كان كاتسوهيكو هاياشي وأعضاء فريقه من جامعة «كيوشو» في «فوكوكا»، اليابان، يحاولون تقليد مسار تطوّر البويضة في المختبر. حقق فريق البحث نجاحاً معيناً في عام 2012، فحوّل خلايا الفئران الجلدية إلى خلايا جرثومية أولية، بما يشبه خلايا البويضات غير الناضجة في أولى مراحل النمو. لكن لإنهاء مسار النمو، كان يجب أن يُعاد زرع تلك الخلايا في مبيض الفأرة. تمكّن الفريق الآن من جعل خلايا البويضات تنضج بالكامل في طبق.

بدأ فريق كاتسوهيكو باستعمال فئران عمرها عشرة أسابيع تقريباً، أي ما يعادل 30 سنة وفق معايير شيخوخة البشر. أخذ الفريق خلايا من ذيولها واستعمل تقنية معروفة لتحويلها إلى خلايا جذعية متعددة القدرات تستطيع تجزئة مختلف أنواع الخلايا وتشكيلها.

من خلال وضع الخلايا في خليط من المركّبات المنتقاة، شجّعها الباحثون كي تصبح خلايا بويضات غير ناضجة. لكن كي تنضج الخلايا بالكامل، كانت تحتاج إلى المساعدة عن طريق نسيج مأخوذ من مبايض أجنّة الفئران. ومن خلال وضع مجموعة من خلايا المبيض الجنينية بين خلايا البويضات غير الناضجة في طبق، تحوّلت إلى بويضات ناضجة.

Ad

بهذه الطريقة، أنتج فريق البحث أكثر من 4 آلاف بويضة ناضجة.

لمعرفة مدى خصوبتها، خصّب الباحثون بعض البويضات بمني الفئران وزرعوها في أرحام إناث الفئران. من أصل 1350 جنيناً مزروعاً، وُلدت ثمانية جراء.

يقول عظيم صوراني من جامعة «كامبردج»: «إنه تقدم هائل. يُعتبر البدء بخلية جلدية لصنع بويضات قابلة للحياة عبر زرعها فكرة مدهشة».

بويضات بشرية

من المتوقع أن تتكرر النتيجة نفسها مع الخلايا البشرية بعد فترة. يقول هاياشي: «من الناحية التقنية، يمكن أن تنجح العملية. إذا تمكّنا من تصنيع بويضات بشرية، قد نحصل على أداة قوية جداً للشفاء من العقم».

يقول زيف روزنواكس من كلية الطب «وايل كورنيل» في نيويورك: «إذا استطعنا تطبيق هذه الطريقة على البشر، قد نتمكن من إلغاء العقم. تثير هذه الفكرة حماستي».

يظنّ جاكوب هانا من «معهد وايزمان للعلوم» أن هذا الاحتمال ممكن خلال خمس سنوات. يقول هانا الذي كان جزءاً من فريق صنع سابقاً خلايا بويضات غير ناضجة انطلاقاً من خلايا جلدية بشرية إن هذه الطريقة ستعطي قدرة غير محدودة على صنع البويضات.

إذا نجحت هذه الطريقة مع البشر، ربما تنتج التقنية المستعملة بويضات لدى المرأة التي تصبح أقل خصوبة مع التقدم في السن أو كل امرأة تحمل عدداً صغيراً من البويضات، ما يمكّنها من الخضوع للتلقيح الاصطناعي. يمكن أن تستفيد أيضاً المرأة التي يتضرّر مبيضها بسبب علاج السرطان مثلاً.

نظرياً، يمكن استعمال هذه المقاربة أيضاً لإنتاج خلايا بويضات تشتق من خلايا جلدية ذكورية، ما يطرح احتمال ولادة أطفال من أبوين بيولوجيَّين. يقول هانا: «تلقيتُ رسالة إلكترونية من ثنائي مثليّ للاستفسار عن هذا الموضوع. يجب أن تناقش الهيئات التنظيمية هذه المسألة، لكني أدعم الفكرة بالكامل».

لكن يطرح إنتاج بويضات مشتقة من خلايا ذكورية تحدياً صعباً. كان فريق هاياشي يحاول إنتاج بويضات تشتق من خلايا مأخوذة من ذيول ذكور الفئران، لكنها تموت تزامناً مع تجزئة الخلايا التي تُوزّع العدد المناسب من الكروموسومات على الخلايا الجنسية الناشئة. ربما يحصل ذلك لأن وجود كروموسوم Y (كروموسوم الذكور) يعوق تلك العملية. لكن قد يبرز بعض الطرائق لتجاوز هذه المشكلة مثل إزالة الكروموسوم Y.

عوائق

تبرز عوائق أخرى يجب تجاوزها قبل أن يبدأ أحد بإنتاج خلايا البويضات البشرية. استعمل فريق هاياشي نسيجاً جنينياً خلال التجربة لمنح خلايا البويضات دفعة أخيرة وتشجيعها على النضج بالكامل. لتكرار العملية نفسها مع الخلايا البشرية، يمكن استعمال نسيج مأخوذ من الأجنّة المُجهَضة، لكن يجب أن يطوّر الباحثون على الأرجح طريقة بديلة.

على صعيد آخر، لم يتأكد العلماء بعد من سلامة البويضات الجديدة. وصل جزء بسيط من الأجنّة التي طوّرها فريق هاياشي إلى مرحلة الولادة الحية. من بين ثمانية جراء وُلدت من خلايا جذعية مشتقة من الجلد، التُهِم اثنان من والدتهما. تتعدد الأسباب التي يمكن أن تفسّر ما حصل، من بينها احتمال أن يكونا غير طبيعيين.

يقول كريغ كلوغمان، خبير في أخلاقيات علم الأحياء في جامعة «ديبول» في شيكاغو: «قد نكون مستعدين لأخذ مجازفات معينة مع الحيوانات لكن لا يمكن أخذ المجازفات نفسها مع البشر. لن أوافق على هذه التقنية قبل التأكد من سلامتها».