تميل وسائل الإعلام الغربية إلى معاملة شركة طيران التجارية الوحيدة في كوريا الشمالية «أير كوريو» كمصدر للتندر والدعابة، وفي الحقيقة فإن تسميتها، من مجموعة في هذه الصناعة بأسوأ شركة طيران في العالم، تؤدي دوراً في جاذبية هذه الشركة لإطلاق النكات، كما ينسحب ذلك على الأفلام الدعائية التي تتحدث عن أسطولها الصغير من طائرات توبوليف وأنتونوف.

ولكن «أير كوريو» ليست نكتة– وهي ذراع المجمع الحربي لعائلة كيم، وقد تورطت في عمليات تهريب الأموال لمشاريع بيونغ يانغ وفي تهريب أسلحة، ويتعين أن يكون إغلاق خطوطها إلى الصين وروسيا أولوية قصوى بالنسبة إلى صناع السياسة، رداً على تصرف كوريا الشمالية المتهور، كما فعلت في إطلاق ثلاثة صواريخ فوق بحر اليابان خلال انعقاد قمة العشرين الأخيرة.

Ad

ويجب طرح قضية تتمثل بأن أي تعاون مع شركة الطيران هذه يشكل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي وخصوصاً القرار الذي صدر في سنة 2009 وفرض حظراً على «كل أنواع الأسلحة والمواد ذات الصلة، وكذلك التعاملات المالية والتدريب الفني والمشورة والخدمات أو المساعدة المتعلقة بتوفير مثل تلك الأسلحة أو المواد وتصنيعها وصيانتها أو استخدامها». والسؤال هو كيف يمكن أن تطبق تلك اللغة على شركة طيران تجارية مثل «أير كوريو»؟ والجواب لأن هذه الشركة ليست تجارية بل هي فرع من جيش كوريا الشمالية، كما أشار بالتفصيل القرار الذي صدر عن الأمم المتحدة في سنة 2014: «تخضع شركة أير كوريو وكل المطارات ضمن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية لسلاح الجو فيها عن طريق مكتب الطيران المدني، ويقال إن كل أفرادها أعضاء في القوة الجوية وكل عمليات الصيانة في ذلك البلد تتم بواسطة مهندسي سلاح الجو».

ونظراً لأن الطائرات الحربية هي بالتأكيد «أسلحة» أو «مادة ذات صلة» فإن أي تعاملات مالية مع «أير كوريو» يجب أن تخضع للحظر، ولكن الدول التي تهتم بالمحافظة على علاقة مع عائلة كيم (مثل الصين وروسيا) تتجاهل ذلك. ولكن الطبيعة العسكرية لشركة «أير كوريو» واضحة، وتظهر صورة حصلت عليها صحيفة واشنطن فري بيكون المدير العام للشركة كانغ كي سوب وهو يرتدي البدلة العسكرية ويقف إلى جانب كيم جونغ أون مع مجموعة من المسؤولين العسكريين في كوريا الشمالية.

وقد وردت صورة تؤكد هذه الطبيعة العسكرية في تقرير الأمم المتحدة في سنة 2014، وكشفت هذه الصورة عن قيام حكومة كوريا الشمالية بعملية طلاء لطائرة «أير كوري» على شكل تمويه عسكري بغية استخدامها في عرض عسكري في سنة 2013 في العاصمة بيونغ يانغ. ثم أعادت طلاء الطائرة نفسها من أجل استخدامها في رحلات تجارية، ولكن الدليل الذي يؤكد عملية الطلاء العسكرية كانت لا تزال مرئية عندما صُورت طائرة من النوع نفسه على مدرج المطار في العاصمة الروسية موسكو.

ومن جديد ثمة إغراء يدعو إلى التحدث عن النوعية الرديئة في مهارة الطلاء في كوريا الشمالية، ولكن هذه مسألة خطيرة تماماً، وتمثل «أير كوريو» واحدة من حفنة من شرايين الحياة الحيوية المهمة لهذا النظام المعزول إلى حد كبير، وتقول المصادر المطلعة على هذا الأمر إن 3 من طائرات «أير كوريو» كانت تستخدم من أجل جلب شحنات كاملة من رواتب الآلاف من العمال الكوريين الشماليين في الكويت قبل أن تتوقف خدمات هذه الشركة في الكويت في وقت سابق من هذا العام.

وتحاول بيونغ يانغ إعادة خدماتها إلى الكويت، ولكن باكستان التي تريد كوريا الشمالية استخدامها لإعادة التزود بالوقود ترفض المشاركة في الوقت الراهن، والأمر لا يقتصر على المبالغ النقدية لأن تلك الطائرات تقوم أيضاً بنقل مكونات صواريخ إلى داخل البلاد وخارجها.

ويبدو أن الصين سئمت من السلوك الغريب لكوريا الشمالية، وفي شهر يوليو الماضي احترقت طائرة تابعة لشركة «أير كوريو» في الجو وهي في طريقها من بيونغ يانغ إلى بكين مما دفع الصين إلى توجيه إنذار صارم لها، وهكذا يتعين منع هذه الشركة من العمل على أي من الخطوط الدولية.

* آرون ماكلين