غضبت الصين في شهر يوليو الماضي عندما قالت محكمة تحكيم دولية إن القيادة الشيوعية تفتقر إلى الأساس القانوني لدعم مطالبتها بـ95 في المئة من بحر غني بالموارد، ويتمتع بقيمة استراتيجية قبالة سواحلها الجنوبية.

وقالت بكين في رفضها الانضمام إلى التحكيم، الذي طالبت به الفلبين، إن المحكمة الدولية لمحكمة التحكيم الدائمة لا تملك السلطان القضائي لتقرير السيادة على بحر الصين الجنوبي، كما أن وزير خارجيتها وصف الحكم الذي صدر في 12 يوليو بأنه «مهزلة».

Ad

وسواء أكانت مهزلة أم لا، فإن النتيجة قد تؤيد في نهاية المطاف الصين ضد أربع دول في جنوب شرق آسيا تتبع توجه المحكمة الدولية بالمطالبة بـ200 ميل بحري على شكل مناطق اقتصادية حصرية تمتد من سواحلها. وتتداخل تلك المناطق مع مصالح الصين، وأفضت الى اشتباكات دورية منذ سبعينيات القرن الماضي والى تصعيد سريع في التوتر منذ سنة 2012، عندما بدأت الصين بإصلاح البعض من جزر ذلك البحر، كما عززت مطالبها بشكل حربي.

ودفع حكم المحكمة الدولية الجميع الى القول «دعونا نجلس ونتحدث حتى لا تسير الأمور نحو الأسوأ. ستساعد المحادثات الصين وهي تستطيع استخدام اقتصاد بقيمة 10 تريليونات دولار، وهو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، للاستثمار والتجارة مع الدول الأصغر في جنوب شرق آسيا، والتي سيتساهل قادتها عندئذ مع الصين عندما تستصلح الأرض وتحفر لاستخراج النفط تحت البحر أو تقوم بتحليق بطائرات حربية». وهذا الأسلوب من الأخذ والعطاء يحدث بالأساس في ماليزيا، التي قد تشكل مثلاً بالنسبة الى الفلبين وفيتنام وبروناي.

وكانت الصين أكبر شريك تجاري مع ماليزيا ومصدراً للاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2015. ويشتمل طلب بحر ماليزيا على احتياطيات تصل إلى 5 مليارات برميل من النفط الخام و80 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي –أكثر من الدول الأخرى– بحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ويقول اوه اي صن مدرس الدراسات الدولية في جامعة نانيانغ في سنغافورة «سيكون ذلك نموذجاً يمكن أن تتبناه دول أخرى، وتريد الصين أن ترى متنازعين آخرين –مثل الفلبين وفيتنام– يتبنون موقفاً مماثلاً».

وبحسب التوقعات الواسعة النطاق، فإن الفلبين ستكون التالية. وأرسل رئيسها رودريغو دويتري مبعوثاً إلى هونغ كونغ في شهر أغسطس بغية كسر الجليد بعد توتر العلاقات خلال إجراءات المحكمة الدولية. كما طلب من الولايات المتحدة، وهي حليف الأمر الواقع للمطالبين الأصغر في بحر الصين الجنوبي، الكف عن القيام بدوريات بحرية مشتركة، رغم أنه من غير المحتمل أن تترك أميركا ذلك البحر. وتستقبل الفلبين 80 ألف سائح صيني في الشهر، واعتبرت الصين ثاني أكبر شريك تجاري لها في سنة 2014 التي شهدت 14 في المئة من عمليات الاستيراد والتصدير. وقد تستطيع استخدام بعض التحسينات في الطرقات والسكك الحديدية والموانئ وهي تحاول اجتذاب التصنيع وتبرع الصين في تقديم ذلك.

وتلك هي استراتيجية «الحزام والطريق» التي تتبعها بكين: إرسال شركات صينية الى أماكن أقل تقدماً وبناء مرافق مثل الموانئ والخطوط الحديدية والطرقات في مقابل حصول الصين في الأجل الطويل على دخول المشهد الاقتصادي والسياسي للدولة المضيفة. ويشكل بحر الصين الجنوبي أحد مكونات تلك الاستراتيجية، ويتماشى مع جهود الصين في الأجل الأطول لمساعدة الدول هناك على بناء بنية تحتية.

التزمت بروناي الهدوء النسبي. وهذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 410 الآف نسمة، وذات دخل عال للفرد لن تحصل على شيء من إغضاب الصين – سوق التصدير لنفطها. بينما تعتبر فيتنام دولة يصعب إرضاؤها بقدر أكبر. ويرجع الاستياء من الصين فيها الى قرون خلت، والناس هناك يناقشون علانية العداوة.

وعلى أي حال، تشتري فيتنام المواد الخام من الصين وهي المستورد رقم واحد. والصين أيضاً ثاني أكبر دولة تستخدم الصادرات الفيتنامية بعد الولايات المتحدة. وبحسب وكالة أنباء الصين الرسمية «شينخوا» اجتمع رئيس وزراء الصين لي كيكيانغ ونظيره الفيتنامي في شهر سبتمبر للنظر في تخفيف النزاع البحري والعمل معاً من أجل «بناء بنية تحتية وطاقة إنتاجية وتجارة واستثمار».

* رالف جنينغز