بينما يستعد وزراء «أوبك» للاجتماع في فيينا الشهر المقبل، لبحث تفاصيل الاتفاق على خفض الإنتاج، الذي تتطلع إليه الأنظار، وإن لم يكن مؤكداً حتى الآن، يتهافت تجار النفط على بناء مراكز في أسواق العقود الآجلة والخيارات في محاولة للاستفادة من أي اتفاق.

وفي حين أي اتفاق على خفض الإنتاج تتوصل إليه منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» قد يدخل حيز التطبيق في الأول من ديسمبر، يقول متعاملون، إن التأثير الأكبر على الأسعار سيظهر في عقود التسليم في أوائل 2017، خصوصاً عقد فبرايرن وليس في السوق الفوري.

Ad

وحتى عقود يناير ستكون أقل تأثراً لأن تداول هذه العقود سينتهي في يوم الاجتماع نفسه، بما يجعل عقد فبراير أول العقود التي يتزامن تداولها مع الاجتماع نفسه. وتظهر بيانات السوق تدفقاً مطرداً من المراكز الجديدة على عقد فبراير في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع عدد المراكز - المعروفة باسم المراكز المفتوحة - في عقود فبراير الآجلة 48 في المئة، منذ لوحت «أوبك» باحتمال خفض الإنتاج في 28 سبتمبر، وقد سجل سوق الخيارات أيضاً قفزة في النشاط المرتبط بشهر فبراير.

وارتفع عدد المراكز المفتوحة في العقود الآجلة لشهر مارس - والتي تغطي الفترة التي سيظهر فيها تأثير أي تعديل محتمل في الإمدادات - بنسبة 12.7 في المئة منذ 28 سبتمبر، وارتفعت أسعار عقود فبراير ومارس بنحو 5.5 في المئة منذ ذلك الحين.

وكانت المرة الأخيرة، التي خفضت فيها «أوبك» الإنتاج لدعم السوق في 2008 خلال بدايات الأزمة المالية العالمية. ولم يظهر تأثير ذلك الخفض الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر 2008 إلا في إنتاج «أوبك» في يناير 2009، الذي بلغ 28.69 مليون برميل يومياً انخفاضاً من 30.22 مليون برميل يومياً قبل شهرين من ذلك. وانخفضت أسعار النفط كثيراً من مستويات تزيد عن 60 دولاراً للبرميل في أواخر أكتوبر، ثم استقرت قرب 45 دولاراً للبرميل في يناير، قبل أن تتعافى على مدار السنة. لكن، الوضع العام في ذلك الوقت كان مختلفاً إلى حد كبير، فقد خفضت «أوبك» إنتاجها بأكثر من المخطط له اليوم لتقلص الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يومياً، لكن تحركها جاء رداً على انخفاض الطلب.

أما مصدر القلق الرئيسي حالياً فهو المعروض، وطفرة النفط الصخري جعلت من الولايات المتحدة ثالث أكبر منتج للنفط، وأدت زيادة إنتاج «أوبك» وكذلك إنتاج روسيا بعد الحقبة السوفييتية إلى فائض مستمر في الإنتاج العالمي. ويقول معظم المحللين، إن الإنتاج العالمي سيبقى مرتفعاً، حتى وإن خفضت «أوبك» الإنتاج، ومن ثم لا يتوقعون قفزات سعرية كبيرة عقب الاتفاق.

وخفضت «برنشتاين إنرجي» هذا الشهر توقعاتها لسعر خام القياس العالمي مزيج برنت في 2017 إلى 60 دولاراً للبرميل، انخفاضاً من 70 دولاراً للبرميل في التقديرات السابقة.

وذكرت الشركة أن «الإمدادات القياسية من «أوبك» منذ بداية العام وانخفاض تقديرات الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كذلك المخزونات التي لا تزال مرتفعة كلها عوامل دفعتنا إلى خفض توقعاتنا لأسعار النفط أو إبقائها دون تغيير». ويقول خبراء سوق النفط العصريون، إن مستوى 60 دولاراً للبرميل هو ذاته مستوى 90 دولاراً ولكن بشكل جديد، دفاعاً عن الرأي القائل إن مكاسب الإنتاجية وتحسين التكاليف وحروب الأسعار قد هبطت بالنفط إلى هذا المستوى. ويدعي البعض في الولايات المتحدة وقادة منظمة «أوبك» في فيينا أن 60 دولاراً للبرميل هو المستوى الجديد الملائم للنفط على المدى الطويل، بحسب تقرير لموقع «أويل بريس».

تغيرات وأنماط جديدة

- ليس كل المنتجين سواء، فليست لديهم الخبرة نفسها أو البنية التحتية لجعل بياناتهم المالية تبدو جيدة عند مستوى 60 دولاراً للبرميل، وبنظرة وراء الكواليس، يتبين أن صناعة النفط أصبحت أكثر وضوحاً الآن.

- لو أن هناك نمطاً جديداً واضحاً فهو دورة الاستثمار القصيرة في الدورات الطويلة الجديدة، بمعنى أن النفقات الرأسمالية الصغيرة، وإعادة السداد سريعاً، والعوائد الأكيدة أصبحت أكثر أهمية بالنسبة لصناعة النفط.

- لم يعد هناك ضخ لمليارات الدولارات وتدشين مشروعات الكبرى تستغرق ربما أكثر من 10 سنوات، والتي قد تخضع للتقلبات الجغرافية والسياسية على المدى الطويل، ومواجهة مخاطر نزع الملكية والفساد وعدم اليقين.

- الاستثمار في المشاريع ذات الدورات القصيرة بمنزلة بدعة يحتمل انتهاؤه قريباً، وشوهدت حقول النفط الرئيسية في الولايات المتحدة تواصل أعمال التنقيب عندما هبط سعر برميل النفط إلى 60 دولاراً في بورصة نيويورك.

- أغلب الموارد النفطية في العالم قد تبدو أكثر انتعاشاً مع الوصول إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل أكثر مما كانت عليه قبل عامين.

- يمكن لمشاريع «نصف الدورة» المطورة جزئياً مع بنية تحتية جيدة أن تعمل عند مستوى 60 دولاراً للبرميل أو حتى أقل من ذلك.

- حتى النفط في منطقة الشرق الأوسط لا يخرج عن هذه النمطية، رغم أن التكاليف الاجتماعية المرتفعة، والتي تعد من الضروريات قد تجعل سعر البرميل أعلى من ذلك، لكن هذه الأمور لا تتخطى كونها نظريات.

- لا يوجد أي دليل مادي يؤكد أن هناك مشروعات ذات دورات قصيرة يمكنها الاعتماد على سعر 60 دولاراً للبرميل، لإرضاء السوق العالمي الذي سيصل الطلب فيه خلال سنوات إلى 100 مليون برميل يومياً.

- الأمر المؤكد حالياً هو أن المواقع الجغرافية، التي ينتج فيها النفط وفقاً لمستوى أقل من 60 دولاراً للبرميل ليست جيدة مقارنة بالإنتاج عند سعر 90 دولاراً للبرميل.

بارقة أمل

- من منظور السوق الحرة ولفترة طويلة، تمت ملاحظة أن نحو 80 في المئة من النفط حول العالم يخضع لسيطرة شركات تابعة للحكومات، بينما نسبة الـ20 في المئة الباقية توجد في الولايات المتحدة وكندا وبحر الشمال.

- جزء كبير من أعمال بنسبة الـ20 في المئة (النفط التابع لجهات غير حكومية) يعتبر ذا دورة طويلة، ومنه أعمال الرمال النفطية ومشاريع القطب الشمالي، لذا فإن فرص الاستثمار فيه ضعيفة، على الأقل حتى الآن.

- بمجرد انحسار تخمة المخزون العالمي من النفط، سوف تحتاج الشركات المنتجة لتكثيف إنفاقها على عمليات الاستخراج، وسيتعين عليها استثمار مئات المليارات من الدولارات على مدى سنوات لضخ المزيد من الخام.

- حتى يحدث ذلك، ومع ارتفاع التكاليف مجدداً (العلاقة التاريخية بين التكاليف والأسعار طردية) ستدفع مثل هذه الدورات أسعار النفط مجدداً للعودة بشكل حقيقي إلى مستوى 90 دولاراً للبرميل.