ما تفاصيل العمل المرتقب صدوره مع الفنان مارسيل خليفة؟

Ad

خلال الشهرين المقبلين يصدر لنا ألبوم غنائي مزدوج يضمّ 20 أغنية من ألحان مارسيل خليفة وتوزيعه تجسّد أنماطاً موسيقية أجنبية وعربية متنوعة بين القصيدة والموّشح والطقطوقة والكلاسيكية والتهويدة والشعبية، معزوفة من أوركسترات عربية وأجنبية وعالمية.

ما الإضافة التي تحققينها من خلال هذا اللقاء؟

أخذ مارسيل خليفة موسيقى الألبوم بإبداعه إلى حدود بعيدة، استطعت من خلالها التعبير بطريقة مختلفة ولكنني جذبتها أيضاً نحو مكان يشبهني ملؤه الحبّ والأمل.

إنه ألبومك الغنائي الأول، فهل يتوّج مسيرتك الفنيّة؟

صحيح. حان الوقت لإصدار ألبوم غنائي خاص بعدما أمضيت فترة طويلة في التصوير وإحياء مهرجانات حول العالم متجاهلة الأمر، رغم أن تضحيتي لم تذهب سدى بل أكسبتني كثيراً من الخبرة والمعرفة. أي عمل مع مارسيل خليفة هو تتويج للمسيرة الفنيّة، وبالتالي أعتبر هذا اللقاء خطوة مهمّة جداً ستؤسس لخطوات لاحقة.

إطلالات

لاحظنا أن أغنية «يا ترى» التي أديتها في النروج وعلى مسرح «بعلبك» مختلفة عن تلك التي صدرت أخيراً؟

في البداية، أشير إلى أنها كتابة لوقس صقر ومن ألحاني وتوزيع جورج قسيس. أديت هذه الأغنية التي تعني لي الكثير بمعية الأوركسترا في النروج ورددّها الجمهور معي في «مهرجان بعلبك الدولية»، لكننا عدّلنا التوزيع الموسيقي لتسويقها قبل صدور الألبوم، كذلك ندرس إمكان تصويرها على طريقة الفيديو كليب.

إطلالاتك على الجمهور اللبناني محدودة. ما أهمية نجاح مهرجاني «بعلبك» و«سمار جبيل»؟

مهما وقفت على مسارح عالمية وتجوّلت حول العالم لتنفيذ البحوث والوثائق، إن لم أقدّم شيئاً ناجحاً في بلدي، سأشعر دائماً بنقص وغصّة. بدأت أشعر بمساحة فنية أوسع لي في وطني الذي تجذّرت فيه وانطلقت منه إلى العالم، خصوصاً بعدما وقفت على مسرح «بعلبك» الذي شكّل حلمي الأكبر، هذا المسرح الذي وقفت عليه أيقونات موسيقية عربية وغربية. أحسست هناك برهبة كبيرة، كأنها إطلالتي الأولى على الجمهور، لذا فرحت جداً عندما نفدت الحجوزات وتجمهر الناس خارج المعبد للاستماع إليّ.

هل يفرض المكان خيارات موسيقية معيّنة؟

طبعاً، إنما مهما بلغ التنويع ذروته، يبقى خيط وحيد يربط بين خياراتي كلّها، يعبّر عن شخصيتي الفنيّة وعن هويتي الموسيقية. بالنسبة إلى «بعلبك»، يعبق الحجر بصدى الذين وقفوا هناك منذ سنوات طويلة، فهو مكان حيّ بشعبه وتاريخه، لذا عندما يتوّجه الجمهور إلى هذا النوع من المهرجانات فهو يتوّقع مستوى فنياً معيّناً.

السفيرة وجمهورها

سفيرة مؤسسة Roads for life، ما الذي تكسبينه من تجربة مماثلة؟

إنها مؤسسة ذات وقع اجتماعي كبير كونها تقدّم نشاطاً قيّماً وفريداً من نوعه. حوّلت السيدة زينة قاسم الألم والضعف إلى قوّة، مبتكرةً مشروعاً قد ينقذ حياة الآلاف يومياً، عبر تدريب الصليب الأحمر اللبناني والقوى الأمنية والدفاع المدني على عمليات إنقاذ معيّنة. لهذا السبب يهمني شخصياً تقديم صوتي للمؤسسة بهدف دعمها وتسويقها. مع الإشارة إلى أننا نتحضّر لإحياء حفلة تعود لصالحها بمعية الأوركسترا اللبنانية بقيادة المايسترو لبنان البعلبكي في 16 نوفمبر المقبل في قصر الأونيسكو.

نشعر وكأن اتحادك بالموسيقى وضعك تحت سيطرتها التامة؟

أتمنى أن أكون مسكونة لآخر الدرجات في الموسيقى وبلوغ حد الجنون فيها كونها حالة أعيشها يومياً ونتحدّ معاً حتى تستحوذ عليّ بإرادتي، فهي اللغة التي أعبّر من خلالها. إلى ذلك أصفها بالبيت الذي اخترت أن أسكنه والتنقّل بين غرفه التي لكل منها جوّها الخاص. من جهة أخرى، عندما أغنّي على المسرح لا أستيقظ من هذا الحلم والرحلة اللامتناهية إلا حين يعلو التصفيق.

تعيشين حالة مثالية مع الموسيقى بعيداً من المنطق التجاري والتسويقي في حين أن الساحة الفنيّة تتطلّب منطقاً مختلفاً.

كان الأمر صعباً في بداية مسيرتي، خصوصاً أنني لا أعلن عن نشاطاتي المختلفة لأنني كنت أخشى كثيراً من هذا المجال الفنيّ، ومن أن تتجرّح صورة الموسيقى التي أحيا فيها ومنها. ما من إنسان كامل وكلّنا معرضون للخطأ في ظل مجالٍ يجرناّ نحو متاهات لا نريد أن نكون فيها. ما من شكّ في أننا نعيش حالة إنسانية صعبة وثمة انحطاط في المستويات كافة، وطالما أن الفنّ مرآة المجتمع لذا يقف في مكان هابط أيضاً وهذا أمر متعب ومخيف ومقلق يتطلّب تحصين أنفسنا والابتعاد. إنما لا يمكننا البقاء بعيداً لفترة طويلة، ففي النتيجة يجب أن نحقق التغيير، خصوصاً أنني أرفض مقولة أن الجمهور يريد هذا المستوى الهابط. برأيي يقدّر الجمهور الفنّ الجميل وتدريجاً سيعتاد عليه مجدداً، مثلما عوّدنا أهلنا على الفنّ الأصيل يمكن أن نعوّد أولادنا على الموسيقى الأصيلة التي تهذّب الروح. فإذا لم نتحرّك نحن كموسيقيين متخصصين في اتجاه التغيير، فمن يفعل؟

ما دامت أعمالك بعيدة من الشعبوية، هل تشعرين باكتفاء ذاتي عندما تقفين على مسرح مكتظّ بجمهور غفير؟

من ضمن «الريبرتوار» الذي أقدّمه في الحفلات أغانٍ تقليدية شعبية مثل «طلعت يا محلا نورها». كذلك أقدّم أعمالاً مماثلة في ألبومي الجديد، قريبة من الجمهور غير معقّدة كلاماً أو لحناً. من الطبيعي أن نشعر باكتفاء ذاتي على المسرح إنما بمسؤولية كبيرة بغض النظر عن عدد الحضور الذي يقدّم وقته الثمين لنا ما يفرض احتراماً متبادلاً، خصوصاً أنني أستمد منه طاقة تنعكس على أدائي وحضوري.

ما الذي تكسبينه بعد الاحتكاك بجمهور مختلف ثقافياً وفكرياً عنك؟

ينقسم سفري إلى قسمين، واحد لإقامة المهرجانات وإحياء الحفلات وآخر لإتمام وثائقيات برنامج «موسيقى الشعوب». برأيي، اللقاء الإنساني مع الآخر المختلف جذرياً عنّا مهمّ جداً ولا بدّ من أن يتحقّق عبر الفنون والموسيقى ما أعتبره غنى شخصياً، خصوصاً أنه يشعرني بأنني في بداية المشوار. على كلٍ، أشعر بأن الموسيقى هويتي التي تمهّد أمام لقائي مع كل إنسان في أي مكان، فتتحوّل العلاقة إلى تقارب حتى نصبح معنيّين أكثر ببعضنا .

خيارات وأبعاد

هل من نمط موسيقي معيّن تفضّلين؟

أنا لبنانية أولاً، تجذّرت في هذه الأرض ونشأت على الموسيقى اللبنانية التقليدية والعربية الكلاسيكية، وهي لغتي الأم المفضّلة، وإذا لم أكن متمكنة من أنماطها لا يمكن تحقيق أي شيء في أي مكان، لأنني أستمدّ منها قوّتي. أحبّ أنواع الموسيقى الأخرى وأؤدي 25 لغة درستها وتوجّهت إليها، لكنني لبنانية عربية أولاً.

خياراتك الشعرية صعبة، من بينها أداء قصائد المتنبي، فإلى أي مدى تخوضين التحديات في هذا الإطار؟

طلبت منّي وزارة الثقافة في الإمارات تنفيذ عمل متكامل احتفاء بالشاعر المتنبي في إطار معرض الكتاب الدولي. لذا لحنّت جزءاً من أشعاره لأدائها بتنفيذ الأوركسترا البلغارية. قدّمنا مختارات من قصائده وهي صعبة طبعاً وترجمنا قطعة موسيقية شعرية طويلة إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية.

هل يختلف التعبير بالإحساس الموسيقي بين لغة وأخرى؟

لكل لغة أنماطها الموسيقية الخاصة وفق المحيط الذي وجدت فيه والشعب الذي تكلمه، ولهؤلاء تراثهم وتقاليدهم. وما دامت اللغة ترتبط بأنماط وأشكال موسيقية وطريقة أداء معيّنة، أحرص في اللفظ والأداء على مخارج الحروف وأغوص في أعماقها حتى لا أؤدي بطريقة سطحية مع الحفاظ طبعاً على شخصيتي الموسيقية وبصمتي الخاصة، إلا أنني عندما أحتك بناسها وبيئتها ترتبط الأمور بهذه الأرض وشعبها فتكسب الأغاني قيمة إنسانية.

ما الأبعاد الثقافية والفكرية للوثائق الموسيقية التي تقدّمين في برنامج «أتنوفوليا- موسيقى الشعوب» عبر محطة «الميادين»؟

انطلق البرنامج من شغف شخصي وحلم كبير وأفسحت قناة «الميادين» المجال أمام هذا المشروع الكبير والفريد من نوعه عربياً ومحلياً، فشكّل رحلة موسيقية مهمّة لي كباحثة موسيقية، ثم تحوّل إلى رحلة إنسانية بامتياز. تتولى المحطة الإنتاج فيما نتصدى زوجي وأنا للتنفيذ، واخترنا فريق عمل على المستوى العالمي، ما قدّم البرنامج بحلة قويّة آسرة لا تتوّجه إلى الموسيقيين فحسب، بل إلى أي مشاهد أكون مرآته ليعيش هذه الاختبارات الحياتية.

ما أهمية توافر برامج تلفزيونية ترفيهية وتثقيفية تولي أهمية لتقريب وجهات النظر بين الشعوب؟

عندما نتعرف إلى الإنسان المختلف عنّا تقليدياً وموسيقياً ونحتكّ به مستمعين إلى قصصه نكتشف أننا موحّدون بهمومنا وأفراحنا وأحزاننا. فالموسيقى تجمع في تعبيرها عن قصص الشعوب لأنها الذاكرة الإنسانية والبشرية التي تحفظ كل شيء، ومن حولها ثمة التقاليد الأخرى مثل الرقص واللباس والطبخ التي تشكل كلها حالة واحدة تعبّر عن الإنسان. برأيي، كل شيء يزول ومنها الخلافات بين الشعوب إنما تبقى الموسيقى.

الموسيقى والحروب

ترى عبير نعمة أن الموسيقى ليست بمنأى عن ملوثات المجتمع والحروب أبداً، «بل هي أول الفنون التي تتأثر رقياً وانحطاطاً كونها تحكي عنّا وعن مجتمعنا. نأمل دائماً بالأفضل ولا نرى صفحة سوداء بشكل تام لأن ثمة محاولات ناجحة لأناس يسيرون عكس التيار السائد».

وحول حفلاتها الموسيقية المرتقبة توضح: «أحيي حفلة كبيرة في افتتاح المهرجان الدولي للموسيقى العربية في قاعة place des arts في مونتريال كندا، وحفلة خاصة في بروكسل مع الأوركسترا البلجيكية، فضلاً عن مهرجانات في فرنسا وبلدان أخرى ومشاريع كثيرة».