تعيش الشعوب الحريات والديمقراطية في بعض الأوطان، وتحلم بها في أوطان أخرى، ولكننا ترعرعنا على الديمقراطية، فهذه الكويت وطن الديمقراطية والحريات منذ اختيار صباح الأول حاكما للكويت، فقد جبل أهل الكويت على المشورة، وتعاقبت العهود والأزمان إلى أن وضع الدستور الكويتي لحماية حقوق المواطن وتحديد واجباته، وبلغت التجربة الديمقراطية قمتها من خلال مجلس الأمة رمز الديمقراطية في الكويت.

لقد كانت الشعوب تنظر إلى هذا الصرح وتتمنى الحصول على جزء من الحرية التي نعيشها ونتمتع بها، وقد لا يستطيع البعض فهم واستيعاب الثقافة الديمقراطية للشعب الكويتي، فنحن أصحاب ثقافة خاصة نختلف في الرأي ولكن تبقى لدينا رواسخ ثابتة لا تتغير، وحبنا لهذا الوطن جميعا بجميع طوائفنا لا يستطيع أن يشكك فيه أحد، وأبرز مثال الغزو العراقي الغاشم، وصمود الشعب الكويتي والتفافه حول شرعية آل الصباح والتلاحم الوطني الذي ضرب أروع الأمثلة.

Ad

بعد تحرير الكويت وعودة الشرعية بفضل من الله عادت الديمقراطية الكويتية وتعاقبت مجالس الأمة، واكتملت الديمقراطية بحصول المرأة على حقوقها السياسية بالتصويت والانتخاب، إلى أن تم تغيير نظام التصويت، وتم الاعتماد على الصوت الواحد للناخب الكويتي.

وبتطبيق هذا النظام للتصويت بإيجابياته وسلبياته استمرت الديمقراطية الكويتية، ويقع اللوم دائما على نواب مجلس الأمة في أي وضع سيئ في البلد، وتوقف التنمية وغيرها من المشاكل المطروحة في الشارع الكويتي، نعم يتحمل النائب جزءا من المسؤولية لكنه لا يتحملها كاملة.

نواب مجلس الأمة وصلوا إلى قبة البرلمان بناء على نظام التصويت ونتائج انتخابات، وبتصويت أبناء دوائرهم حتى وصلت أعداد الناخبين للمرشح الواحد إلى آلاف الأصوات، إلا أن الوزراء يختارهم رئيس مجلس الوزراء بصفته، أي أنهم حصلوا على مناصبهم بصوت واحد فقط، فلماذا يحاسب النواب وهم وصلوا بناء على أصوات أبناء الشعب محاسبة عسيرة في حين لا يوجد قانون يحاسب الوزراء غير الاستجواب، ودائما لا يأتي بالنتيجة المطلوبة؟

فلذلك على رئيس مجلس الوزراء القادم أن يحسن الاختيار، وليكن اختياره مبنيا على الكفاءة والثقة والأداء المتميز لا على أساس الطائفة أو الكتلة أو القبيلة، تطبيقا لمقولة صاحب السمو أمير البلاد عندما أوصى بحسن الاختيار، فلم يعد الوضع يحتمل مجاملة فئة على حساب الشعب.

فالكويت لا تنقصها الكفاءات العلمية والعملية، ولدينا الكثير ممن يستحق الفرصة لإنقاذ الوضع المتردي في الوزارات، فاختياره يحدد مستقبل هذا البلد، فقد آن الأوان أن تنهض الكويت بسواعد أبنائها المخلصين، واختياره لوزراء أكفاء قادرين على مواجهة التحديات ينقذ الكويت من كل أزمة متوقعة أو حاصلة فعلا، فنحن نحتاج لوزير ذي فكر استراتيجي وصاحب قدرة على التخطيط والإنجاز والتنفيذ واتخاذ القرار وتطبيق القانون وإنجاز المشاريع المعطلة التي أصبحت حبيسة الأدراج لعدم وجود وزير قادر على تنفيذ هذه المشاريع بطريقة قانونية وعملية.

أتمنى أن نجد في التشكيل الوزاري القادم الوزراء الذين يحققون آمالنا وطموحاتنا، ويكونون حريصين على مستقبل أبنائنا.