"إن لم يقم الشيعة الكويتيون والخليجيون والعرب بدور إيجابي مهدئ في التشابك السعودي - الإيراني المتواصل، وفي الصراع والتشاحن الطائفي الناجم عنه، فقد يجدون أنفسهم ذات يوم، في الكويت ودول مجلس التعاون خاصة، أكثر من يدفع ثمن تصاعده".

"إن كان جميع الشيعة محايدين لا مبالين، فهل هو موقف سليم؟ وإن كانت أغلب الأصوات المسموعة تتحكم فيها حسابات السياسة والمشاعر الطائفية، فهل هذا لمصلحة مستقبل الشيعة، ومستقبل استقرار العلاقات الاجتماعية والسياسية وازدهارها داخل مجتمعهم الكويتي والخليجي؟".

Ad

هذه التساؤلات العاقلة التي طرحها مؤخراً الباحث والكاتب اللامع الصديق خليل علي حيدر، في مقالة له في "الجريدة"، سبق أن أسس لها في مقالات أخرى صبت في ذات السياق، تحاكي أمامنا جميعاً ككويتيين مسلّمات حول الهوية الوطنية والإقليمية التي ننتمي إليها في خليجنا العربي، والتي هي في الواقع تؤكد ما قرره التاريخ ونص عليه دستورنا بأن الكويت جزء من الأمة العربية ودينها الإسلام، ولم يفرق بين فئة وأخرى أو مذهب وآخر، كما أنها حقائق تمثل امتدادنا العروبي ضمن المنظومة الخليجية الواقعة على الضفة العربية من الخليج، الذي تشغل إيران ضفته الأخرى، وعليه فإن مصيرنا المشترك هو غير منفصل البتة عن شقيقاتنا دول مجلس التعاون، وعلى رأسها الشقيقة الكبرى (المملكة العربية السعودية).

إن التشققات والتصدعات والاختراقات التي أحدثتها إيران في صفوف الشعوب العربية عبر أربعة عقود، ورّطت جزءاً هاماً من عالمنا العربي بحروب طائفية عدمية في كل من سورية وقبلها لبنان الذي دانت الدولة فيه لسطوة حزب الله، وهو رأس حربة إيران في ذلك البلد الجميل، وكذلك هيمنتها في العراق، وتطاحن شعبها الطائفي، والآن اليمن من خلال رأس حربتها الثانية (الحوثي).

كل هذا العبث تتطلع إيران من ورائه لإحكام الهيمنة على ما تبقى من دول المشرق العربي الواقعة من البحر إلى البحر، وفي مقدمتها أرض الحرمين الشريفين، خاصة أن هذا الجزء يعتبر المخزون المالي الاستراتيجى للأمة العربية بأسرها، فضلاً عما يمثله من أهمية وأبعاد استراتيجية وجيو سياسية ودينية فائقة الأهمية حاضراً ومستقبلاً!

إن محاولات إيران لإضعاف واستنزاف المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج، من خلال حروب الوكالة لن تجر المنطقة إلا لخراب محقق، لن تكون فيه إيران بتاتاً هي الحضن الآمن لشعوب المنطقة، حيث إنها لم تحقق لشعبها رغم ثرائها سوى القهر والكبت والتخلف والتراجع على شتى الصعد.

إن فحوى ما دعا إليه الأستاذ خليل حيدر في مقالته هو ضرورة أن يكون لعقلاء الشيعة في الكويت والخليج موقف يؤكد لإيران أن مرجعيتهم هي هويتهم الوطنية العربية لا المذهبية المختطفة من إيران ونزعتها العنصرية الفارسية، وإن مواطني كل دولة من دول الخليج يحصلون على حقوقهم عبر أدواتهم الوطنية المشروعة لا عبر الاستقواء بأية قوى خارجها ما يهدر كل معاني الولاء الوطني.

الأستاذ خليل حيدر دعا في ختام أطروحته عقلاء الشيعة بالقول: "لقد أثرت هذا الموضوع مراراً دون جدوى، فما العمل؟ تحدثوا علناً أمام التاريخ قبل أن يتحدث التاريخ نفسه عن هذا الموقف السلبي!".

صح لسانك بو عبدالعزيز.