تصويت مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين لإسقاط الفيتو الرئاسي على قانون «جاستا»، أو ما يعرف بقانون مقاضاة رعاة الإرهاب، يتجه للتحول إلى أزمة سياسية تضاف إلى سلسلة الأزمات التي ستواجهها المؤسسات التنفيذية والتشريعية الأميركية في العهد المقبل.

كل التعليقات أشارت إلى أن إقرار القانون بالشكل الذي جرى عليه، كشف عن بازار سياسي، بعضه مرتبط بموسم الانتخابات الرئاسية والعامة، وبالمزايدات السياسية الجارية، وبعضه مرتبط بموقف سياسي عمره نحو عقد من الزمن يشير إلى تغييرات عميقة في علاقة واشنطن بحلفائها التاريخيين، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.

Ad

غير أن القانون نفسه مرشح لحصول تعديلات جدية عليه بعد انتهاء موسم الانتخابات في الثامن من نوفمبر المقبل.

على الأقل، هذا ما أشار إليه كل من رئيس مجلس النواب بول راين ورئيس الأغلبية الجمهورية ميتش ماكونيل، فقد خرجا بعد تصويت أعضاء «الكونغرس» على كسر فيتو الرئيس باراك أوباما قائلَين، إن القانون يحتاج إلى تعديلات جدية تأخذ في الاعتبار المخاوف التي أشار إليها أوباما نفسه من أن يؤدي القانون إلى تعريض الأميركيين في أي مكان للمساءلة.

وتكشف بعض المصادر الأميركية أن القانون لن يطبق قبل تفعيله، عبر آلية تحتاج إلى عمل تشريعي إضافي لوضعه موضع التطبيق. وتضيف أن الأمر يتيح عملياً القيام بالعديد من التعديلات عليه، لجعله قابلاً للتطبيق وتفادي الإشكالات التي قد تنشأ بسببه.

لكن في موسم انتخابي يسعى فيه المتنافسون إلى كسب أصوات الناخبين، لا يجرؤ أحد على الاعتراض على القانون الذي صمم لتعويض أسر ضحايا الهجمات، لكنه صمم أيضاً لتبادل الإحراج وتقاذفه بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ اتهم، أمس الأول، الرئيس أوباما بأنه رفض اللقاء مع لجنتي «الكونغرس» لنقاش التعديلات على القانون، قائلاً إنه فوّت الفرصة على المشرعين، الأمر الذي سيلزمهم لاحقاً بالاجتماع مجدداً لطرح التعديلات.

أوساط البيت الأبيض ردت بالقول، إن موافقة الرئيس على القانون كانت ستعني موافقته عليه من حيث المبدأ، وهو ما لا يريده الرئيس الذي يعتقد، من حيث المبدأ أيضاً، أن إقرار هذا النوع من القوانين فيه تجاوز لسيادة الدول وتجاوز للقانون الدولي، الأمر الذي يرفضه أوباما ولا ينسجم مع سياساته الخارجية ورؤيته لدور أميركا في العالم.

غير أن أوساطاً أخرى أبدت خشيتها من أن تكون التعديلات المتوقعة غير كافية لإعادة التوازن إلى القانون، خصوصاً أن إقراره في الأصل فيه تجاوز للسيادة.

وتقول تلك الأوساط إن «الكونغرس» بمجلسيه هو الجهة التشريعية والتنفيذية الوحيدة في العالم القادرة على إقرار قوانين تمكنها من مقاضاة الدول ومحاسبتها أو معاقبتها، لأن نصوص الدستور الأميركي تجيز هذا الأمر، وهو ما ليس متاحاً لدى أي جهة أخرى.

وتشير إلى أن «الكونغرس» كثيراً ما أقر قوانين لمعاقبة الدول من روسيا إلى إيران إلى كوريا الشمالية إلى سورية ولبنان وليبيا والعراق، لذلك تتوقع أن تكون مسيرة التعديلات متعرجة وصعبة، وأن الأمر يحتاج إلى مواقف موحدة من الأطراف المتضررة للرد عليه.

وأشادت تلك الأوساط برد فعل المملكة العربية السعودية المنضبط في مواجهة هذا القانون، الأمر الذي قد يكون له أثر كبير لاحقاً في التأثير على آراء المشرعين الأميركيين الذين سيعودون للالتئام في نوفمبر المقبل، بعد ظهور نتائج الانتخابات وتولي الإدارة الجديدة سدة الحكم في واشنطن.