دقت طبول الانتخابات فتسابق المرشحون لاعتلاء المنصات، هذا يهدد الحكومة وذاك يتوعد وهو "يزبد" وزير الداخلية، وأخطرهم ذلك المرشح المكيافيلي الذي يطبق قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة"، وقبل منامه يتعلم فلسفة مكيافيلي في كتابه "الأمير" كما فعل أسلافه من الطغاة، فكل متلون مخادع هو تلميذ لهذه المدرسة العريقة بتخريج حفنة من القادة الذين صعدوا للسلطة على جماجم الضعفاء.

فمن نصائح مكيافيلي أن يرتدي السياسي ثوب التدين، محافظا على العهد وموفيا بالوعد، إلا إن تعارض مع مصلحته فهنا ينزع ثوب التدين لكي يحقق أكبر منفعة شخصية له. ولا أدل على وجود كثيرين يطبقون هذه النظرية من واقعنا في الانتخابات، حيث يستدل "مولانا" بكل ما ورد من آيات وأحاديث في الكتب الستة معزّزاً رأيه ومفنّدا كل حجة ضده، وما إن تتغير اللعبة السياسية حتى تراه يضع مصلحته موضع القبلة فيصلي لها آناء الليل وأطراف النهار مؤولاً الدين حسب هواه.

Ad

ومما يؤكده مكيافيلي أنه "لا ينفع المرء أن يكون شريفا دائما"، فإذا كنت نزيها واضحا صريحا مع الناس فسيكرهونك، لأنك تسمعهم ما لا يريدون سماعه، وهو الإصلاح الذي لا ينبت إلا في رعية هم أهل لها، لذلك عليك أن تكذب ثم تكذب ثم تكذب حتى يصدقوك فيكذبوا واقعهم، ومن ثم ينتخبوك فتكون ممثلا عن أناس لم يرتضوا التعايش مع الحقيقة!

إن فلسفة مكيافيلي قائمة على الاستبداد السياسي والخداع ومداهنة الفساد حتى تبقى في السلطة، فمن "فانز" هذه الفلسفة الزعيم النازي هتلر الذي لم يكن ينام إلا على هدهدة قراءة مكيافيلي، وقيل إن المقبور صدام حسين كان من أشد المناصرين لهذه الفلسفة، وكلاهما انتخب من الشعب، وكانا وبالا على وطنيهما وأشعلا الحروب الطاحنة التي نتجرع آلامها إلى اليوم.

ومن هنا نستنتج أن من كانت مواقفه متلونة، ووعوده زائفة، ومستبسلا لنيل الكرسي بكل ما أوتي من قاموس الكذب والخديعة فهو قولا واحدا المرشح المكيافيلي!