شارك ملايين الفنزويليين في مناطق متفرقة من البلاد، أمس، بتظاهرات في أحدث احتجاج على وقف نظام الرئيس اليساري الشعبوي نيكولاس مادورو حملة تقودها المعارضة لإجراء استفتاء على بقائه فى منصبه.

وتخلل التظاهرات أعمال عنف في بعض المناطق، حيث قام عدد من الشباب الملثم بإضرام النيران في أكوام القمامة، وأقاموا حواجز على الطرق في مدينة حدودية مع كولومبيا، والتي تعد معقلا للمناهضين لمادورو.

Ad

وظهر اختبار قوة جديد، أمس، في فنزويلا بين معارضة وسط اليمين والحكومة الاشتراكية، حيث تسعى الأولى لتعبئة كثيفة في الشارع، فيما يتمسك مادورو بالسلطة، محاولا استعادة زمام المبادرة.

وتتزايد الأزمة في هذا البلد النفطي الذي يعاني تدهورا اقتصاديا حادا مع هبوط أسعار النفط، فيما يتبادل طرفا الأزمة الاتهامات بالقيام بـ "انقلاب".

وقام مادورو الاثنين بمناورة أحدثت بلبلة في المشهد السياسي في هذا البلد، إذ توقف في طريق عودته من جولة في الشرق الأوسط، في روما، لعقد لقاء لم يعلن عنه مسبقا مع البابا فرانسيس.

وبموازاة ذلك، التقى موفد من الفاتيكان في فنزويلا مسؤولين من المعارضة ومن الحكومة سعيا لإعادة فتح قناة الحوار بين الطرفين. وبعدما وافق البعض على عرض الحوار، سارع قادة في المعارضة الى رفضه، ما كشف عن الانقسامات داخل طاولة "الوحدة الديمقراطية"، ائتلاف المعارضة الذي فاز في الانتخابات التشريعية في نهاية 2015.

وصدر هذا الاعلان المفاجئ عن محادثات جارية، في ظل توتر شديد يسود هذا البلد، بعدما علق المجلس الوطني الانتخابي آلية اجراء استفتاء من أجل إقالة الرئيس، كان يفترض أن تدخل مرحلتها الأخيرة هذا الأسبوع.

وبعد قرار الهيئة الانتخابية، دعت المعارضة الى تظاهرات ضخمة، أمس، للمطالبة برحيل الرئيس الذي انتخب عام 2013 لولاية تنتهي في 2019.

وكانت استراتيجية معارضي التشافية (نسبة الى الرئيس الراحل هوغو تشافيز 1999-2013) تقوم حتى الآن على تنظيم تظاهرات متتالية، وقد لقيت نجاحا متفاوتا، غير أن المواطنين باتوا يخشون حصول تجاوزات وأعمال عنف، وقد أحبطت عزيمتهم.

وصعدت المعارضة ضغوطها، أمس الأول، فعقدت اجتماعا للبرلمان، الهيئة الوحيدة التي تسيطر عليها، للتصويت على مباشرة آلية لإقالة الرئيس الذي تتهمه بالقيام بانقلاب.

في سياق متصل، أقر النواب فتح آلية ضد نيكولاس مادورو تهدف إلى النظر في مسؤوليته الجنائية والسياسية والتقصير في أداء واجبه، وفق ما جاء في القرار. كما دعا البرلمان الرئيس إلى الخضوع لتصويت الشعب الثلاثاء المقبل.

ولا يعرف بوضوح ما سيكون وقع مثل هذا التصويت من برلمان لم يعد الرئيس يعترف به وأعلنته المحكمة العليا مخالفا للقانون لأنه يضم في صفوفه ثلاثة نواب مشتبه بهم في قضايا تزوير، وقد جمدت كل مشاريع القوانين التي يصدرها منذ ان سيطرت المعارضة على الغالبية فيه في يناير، واضعة حدا لهيمنة التشافيين عليه على مدى 17 عاما.

وان كان الدستور الفنزويلي لا ينص على آلية لإقالة الرئيس، الا انه يتضمن تدابير في حال الاخلال بالواجبات الرئاسية، بحسب ما أوضح خبراء في القانون.

مادورو يرد

وردا على مثل هذه الآلية التي ندد بها مادورو أيضا باعتبارها انقلابا، دعا الرئيس الى عقد مجلس للدفاع الوطني، أمس، حتى تتمكن "جميع السلطات العامة من تقييم الانقلاب البرلماني الذي تقوم به الجمعية الوطنية". ويضم المجلس الذي نص عليه الدستور الفنزويلي، الى الرئيس، ممثلين عن السلطتين التشريعية والقضائية ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية.