أكدت مصادر مقربة إلى حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن مرحلة ما بعد تحرير الموصل ستشهد محاولات جادة لـ«تذويب الحشد الشعبي وتفكيكه» حتى لو تطلب ذلك «فتوى» من مرجعية النجف العليا، ولهذا فإن قادة الفصائل المسلحة كسروا حواجز عديدة ولجأوا الى مقتدى الصدر وهو خصم مفترض، ليوفر لهم نوعاً من الحماية.

وبينت المصادر أن جهات شيعية «معتدلة» تحاول منع احتكاك هذه الفصائل بأي قوات أخرى عراقية أو تركية خلال معارك الموصل، وذلك بمناورات في توزيع القوات وتحكم بمستوى التسليح وكميته.

Ad

وتتصاعد المخاوف من صعود «الحشد نحو تلعفر غرب الموصل ووصوله إلى قرب الحدود السورية لأول مرة، لأنه قد يعني صدامات قادمة مع تركيا ومع التحالف الدولي. وتقول المصادر «إن هذا هو عمق الموضوع، فاحتمال التصادم قائم بقوة»، لكن مصدراً مسؤولاً يكشف عن «إجراءات وقائية» اتخذتها القوى الشيعية القريبة إلى العبادي، مثل جعل سرايا عاشوراء في مقدمة القوات الصاعدة نحو الموصل.

وسرايا عاشوراء تمثل عمار الحكيم المصنف بأنه الطرف المعتدل في التحالف الشيعي، حيث ستكون في مقدمة الفصائل الشيعية المتجهة الى تلعفر، وتأتي خلفها العصائب والتشكيلات المتشددة الأخرى، ليتم التعامل مع أي سيناريو سيئ بطريقة «أكثر حكمة»، حسب المصدر نفسه.

وتشير مصادر أخرى إلى أن العبادي الذي «اضطر» إلى قبول مشاركة الحشد على أبواب الموصل الغربية، بعد ضغوط متنوعة، حرص على عدم تقديم سلاح جديد إلى أفراده وطلب منهم «الاكتفاء بما بقي في مخازنهم» بعد المعارك السابقة، وهذا نوع من تكتيكات التحكم التي طالما استخدمتها بغداد مع الحشد.

وتلعفر بلدة غرب الموصل يقطنها تركمان شيعة مع أعداد كبيرة من السنة، وتعرضوا لمجازر على يد تنظيم القاعدة ثم «داعش»، ويقول الشيعة إن لديهم مبررات كثيرة للتدخل لتحريرها والبقاء لحمايتها لاحقاً، رغم أن للأمر علاقة واضحة بنوايا إيران بشأن الحدود السورية- العراقية، في حين تنظر تركيا إلى المدينة كمركز للتركمان والثقافة التركية وتجد مبررات قوية أيضاً للتدخل فيها.

وتحظى حكومة العبادي بدعم فصائل الحشد المقربة إلى مرجعية السيد علي السيستاني في النجف، لكن نصف الفصائل المتبقية على الأقل ولديها ثقل عسكري واستخباري فاعل، ليست على وفاق مع الحكومة واصطدمت بالجيش العراقي مرات عدة.

ومطلع الأسبوع الماضي، زار قادة الفصائل المقربة إلى إيران مقتدى الصدر في بيته بالنجف، وأُعلن لاحقاً أن زعيم التيار الصدري أبرم معهم «اتفاقاً أولياً» يتضمن عدم التصادم مع الدولة ودعم الجيش، وعدم اعتبار الحشد الشعبي «كياناً مقدساً فوق النقد» والاعتراف بالأخطاء والانتهاكات حين تحصل، واعتُبر الاتفاق أمراً غريباً

إذ ليس من عادة هذه الفصائل أن تقبل تفاهمات كهذه.

وذكر المصدر المقرب إلى حكومة العبادي أن الحشد قلق جداً من مرحلة ما بعد الموصل «وهو يعلم أن المرجعية أعدت خطة لتفكيكه وتذويبه في مؤسسات الدولة حتى لو تطلب الأمر إصدار فتوى دينية توازي الإجراءات الرسمية»، وموقف المرجعية هذا سيعني خسران الغطاء الشرعي الذي يتمتع به الحشد حالياً، مشيراً إلى أن تقرب الفصائل من الصدر «حصل على مضض منها» كي تجد ملاذاً آمناً في الحد الأدنى وفي إطار نفوذ الصدر الديني والسياسي.

وأوضح المصدر أن قادة الحشد أرادوا «تطمينات» هدفها تخفيف التفكيك القادم أو تأخيره أطول مده ممكنة، «لأنهم يراهنون على خلق وضع سياسي جديد اعتماداً على وهج الحشد».

إلى ذلك، وبعد ساعات من أعنف هجوم يشنه رئيس الحكومة السابق نوري المالكي على رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني واتهامه بتنفيذ أجندات إسرائيلية وتركية، وصل رئيس التحالف الوطني الذي يضم كل الاحزاب الشيعية الأساسية عمار الحكيم إلى أربيل، وتفقد محور الخازر، والتقى بارزاني، كاشفاً عن مبادرة يعدها التحالف لحل أزمات العراق وتعزيز الشراكة بين مكوناته.