من أكثر ما تردد خلال الفترة الماضية محاولات كسر إرادة المصريين وإحباطهم، وهو ما تناوله الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته في الذكرى الأولى لافتتاح قناة السويس الجديدة، ولكي نحدد أسلوب مواجهة الإحباط وهزيمة الإرادة ينبغي أن نحدد الأسباب التي تحقق هذا أو تتسبب فيه.

ويمكن القول إن هناك سببين أساسيين، تندرج تحتهما أسباب فرعية، أولهما هو العنصر الخارجي، وأقصد بالخارجي هنا ما هو خارج إرادة المجموع من المصريين، والقوى الخارجية التي قررت أن تناصب التجربة المصرية الجديدة العداء.

Ad

أما العنصر الثاني فهو داخلي ويعتمد بالأساس على العناصر التي تهدد محاولات الخروج من المأزق، وسأمر على السبب الأول سريعاً، لأن هزيمته لن تتحقق إلا بالقضاء على السبب الثاني لحالة الإحباط.

فليس غريباً أو جديداً علينا أن تكون هناك قوى إقليمية أو دولية هدفها بالفعل أن تستمر مصر في أفضل أحوالها في تلك الحالة المقلقة، فلا هي دولة منهارة ولا هي دولة قوية قائمة، وهذا في أحسن الأحوال لأن هناك من يسعى من قوى إقليمية وجماعات مصرية متحالفة أو متفقة مع أهداف هذه القوى، تريد للتجربة المصرية أن تنهار انهياراً كاملاً، ولا بأس أن تنضم مصر إلى جماعة الدول المنهارة والفاشلة في المنطقة.

وهذا الموضوع تفاصيله كثيرة، لكن ما يهمني هنا هو الإشارة إلى السبب الثاني، وهو المرتبط بالوضع الداخلي، فحتى الآن يسمع الناس عن إنجازات لا يعلمون عنها شيئاً، فما بالك بالإحساس بها، الوضع الاقتصادي والحياتي والمعيشي شديد الصعوبة، والإحساس بالخطر يتزايد يوماً بعد يوم، وفي مقابل ذلك ما زال هناك مسؤولون يتحدثون عن إنجازات وبطولات لا يعرف بها سواهم في الوقت الذي يعاني فيه المواطن العادي الكثير.

الواقع يقول إن النية كانت متجهة إلى عدم الاستدانة، ما لم يكن معلوماً أين تذهب هذه القروض، وأن يكون ذلك مرتبطاً بمشروعات إنتاجية، ولكن ما يحدث الآن هو أن الدولة تحاول الارتباط بقرض كبير من صندوق النقد الدولي، وهو ضرورة فرضتها الظروف، التي وصلنا إليها، لكن لا يعلم الناس في ما ستستغل تلك القروض، وما المستهدف منها.

الموضوع يطول، ولكن باختصار فقد وعد الرئيس في البداية بالاستقرار والأمان والأمل، وما زلت أعتقد أن مخرج هذه الأمة من تلك الأزمة لن يتأتى إلا من خلال رؤية واضحة مترجمة إلى برنامج علمي وعملي محدد الأهداف ومحدد السبل والأدوات والنتائج، وذلك في إطار خطة عاملة شاملة (master plan)، لمصر ومستقبلها، وتواصل صحيح بلغة صحيحة ومحفزة للناس، لكي يشعروا أن المشكلة التي نعانيها في البلد هي مشكلتهم أيضا، وأن حلها لن يكون إلا بمشاركتهم.