يقول مصرفيون، إن مؤسسة النقد العربي السعودي "البنك المركزي"، حققت قدراً من النجاح في استخدام الأدوات النقدية لكبح ارتفاع أسعار الفائدة في سوق النقد الناجم عن هبوط أسعار النفط، وإنها ربما تلجأ إلى مزيد من الإجراءات الجذرية للحفاظ على استقرار النظام المصرفي.

وقد تشمل هذه الإجراءات رفع نسبة القروض إلى الودائع، التي تشير إلى القيمة المسموح للبنوك بإقراضها من الودائع التي لديها، وقد تشمل خفض نسبة الاحتياطي، الذي يجب أن تودعه البنوك لدى البنك المركزي، وهو ما يعرف بالاحتياطي الإلزامي.

Ad

وتسبب هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014 في خفض الإيرادات الحكومية، وهو ما أثر بدوره على تدفق عائدات النفط إلى النظام المصرفي السعودي.

وبعد نمو متواصل لسنوات، انخفض إجمالي الودائع لدى البنوك التجارية 3.3 في المئة في يونيو مقارنة به قبل عام.

وتسبب ذلك في شحّ السيولة بالنظام المصرفي، ودفع معدلات الفائدة بين البنوك للارتفاع. وقفز معدل الفائدة بين البنوك السعودية لعام واحد أكثر من 1.5 نقطة أساس خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة.

وقد يقوض ذلك من قدرة البنوك السعودية على إقراض القطاع الخاص بمعدلات فائدة معقولة - وهو أمر ضروري في حين تحاول الحكومة الحد من الأضرار، التي نالت من الاقتصاد جراء هبوط أسعار النفط - وقد يرفع تكلفة الإقراض للحكومة التي تبيع السندات إلى البنوك بصورة شهرية لتمويل عجز الموازنة.

وقال مصرفي سابق لـ"رويترز"، مشترطاً عدم الإفصاح عن هويته لحساسية الأمر "مؤسسة النقد أرسلت تحذيرات من إمكانية شح السيولة قبل عام تقريباً، والآن تواجه هذا الموقف".

ولم يستجب المركزي السعودي لطلبات للتعليق، وعادة ما يحيط البنك عملياته بقدر كبير من السرية.

وفي الظروف العادية تستخدم مؤسسة النقد سعر إعادة الشراء (الريبو) لإقراض البنوك عندما تواجه نقصاً في السيولة. لكن عمليات الريبو قصيرة الأجل وغير قادرة على مواجهة نقص السيولة على المدى الطويل والناتج عن هبوط أسعار النفط.

ومنذ بداية الربع الأول من العام بدأت مؤسسة النقد في اتخاذ خطوات أكبر لمواجهة الأمر إذ قلصت مبيعاتها من أذون الخزانة للبنوك.

وبلغت حيازات البنوك من سندات الخزانة 52.8 مليار ريال (14.1 مليار دولار) في يونيو انخفاضاً من 215.8 مليار ريال قبل عام لتسجل أدنى مستوى منذ 2010 على الأقل.

ومنذ الربع الثاني من العام، بدأت المؤسسة في تجنيب مخصصات طويلة الأجل للبنوك التي تحتاج ذلك.

ويقول مصرفيون، إن البنوك حصلت على الأموال في صورة ودائع كجزء من الترسانة النقدية لديها.

ورجّح عدد من المصرفيين تحدثت معهم "رويترز"، أن تكون حصيلة قرض دولي بعشرة مليارات دولار حصلت عليه الرياض في مايو قد أودعت لدى البنوك لدعم السيولة، في حين وصف مصرفيون آخرون الأموال، التي أودعت لدى البنوك بأنها قروض ذات فائدة منخفضة.

ويثير ذلك احتمال أن تكون مؤسسة النقد قد استخدمت أداة نقدية جديدة تشبه عمليات إعادة التمويل طويل الأجل، التي استخدمها البنك المركزي الأوروبي لمواجهة نقض السيولة خلال الأزمة المالية في السنوات الأخيرة.

وكان لاستراتيجية مؤسسة النقد بعض الآثار الإيجابية، فبنهاية يونيو ارتفع إجمالي الودائع لدى البنوك التجارية على أساس شهري، كما واصل الائتمان المصرفي للقطاع الخاص تسجيل نمو قوي إذ قفز 8.1 في المئة في يونيو عن مستواه قبل عام.

لكن هناك علامات تشير إلى استمرار الضغوط على السيولة. فعلى الرغم من استقرار معدلات الفائدة بين البنوك أواخر يونيو حزيران فقد عاودت الصعود في الأيام القليلة الماضية لتصل إلى 2.498 في المئة وسجل معدل الفائدة بين البنوك لأجل عام واحد أعلى مستوى منذ يناير كانون الثاني 2009.

علاوة على ذلك، تباطأت وتيرة ارتفاع حيازات البنوك من السندات الحكومية في يونيو حزيران ،إذ ارتفعت بقيمة 3.1 مليارات ريال فقط في ذلك الشهر.

وربما يشير ذلك إلى أنه في ظل عدم توافر الأموال الإضافية بدأت البنوك تفقد شهيتها لشراء السندات التي تصدرها الحكومة بصورة شهرية بقمية 20 مليار ريال.

وتغلف السرية إصدارات السندات الحكومية، لهذا يقول مصرفيون، إن من المستحيل التأكد من حجم السندات التي تنجح الحكومة في بيعها.

وفي حالة توقف البنوك عن شراء هذه السندات، فقد تضطر الرياض للاقتراض من الخارج أو السحب من الاحتياطيات الأجنبية بوتيرة أسرع لتمويل عجز الموازنة.