كان لإعلان جائزة الملتقى في الكويت أثر واضح لدى كُتاب القصة القصيرة العرب، فهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها جائزة كبيرة توازي في حجمها وأهميتها جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، التي كثر اللغط حولها، وعن كتابها؛ جغرافيا وليس فنيا، حتى وصل الأمر إلى حديث أعضاء لجانها السابقين عن الهنات التي تتخللها.

من جانب آخر، فإن هذه الجائزة التي تجاوزت عدد المجموعات المشاركة فيها 189 مجموعة قصصية صدرت في عامي 2015 و2016، اختلفت عن الجوائز الأخرى، بأنها كشفت عن اللجنة المحكمة مع إعلان قائمتها الطويلة، وتشكلت اللجنة من أحمد المديني (رئيساً)، وعضوية: عزت القمحاوي، علي العنزي، فادية الفقير، سالمة صالح.

وللوقوف على القائمة الطويلة، وما سيحدث بعد ذلك، حاورنا الكاتب الكويتي طالب الرفاعي، رئيس الجائزة، حول صعود 10 مجموعات قصصية.

Ad

معايير سرية

ورغم كون الرفاعي رئيسا للجائزة، غير أنه أكد عدم علمه بالمعايير التي وضعتها لجنة التحكيم، لأنه ليس عضوا فيها، مشيرا إلى أن لوائح الجائزة تنص على أن "شأن التحكيم محصور في رئيس وأعضاء اللجنة، وليس لأي جهة أو شخص التدخل في أعمال لجنة التحكيم".

ولفت إلى أنه في بيان القائمة الطويلة أعلن رئيس لجنة التحكيم أحمد المديني، أنهم وضعوا نصب أعينهم أساسيات البناء الفني للقصة القصيرة، إضافة إلى ضرورة أن تحمل المجموعة القصصية رؤية إنسانية معاصرة، وبلغة محكمة البناء.

قصص آسرة

لكن يبقى السؤال؛ كيف تنظر الجائزة إلى مستوى القصة القصيرة عربيا، بعد الإهمال الطويل الذي عانته منذ انشغال دور النشر والنقاد بالرواية؟ فيذكر الرفاعي أنه بدأ حياته ككاتب قصة قصيرة في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ونشر أكثر من مجموعة قصصية، ولم يزل عاشقا للقصة القصيرة. لهذا "أرى أن القصة لها أهلها وجمهورها، وأنها وإن انحسرت، فإنها حاضرة، وليس أدل على ذلك من أننا في الدورة الأولى، وبمجرد فتح باب الترشيح، تقدم 189 قاصا للجائزة".

وأوضح أن انتشار الرواية الساحق، بين الكُتاب والناشرين وجمهور القراء، وكذلك جوائز الرواية التي اجتاحت العالم، بما في ذلك الوطن العربي، ومؤتمرات الرواية ومهرجاناتها، كل هذا مجتمعا جعل القصة القصيرة تقبع في الظل والتهميش. ومع هذا ظل مجموعة من كُتاب القصة المخلصين للكتابة القصصية يقدمون قصصا آسرة، وظلوا متمسكين بجنس القصة، أمثال: زكريا تامر، أحمد بوزفور، محمد حضير، سعيد الكفراوي، وغيرهم كثير، وفي أكثر من بلد عربي.

وتابع: "لذا أنا أعرف وأتابع مستوى عاليا للقصة القصيرة، ولعل جائزة الملتقى جاءت لتأكيد حضور فن القصة، ولإعادة تسليط الضوء عليه وعلى كُتّابه المبدعين".

جهود مستمرة

جاء انتشار الرواية على حساب القصة القصيرة والشعر عموما، وربما أتت هذه الجائزة كمحفز للعودة مجددا لكتاب القصة القصيرة للاشتغال عليها، وهو ما أكده الرفاعي، مبينا أن هذا ما جاءت جائزة الملتقى من أجله، "نحن نتمنى أن تساهم هذه الجائزة بإعادة الألق لكتابة القصة ولكتّاب القصة، وخاصة أن العالم الغربي في أوروبا وأميركا يحتفي كثيرا بأنواع القصة القصيرة".

وبيَّن أن "هناك جهودا كبيرة تُبذل في الملتقى الثقافي والجامعة الأميركية بالكويت، لإنجاح كل ما يتعلق بالدورة الأولى"، وخاصة بعد إعلان القائمة الطويلة، وستعلن في بداية نوفمبر عن القائمة القصيرة المكونة من خمس مجموعات، والجائزة بذلك لا تقف عند كاتب واحد، لكنها تلفت النظر إلى عشرة كُتّاب في مختلف بلدان الوطن العربي.

ربما وصول ما يقارب 200 مجموعة قصصية يؤشر إلى تحولات واضحة في هذا الفن، وهذا ما كشفه الرفاعي، إذ ثمة تحولات كبيرة لحقت بالقصة القصيرة العربية، وخاصة بعد انتفاضات الشعوب العربية، وما لحق ببلدان الوطن العربي من حروب متوحشة وعنف أثر في جميع نواحي الحياة بتلك البلدان، وأوجد واقعا فكريا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا جديدا.

وأضاف الرفاعي: كاتب القصة العربي إنسان يتأثر بما يحيط به، و"لا أظن أن إنساناً سوياً يحترق بالنار ولا يأبه لذلك. وجع الاقتتال والعنف والدمار واللجوء والتشظي، مضَّ في قلب كل عربي وكل إنسان، ومؤكد أنه أوجع قلوب كتّاب القصة وانعكس على كتاباتهم".

«قطط عارية»

القائمة القصيرة التي ستعلن بعد أسابيع قليلة ربما ستحصر الفنون المغايرة في القصة القصيرة العربية الجديدة، والمفارقات التي تحملها الجوائز في الغالب، فعلى سبيل المثال، فإن المجموعة العراقية الوحيدة التي وصلت للقائمة القصيرة، للكاتب حيدر عبدالمحسن (قطط عارية)، مجموعته الأولى، فلم يعرف عن عبدالمحسن قاصاً في الوسط الثقافي، بل مهتم ودائم لمجلة إمضاء المعنية بفن القص.

غير أن الرفاعي من جانبه، يتمنى أن تفوز بالجائزة مجموعة قصصية تقدم كتابة عربية مبدعة لكاتب مبدع، وأنها قادرة على تمثّل وتمثيل روح العصر، وتقدم للوطن العربي والعالم الغربي بحكم ترجمة قصص المجموعة الفائزة إلى اللغة الإنكليزية كاتباً يكون فخراً لنا أجمع.

من جانب آخر، فإن الساحة الثقافية والإعلامية العربية، باتت تنظر لجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية بوصفها جائزة الكويت للقصة العربية، وفي هذا قال الرفاعي إن فكرة الجائزة انبثقت من الملتقى الثقافي واحتضنتها الجامعة الأميركية في الكويت، وتأسس لها مجلس أمناء كويتي ومجلس استشاري عربي عالمي، وبالتالي "فنحن في الجائزة نفخر ونعتز بأن تُنسب للكويت، وهذا النسب سيكون حافزاً كبيراً لنا لمزيد من العطاء ومزيد من المبادرات".

10 مجموعات قصصية

توزعت 10 مجموعات قصصية في القائمة القصيرة بين: أحمد عمر (سورية)، حيدر عبدالمحسن (العراق)، خديجة النمر (السعودية)، زياد خداس (فلسطين)، عبدالسميع بن صابر (المغرب)، عيسى جبايلي (تونس)، لطف الصراري (اليمن)، مازن معروف (فلسطين)، ومحمد رفيع (مصر).