءً وبالتالي نعود لما سبق بيانه!

‏ووفقاً لما سبق بيانه، فإنني أرى أن يبقى نظر الطعون الانتخابية أمام المحكمة الدستورية لما يحققه ذلك من سرعة الفصل في دعوى الانتخاب، فهي الأقدر على ذلك لما تملكه من إرث تاريخي في نظر الطعون الانتخابية، وعدم تمزيق دعوى الطعون الانتخابية ونظرها بين جهات القضاء.