أسدلت محكمة الجنايات، برئاسة المستشار وليد الكندري أمس، الستار على إحدى قضايا تزوير الجنسية، والمتهم على ذمتها مواطن ومقيم سوري، ونجله الهارب، وقضت المحكمة بحبس المواطن الذي سجل نجل السوري باسمه 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، بينما قضت بشأن السوري المشترك في جريمة التزوير بانقضاء الدعوى الجزائية للقضية بالتقادم، وبحبس نجله 15 عاما مع الشغل والنفاذ وعزله من عمله في وزارة الداخلية، وإلزامه برد 258 الف دينار، ضعف الرواتب التي حصل عليها، ورد 129 الفا قيمة الرواتب التي حصل عليها دون وجه حق.

واكدت المحكمة، في حيثيات حكمها، الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، انه ثبت من اعتراف المتهم الثاني السوري أنه اتفق مع المتهم الاول على تسجيل ابن الأول بملف المتهم الثاني في الإدارة العامة للجنسية، مقابل مبلغ مالي، وان نجله بعد أن حصل على الجنسية الكويتية قام بالتسجيل لدى إدارة الجنسية، ومن ثم تقدم للعمل كمواطن في وزارة الداخلية.

Ad

وقضت بعدم مساءلة المتهم الثاني السوري عن تهمة التزوير، بعد قبولها الدفع المقام من محاميه بسقوط الدعوى الجزائية بمضى عشر سنوات على واقعة التزوير، التي تمت عام 2004، فيما تم اتخاذ الإجراءات الجزائية ضد المتهم في يناير 2016.

تحريات سرية

وتتحصل وقائع القضية فيما شهد به ضابط المباحث بالإدارة العامة للجنسية بأن تحرياته السرية أسفرت عن انه في غضون عام 2004 قام المتهم الثاني بالاتفاق مع المتهم الاول على إضافة ابنه المتهم الثالث بملف الجنسية الكويتية للمتهم الاول، مقابل 22 الف ريال سعودي.

وأضاف الضابط انه نفاذا لهذا الاتفاق قام المتهم الثاني بتسليم المتهم الأول المبلغ المالي عن طريق شخصي وصورة شخصية لابنه المتهم الثالث، وبناء على هذا الاتفاق قام المتهم الأول بإضافة المتهم الثالث إلى ملف جنسيته الكويتية باسم قريب للمتهم الأول، خلافا للحقيقة وبطريق التزوير في أوراق رسمية، وادلى ببيانات غير صحيحة.

وأشار الى ان المتهم الاول أملى على موظف الجنسية زورا أن المتهم الثالث نجله، وتمكن بهذه الطريقة من اضافته الى ملف جنسيته بالاسم المنتحل، واستخرج بطاقة مدنية وجواز سفر بالاسم المنتحل، وقام بتسليم الاوراق المزورة الى المتهم الثاني بناء على اتفاقهما.

وذكر ان المتهم الثالث على علم بواقعة التزوير، وعلى علم بجنسيته السورية، وقام المتهم الثالث وعند اكتمال سنه القانونية بتجديد جواز السفر والبطاقة المدنية، واستخراج جنسية كويتية مستقلة، واستعمل تلك المحررات في التقدم الى وزارة الداخلية بطلب تعيينه عسكريا، وتحصل على المميزات التي يتمتع بها المواطن، وقام بضبط المتهم الثاني الذي اقر له بصحة الواقعة.

أوراق ثبوتية

وبينت المحكمة انها طالعت الصور الضوئية للمستندات المقدمة، وثبت ان المدعو بالاسم «المنتحل» تم قيده في 26/12/1988 وله ابناء وله بطاقات مدنية وتم تجديدها، كما ان له شهادة اثبات الجنسية، وتاريخ إصدار جواز سفر عام 1997، وان اجمالي المبالغ المصروفه له من وزارة الداخلية من تاريخ تعيينه عام 2005 بلغت 129 الف دينار.

وقالت المحكمة في حكمها: وعن الدفع ببطلان اعتراف المتهم الثاني، فلما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الإثبات التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها، وفي الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وغيره من المتهمين، وكانت المحكمة تطمئن كامل الاطمئنان الى اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة بقيامه بالاتفاق مع المتهم الأول على إضافة نجله مشعل الى ملف جنسية المتهم الأول مقابل مبلغ مالي، وأنه تم استخراج شهادة ميلاد وبطاقة مدنية وجواز سفر للمتهم الثالث بالاسم المنتحل «مفيس مسفر العجمي»، بناء على هذا الاتفاق وبطريق التزوير بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، وأن الاعتراف صدر منه طواعية واختيار دون ثمة إكراه أو إملاء، خاصة أن ضابط الواقعة لم يكن موجودا لحظة التحقيق مع المتهم، ولم يثبت المحقق أي إصابات بالمتهم، كما اتفق الاعتراف مع أقوال الشهود وصور المستندات السالف الإشارة اليها، مما يدلل على أن اعترافه صادر طواعية ومن ثم يكون الدفع ظاهره البطلان وترفضه المحكمة.

إضرار بالمصلحة العامة

وقالت المحكمة: وعن التهمة الأولى المسندة للمتهم الأول وما أسند للمتهم الثالث من اتهامات فإنه من المقرر أن جريمة التزوير في المحررات الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة في المحرر بإحدى الوسائل التي نص عليها القانون، وأن يكون التغيير من شأنه أن يولد الاعتقاد بأنه مطابق للحقيقة وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه، وبصرف النظر عن الباعث على ذلك حتى ولم يتحقق ضرر يلحق شخصا بعينه، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتما ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالمحررات الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها والثقة بها في نظر الجهور، باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ به، ولا يلزم التحدث صراحة واستقلالا في الحكم عن توافر القصد الجنائي في جريمة التزوير، مادام أورد من الوقائع ما يدل على قيامه.

تزوير وانتحال

وأضافت المحكمة انها تطمئن الى أدلة الثبوت، وذلك لسلامة مآخذها ولخلوها من ثمة شائبة، ولتساندها مع بعضها البعض، ولكفايتها مضمونا ومؤدى في التدليل على صحة التهمتين المسندتين للمتهم، وثبوتهما في حقهما بالوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة، من واقع اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود واعتراف المتهم الثاني، إذ ثبت للمحكمة على نحو قاطع أن المتهم الثاني اتفق مع المتهم الأول على قيام الأخير بإضافة نجل الأول (م) الى ملف جنسيته الكويتية مقابل مبلغ مالي، وأمده بالصورة الشخصية لنجله وبناء على الاتفاق، مثل المتهم الأول أمام الموظف المختص بإدارة الجنسية، وأملى عليه زورا وكذبا بيانات غير صحيحة، وأن المتهم الثالث نجله ويدعى (ف)، وتمكن من استخراج شهادة ميلاد وشهادة إثبات جنسية وبطاقة مدنية وجواز سفر بالاسم المنتحل، وعقب بلوغ المتهم الثالث السن القانوني، ورغم علمه بجنسيته تقدم الى الموظف المختص وجدد تلك المستندات، بل وتقدم الى وزارة الداخلية بتاريخ 28/ 7/ 2004 بطلب تعيينه عسكريا، وتم قبول تعيينه بتاريخ 13/9/2005، وتمكن حال كونه موظفا عاما (عسكري بوزارة الداخلية) من الاستيلاء بغير وجه حق وبطريق الاحتيال - إذ لا يسمح لغير الكويتي بشغل هذه الوظيفة - على المبالغ المالية المنصرفة له من جهة عمله، والتي بلغت 129677.848 د.ك، ويكون قد استقر في عقيدة المحكمة، بيقين لا يلابسه شك، أن المتهم الثالث في الزمان والمكان الواردين بتقرير الاتهام قد ارتكبا الجرائم الواردة به، وأن المتهم الأول ارتكب الجريمة الأولى بما يستوجب معاقبتهما، وفقا لنصوص مواد الاتهام، وعملا بنص المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، مع أعمال نص المادة 84/1 من قانون الجزاء بشأن الارتباط بين الجريمتين المسندتين الى المتهم الثالث لوحدة النشاط والغرض الاجرامي بما يستتبع معاقبته بعقوبة الجريمة الأشد، مع مصادرة المستندات المزورة، عملا بالمادة 28 من قانون الجزاء.

وحيث إن المتهم الثالث اجنبيا- سوري الجنسية - مما يتعين ابعاده عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة المقضي بها عملا بالمادة 79 جزاء.

سقوط الدعوى

وعن التهمة الاولى المسندة للمتهم الثاني وعن دفاعه بسقوط الدعوى الجزائية بالتقادم، فإنه من المقرر ان للمجتمع الحق في معاقبة من يرتكب جرما فترفع ضده الدعوى الجزائية تحقيقا لهذا الغرض، بيد ان هذا الحق لا يبقى دواما سيفا على رأس المتهم مهما امتد به الوقت، وإنما يضع القانون الجزائي مدة تسقط بمضيها الدعوى الجزائية بالتقادم، فمن مصلحة المجتمع - بلا شك - ألا ينكأ جرحا فيه مضى عليه وقت طويل من الزمن فيحرك اثار الجريمة التي تكون قد اوشكت على الزوال، ولذلك نص المشرع في المادة 4/1 من قانون الجزاء على ان تسقط الدعوى الجزائية في الجنايات بمضي عشر سنوات من يوم وقوع الجناية».

وقالت المحكمة إن حساب مدة التقادم يبدأ من اليوم الثالي لوقوع الجريمة، ومن المستقر عليه فقها وقضاء ان تاريخ وقوعها يختلف باختلاف نوعها، وذلك بالنظر الى كونها من الجرائم الوقتية او المستمرة فالجرائم الوقتية هي تلك التي تتم بمجرد اتيان المادي المجرم، وتاريخ وقوعها هو تاريخ ارتكاب الفعل المكون لها، ومن امثلتها جرائم القتل والضرب والسرقة والتزوير، رغم ان اثار الجريمة الاخيرة تظل فترة طويلة من الزمن، إذ ان المشرع لم يعتد باثار الجريمة كركن من اركانها بل العبرة بسلوك الجاني، وفي هذه الجرائم تحسب مدة التقادم من اليوم التالي لارتكاب الفعل المكون لها، اما الجرائم المستمرة فهي تلك التي تتكون من فعل مادي مجرم قابل للاستمرار والتجدد بارادة الجاني الذي يستطيع وقف حالة الاستمرار بوقف نشاطه الاجرامي، وتاريخ وقوعها يدوم فترة من الزمن حسب طبيعتها، ومن امثلتها جرائم حجز حرية شخص وحيازة سلاح بدون ترخيص، وفي هذه الجرائم لا تحسب مدة التقادم الا من اليوم التالي لانتهاء حالة الاستمرار او التجدد.

اتفاق الأطراف

وأضافت المحكمة «وهديا على ما تقدم وبعد أن احاطت المحكمة بالدعوى وظروفها عن بصر وبصيرة، وكان الثابت من اقوال الضباط ان المتهم الثاني قد اتفق مع المتهم الاول على اضافة ابنه (م) بملف جنسية المتهم الاول لقاء مبلغ مالي، وكان الاتفاق في غضون عام 2004، وهو ما تأيد باعتراف المتهم الثاني وخلت الاوراق مما يخالف ذلك وقد قام المتهم الاول بتنفيذ الاتفاق في غضون عام 2004، بل ان اضافة المتهم الاول للمدعو (ف) بملف جنسيته بتاريخ 26/8/2001 ومن ثم فان مدة التقادم المسقطة للدعوى الجزائية تبدأ في اليوم التالي لنهاية عام 2004».

وكان ضبط واحضار المتهم الثاني صدر من النيابة العامة بتاريخ 27/1/2016 وتم ضبطه بمعرفة الضابط ومواجهته بالتحريات بتاريخ 28/1/2016 وتم التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة بذات التاريخ، مما مفاده مرور المدة المسقطة للدعوى الجزائية وهي عشر سنوات بين تاريخ الواقعة واول اجراء من اجراءات التحقيق تمت في مواجهة المتهم اذ خلت الاوراق مما يفيد اتخاذ اي اجراء قاطع للتقادم خلال تلك الفترة، ويكون معه الدفع صادف صحيح القانون وتقضي معه المحكمة بسقوط الدعوى الجزائية بمضي المدة.

وبشأن التهمة الاولى المسندة للمتهم الثاني وهي الاشتراك في تزوير بلاغ الميلاد وشهادة الميلاد وإثبات الجنسية والبطاقة المدنية وجواز السفر الخاصين بالمتهم الثالث وتشير لعدم انطباق ذلك الدفع على التهمة الثانية المسندة اليه وهي جريمة الاشتراك بطريق الاتفاق في تزوير ملف الجنسية المستقل وتجديد البطاقة المدنية وجواز السفر وقرار التعيين الخاصين بالمتهم الثالث لارتباطهما بجريمة الاستيلاء على المال العام وكانت الاخيرة من الجرائم المؤثمة بالقانون 1/1993 بشان حماية الاموال العامة وطبقا لنص المادة 21 مكررا من ذلك القانون لا تنقضي الدعوى الجزائية للجرائم المنصوص عليه في القانون المار بيانه بمضي المدة ولا تسري عليها مدد سقوط الدعوى الجزائية المبينة بالمادتين 4 و6 جزاء.

وبشأن الاتهام للمتهمين الاول والثاني، فإن المحكمة تشكك بصحة الاتهام المنسوب لهما بشأن التهمة الثانية، وخلو الاوراق من دليل على اشتراكهما في واقعة الاتفاق للاستيلاء على المال العام.

حجز المحامي المتهم بالتهريب وإخلاء سبيل والده
في حين أخلت النيابة العامة أمس سبيل والد المحامي المتهم بتهريب أبيه يوم الأربعاء الماضي من مبنى النيابة بكفالة مالية قدرها ألف دينار مع منعه من السفر بعد حجزه يومين متتاليين، أمرت أمس بحجز المحامي على ذمة التحقيق بعد القبض عليه في المطار فور عودته إلى البلاد فجر أمس.

وعلمت «الجريدة» أن المحامي أنكر واقعة تمكينه لوالده من الهرب، «لأن التحقيق لم يكن قد بدأ»، وذكر أن والده كان يشعر بألم في صدره فطلب منه مغادرة المكان، وأوضح أنه رفض عودة أبيه إلى النيابة، لأنه أبلغ وكيل النيابة رغبته في الاتصال بالنائب العام، وانتقل إلى النيابة للقائه، لكنه لم يجده لانتهاء فترة العمل.

وحضر مع المحامي في جلسة التحقيق عدد من المحامين طالبوا بإخلاء سبيله بأي ضمان، لكن النيابة قررت حجزه على ذمة القضية لاستكمال التحقيق معه اليوم في واقعة الهروب.

وكانت النيابة تحقق في بلاغ قدم إليها عن واقعة إكراه تعرض لها مواطن من محقق وضابط ووالد المحامي، لإكراهه على توقيع مستند داخل مخفر الشرطة، لكن المشكو بحقهم أنكروا الاتهامات المنسوبة اليهم لعدم صحتها، ولوجود خلاف مع الشاكي.