هل من المنطق الحكم على المجلس القادم والتنبؤ بعمره الافتراضي في حين لم يغلق باب الترشح؟ وهل من المواءمة السياسية إصدار أحكام مسبقة في هذا الشأن دون أن تتضح معالم المجلس الجديد وتركيبته؟ وهل هذا النوع من التحليل يصب في اتجاه تعزيز الأمل في الاستقرار السياسي أو يكون باعثاً على استمرار حالة الإحباط واستمرار مقولة "لا طبنا ولا غدا الشر"؟

هناك مجموعة من المؤشرات السياسية التي تحمل دلالات قد تكون واضحة للمتابع والمهتم في الشأن العام، والتقييم الموضوعي لهذه المؤشرات قد لا يدعو إلى الكثير من التفاؤل، وفي مقدمتها الطريقة الغريبة والمفاجئة لحل مجلس 2013، فقد يلجأ إلى المحكمة الدستورية باعتبار ما جرى عبثا سياسيا وتعسفا حكوميا لإلغاء السلطة التشريعية دون مبررات واضحة، الأمر الذي قد يربك المشهد السياسي برمته ويعيده إلى المربع الأول.

Ad

المؤشر الثاني يكمن في هرولة الكثير من المقاطعين السابقين لخوض الانتخابات ليواجهوا تهمة نكث الوعود والعهود والمبادئ التي نادوا بها، خصوصاً من أصروا على مقاطعة الانتخابات بعد صدور حكم المحكمة الدستورية، كما أن التصريحات الأولية لبعض المقاطعين المشاركين هي ذاتها الشعارات الاستفزازية سياسياً وطائفياً التي تسببت مع ردود فعل البعض عليها في تهييج الشارع واللعب بعواطفه، وهذا ما يعيدنا إلى صناديق الاقتراع تحت أجواء من الطائفية والقبلية فتنحسر معها الأطروحات الوطنية والإصلاحية ومن يمثلها، ولا يستبعد أن يشهد البرلمان القادم تلك السجالات السخيفة والاستعراضات المسرحية فتهمل القرارات والتشريعات الفاسدة التي أقرها المجلس المنحل، وتبقى سارية المفعول لتستنزف جيب المواطن وتقيد حريته ويسلط عليه سيف الترهيب السياسي.

المؤشر الثالث يتمثل في أفضل السيناريوهات وهو احتمال وصول عدد كبير من مرشحي الشارع الغاضب بهدف مواجهة الحكومة ومحاسبتها بلا رحمة، وخصوصاً الاستهداف المباشر لرئيس الوزراء، سواء مع استمرار الشيخ جابر المبارك على رأس الحكومة، أو عودة الشيخ ناصر المحمد بحسب بعض التسريبات والتخمينات، وبمجرد نجاح 25 مرشحاً من خارج رحم المجلس السابق يمكن القول إن البرلمان الجديد يكون في مهب الريح إما ببطلان الانتخابات أو حل المجلس الجديد وبشكل مبكر جداً.

لكن في حال اختيار تركيبة مشابهة أو قريبة من مجلس 2013 ليكون عديم القيمة سياسياً أو يتحول إلى فخار يكسر بعضه، فبالتأكيد تكون الحكومة هي المستفيد الوحيد والأكبر، فمن جهة ينشغل النواب بالقضايا الشخصية والمعارك الجانبية، وتبقى قرارات الجرائم الإلكترونية والحرمان السياسي والحبس الاحتياطي والقيود الأمنية ورفع أسعار البنزين وبعدها أسعار الكهرباء، بل تستكمل حزمة "الإصلاح الاقتصادي" المرعبة شعبياً بما فيها من رفع الرسوم وخفض الرواتب وبيع أصول الدولة من بوابة الخصخصة الجارفة والقادمة. كما تكسب الحكومة من دخول بعض المقاطعين في الحياة السياسية، فتضم بعضهم تحت عباءة التوزير والمناصب القيادية وبقية المغريات، وتشرك البعض الآخر في نتائج المشهد السياسي العقيم والمستمر في السوء لتنهي ما قد تبقى لهم من رصيد شعبي في المستقبل، فالأجواء سيئة مهما ضربت الأخماس في الأسداس!