يعاني أولياء أمور المعاقين ذهنيا الأمرّين، إذ تكمن المشكلة الأولى في عدم تقبل الأهل بأن يكون أحد أبنائهم معاقا ذهنيا، ورغم شكوكهم أن هناك سلوكاً غير طبيعي لأبنائهم تجدهم يعزون الأمر إلى أنها مرحلة وستمر، أو مجرد شقاوة أو انعزال، وهذا التأخر في استيعاب الأهل لوجود مشكلة هو من مسببات تأخر العلاج، ولو استوعبوا أنهم كلما سارعوا في التفاعل والبحث عن طرق لعلاج ابنهم لكان من الممكن تخفيف إعاقته وتطوير قدراته.

والمشكلة الثانية، وهي الأكثر تعقيدا، تكمن في طرق العلاج في الكويت، حيث يتطلب استخراج شهادة إعاقة من الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة الكثير من الروتين الحكومي المقيت الذي قد يساهم في تأخر علاج المصابين، وزاد الطين بلة مدعو الإعاقة الذين يسعون إلى الاستفادة المادية من الموضوع دون أي اعتبار آخر.

Ad

مراكز العلاج الحكومية تقوم بالتشخيص، ولا تمتلك خطة علاجية متكاملة للعديد من الإعاقات الذهنية، بالإضافة لافتقار وجود مركز متكامل شامل لجميع الإعاقات الذهنية، لاسيما أن هناك أطفالا يعانون إعاقات مزدوجة ويحتاجون إلى علاج مكثف ومتنوع.

ومن هنا درست المراكز الخاصة قصور الحكومة فقامت بمنافستها وبسهولة عن طريق توفير مراكز شاملة لأغلب الإعاقات الذهنية، لكنهم استغلوا حاجة الأهالي في علاج أبنائهم فتجد الاستشارة تكلف الأهالي مبلغاً يصل إلى 250 ديناراً، والجلسات العلاجية تتراوح ما بين 30 إلى 90 ديناراً لمدة 45 دقيقة!!

تخيل لو كان ابنك يحتاج إلى أربع جلسات أسبوعية، فكم سيتكبد الأهالي من خسائر مادية؟ والهيئة تقدم لهم مبالغ تقدر بقيمة استشارة واحدة.

هذه المراكز الخاصة أنشئت من أجل الأغنياء فقط كما شكت لي أم يعاني ابنها عدة إعاقات ذهنية، وشخصته الطبيبة المتمكنة التي تتقاضى 220 ديناراً للاستشارة بأن احتمالية تطور حالته ممكنة، ولكنه يحتاج إلى جلسات مكثفة ستكلفها ما يقارب 2600 لشهر، وهو مبلغ يصعب عليها توفيره شهريا، وعليه قيسوا معاناة الأهل.

ناهيك عن الحضانات المخصصة لذوي الإعاقة التي يعاني فيها المعاقون سوء المعاملة والإهمال، وأحيانا يصل إلى العنف، وفي حالات إلى ما هو أكثر، مستغلين إعاقة هذا الطفل الذي سيعجز عن التعبير، ويقع اللوم على الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة التي تعتمد هذه الحضانات دون أن تقوم بزيارات مفاجئة لتقيس مستوى مهنيتها.

معاناة الأهالي كثيرة ومتشعبة، وبلد مثل الكويت يقدم المال، وأسّس هيئة مختصة بشؤون المعاقين هي بدون شك خطوة مباركة، ولكن العاملين فيها يحتاجون إلى أن يقوموا بعملهم بضمير أكثر، لأن هذه الفئة حساسة وتحتاج إلى مختصين.

ومن حق أي أب وأم أن يسعيا إلى تطوير قدرات ابنهما الذهنية، لا سيما أن الدولة تقدم هذه الخدمات، ولكن تكمن مشكلتنا دوما في أن البلد يجتهد في التخطيط ويفشل في تعيين الأشخاص المناسبين للتنفيذ السليم، التأخر في إجراءات أي معاق سواء كان ذهنيا أو حركيا هو إعاقة في تحقيق فرصته لأن يصبح فرداً منسجماً في المجتمع، وتقليل من فرصة أن يعيش في بيئة صحية دون توتر أو خوف من استغلال الآخرين له ولإعاقته.

:

قفلة

لمدعي الإعاقة وجميع الأهالي الذين يودون إصابة أبنائهم بإعاقة، وذلك لكسب بعض المميزات المادية، أقول: عظم الله أجركم في ضميركم.