لقد تمازجت الحضارات والأفكار الإنسانية بعضها مع بعض، بدليل أننا نعيش عالمنا المعاصر على كل ما ابتكره العقل الإنساني الحر في شتى مجالات العلوم التي ننعم بها، وليس بالتعاليم الظلامية التي تنكل بنا منذ قرون... و"داعش" ليس نهاية المطاف.

***

Ad

• مسيرة حياة الإنسان لم تكن سهلة ويسيرة، فقد اعترضتها الأهوال والصعاب الكأداء، ومما قاله الفيلسوف روسو في هذا الصدد: لقد ولد الإنسان حراً لكنه يجد نفسه يرسف في الأغلال في مسيرة حياته...!

• أي نعم: إن التعاليم السماوية حملت للإنسانية عبر الرسل والأنبياء كل ما من شأنه أن يحقق حرية الإنسان وكرامته، لكن الصراع بين من تولى تلك التعاليم عقب انتهاء عصر الأنبياء، قد جعل حياة البشر تعج بالحقد والكراهية، فأصبح تاريخ الإنسان سلسلة ممتدة من الحروب، وكلها تتخذ من الدين ذريعة للقتل والترويع والدمار الذي يعيشه الإنسان، وبالذات في المناطق التي انبثقت فيها

الأديان...!

***

• لكن الإنسان العاشق للحرية، في الأغلب هو من يقف في مواجهة أولئك الذين اتخذوا الاحتراب بذرائع دينية، هذا الإنسان لإيمانه المطلق بالحرية بأنها لا تتحقق إلا بالفكر، والفن، والأدب، يتخذ المسرح والرواية والشعر والرسم والنحت والتصوير والسينما والموسيقى، وغير ذلك، أساليب تعزز دور الحضارة الإنسانية في فتح الطريق أمام انطلاق الإبداعات، التي تجعل حياة البشر بمنأى عن مخاطر الأحقاد.

***

• ومثلما لعشاق الحرية أساليبهم المتشبثة بالأمل والحلم، رغم فترات الظلمات الحالكة، فإن للتخلف أيضاً آلياته ومنظريه، بل إن القوى المستفيدة من تخلف الشعوب هي التي تساند أصحاب العقول والقلوب المتحجرة بتعزيز مواقعها في السلطة، بينما نجدها تتصدى للقضاء على المبدعين أو مصادرة معطياتهم أو حرقها، وقد يصل الأمر إلى سجنهم أو قتلهم، والتاريخ أمامنا يحفل بالحديث عمن دفعوا حياتهم ثمناً لمواقفهم الحرة.

***

• مشكلة الذين يبنون بقاء حكمهم، معتمدين على المتخلفين في تعصبهم الديني، أنهم لا يدركون أن الفكر والإبداع الإنساني مرتبطان بقانون البقاء.

***

• هذا ما أدركته الدول المتحضرة، فاعتمدت نظام الحرية والديمقراطية، بعد أن عانت ما عانت من سيل الدماء والحروب نتيجة للعصبيات الدينية، التي كانت تسود في المجتمع الأوروبي قروناً...!

• ليلق كل إنسان في عالمنا العربي يحمل ذرة من التفكير القويم نظرة إلى ما يجري في وطننا العربي، فماذا يجد؟!

هل هذا الاحتراب الذي يشمل وطننا العربي له تعريف آخر غير التعصب التاريخي والطائفي القائم على الكراهية منذ قرون؟!

عنونت المقال "للأحرار فقط"، لأن المصابين بلوثة التخلف سيصنفونني خارجاً على قانون الكراهية، الذي يتخذونه بمبايعتهم لـ"داعش" قلباً ونقدهم له ظاهراً...!