الكويت تعاني هذا العام عجزاً في الموازنة العامة، وهذا ما دفع الأجهزة المعنية إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية صعبة، ولكنها مهمة للاقتصاد الكويتي، وخلال ذلك ستنظم حملات إعلامية لتوعية المواطن بأهمية هذه الإجراءات الاقتصادية المهمة للاجيال القادمة.

ووسط ذلك يأتي الوافد محور جدل ونقاش كبير لدى الساسة ومتخذي القرار والمشرع الكويتي، فهناك فريقان، فريق التضييق، وفريق الرأفة بهم، أم أنا فأقول للفريقين إن أمن ونجاح الكويت الاقتصادي مهم جدا للوافد، بل يعتبر ضرورة ملحة لا تقل أهميته له عن المواطن، لأن ذلك سينعكس إيجابا عليه ويضمن له الاستمرار في عمله، ولكن على مُتخِذ القرار أن ينتبه أن هناك ثمة مشاكل كبيرة يعانيها الوافد، والتي إن لم تراع عند اتخاذ القرار فستنعكس سلباً على المواطن والمجتمع الكويتي بطريقة غير مباشرة، ومنها ارتفاع عدد العمالة الزائدة عن سوق العمل الكويتي، وذلك يمثل خطورة كبيرة، أن يكون الوافد بدون عمل، مما سيترتب عليه انتشار الجرائم.

Ad

الإجراءات الاقتصادية الصعبة قد ترهق الوافد الذي غالباً ما يكون متوسط دخله ما بين ٨٠ إلى ٢٠٠ دينار شهريا، هذه النوعية من الوافدين وجدت نفسها بين مطرقة ارتفاع قيمة الإيجار والمواصلات والبنزين والكهرباء والماء وزيادة أسعار الرسوم المقترحة وغيرها من الإجراءات الصعبة التي يراها كثير من الوافدين لا تناسب مستويات دخلهم المحدود... ومطرقة رفض الحكومة أو عدم السماح لهم بالقيام بأعمال إضافية لتحسين وضعهم المادي، حيث يعتبر ذلك جريمة تستوجب إبعاده عن البلاد، وفي المقابل يرفض أصحاب الأعمال رفع الأجور نظراً لكثرة وجود البدائل وبأسعار قد تكون أقل، وهنا يجد العامل أو الوافد نفسه بين أمرين كلاهما مر، السكوت وعدم المطالبة بزياد الراتب خشية الاستغناء عنه، الأمر الآخر هو أنه يعاني عدم قدرته على مواجهة الإجراءات الاقتصادية الجديدة... بالطبع المواطن الكويتي عاني هذه الإجراءات، ولكن قدمت له الدولة بعض البدائل، إلا أنه في النهاية سيعاني أيضا، لأنه يستخدم الوافد كعامل في الأعمال المهنية والحرفية... غير أن الوافد معاناته أشد ألماً وأكثر تعقيداً.

بسبب هذه الإجراءات سيضطر الكثير من الوافدين إلى مخالفة القانون أحياناً أو القيام بأعمال إجرامية... أو تسفير اسرته إلى بلاده لمن لديه اسرة هنا، وهو ما سيؤثر على السوق العقاري الكويتي الذي يعتمد على الوافد بشكل كبير... وبالتالي سنجد تعثراً في تسديد القروض.

إن النظر إلى الوافدين على أنهم لون واحد ووضع اقتصادي واحد، وأنهم جاءوا ليستولوا على ثروات الكويت ومميزاتها ومقاعد العمل بها ليس في مصلحة الاقتصاد الكويتي، وكذلك النظر إليهم على أنهم جاءوا لنشر الفساد والجريمة ويجب تضييق الخناق عليهم ليرحلوا... كل هذا يؤثر على استقرار ذلك الوافد وأدائه.

العمالة الوافدة جاءت إلى الكويت لحاجة متبادلة، فالكويت تريدهم لامتلاكهم الخبرات والمهارات وهم أتوا للمال وتحسين أوضاعهم الصعبة، ويتحملون ألم ومشقة الغربة والبعد عن ذويهم من أجل الأفضل... أما أغلب المشاكل الناتجة عن الوافد في الكويت فاسمحوا لي أن أقول إن المسؤول عنها بعض أصحاب الأعمال، كالشركات المتخصصة لجلب العمالة السائبة، فضلاً عن قوانين تسمح بجلب عمالة استثنائية لبعض أصحاب متخذي القرار، وتترك هذه العمالة بدون عمل ولا راتب ولا رقابة، والنتيجة انتشار الجريمة بكل أشكالها أو مطاردة الأمن لهم في الشوارع.

وبسبب كل ما ذكرت أناشد أعضاء مجلس الأمة ومتخذ القرار الرفق بالوافدين وعدم معاملتهم جميعاً على أنهم نوع واحد وظروف اقتصادية واحدة، فالوافدون قدموا الكثير، وعلى استعداد لتقديم الأكثر، حين يشعرون بأنهم مرحب بهم.