أكد سمو أمير البلاد أن مواجهة الإرهاب عملية شاملة لها أبعاد تربوية ودينية، مضيفا أن المشاورات بين الأطراف اليمنية، التي تستضيفها الكويت، لم تنجح في إيجاد حل، داعيا إيران إلى الالتزام بالقواعد الدولية لتوفير الظروف لنجاح حوار محتمل بينها وبين الدول العربية.

Ad

انطلقت أمس في قصر المؤتمرات بالعاصمة الموريتانية نواكشوط الدورة السابعة والعشرون للقمة العربية، وذلك بحضور 6 فقط من القادة العرب في مقدمهم سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، واختصرت القمة الى يوم واحد بدلا من يومين كما كان مقررا.

والى جانب سمو أمير البلاد، شارك في القمة أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني، ورؤساء السودان واليمن وجيبوتي وجزر القمر. كما حضر رئيس تشاد إدريس ديبي بصفته الرئيس المباشر للاتحاد الإفريقي ومجموعة الساحل (جي5).

وتمثل كل من ليبيا ولبنان اللذين ليس لهما رئيس، برئيس الوزراء. وأدى كل ذلك الى مشاركة «متوسطة»، مقارنة بالقمم العربية السابقة، وفق مختصين.

جلسة الافتتاح

وترأس جلسة افتتاح القمة التي اطلق عليها «قمة الأمل» الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز بحضور قادة الدول العربية وممثليهم ورئيس الاتحاد الإفريقي والأمين العام لجامعة الدول العربية، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من ممثلي الهيئات الدولية والشخصيات المدعوة.

وتسلمت موريتانيا خلال هذه الجلسة الافتتاحية الرئاسة الدورية من مصر رئيسة الدورة الـ 26، وبدأت القمة بتلاوة رئيس مجلس الوزراء المصري شريف إسماعيل كلمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي أعرب عن أمله في أن «تتوصل هذه القمة إلى كل ما يخدم المصالح العليا للأمة العربية».

ورأى السيسي أن خريطة الأزمات في المنطقة «تعكس ما تعانيه شعوبنا من مآس يتعين معالجتها وتسويتها»، محذرا من التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية.

وأكد الرئيس المصري حرص بلاده على «توظيف علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف من أجل تنسيق المواقف للتأثير الفعال في التناول الدولي لقضايا العالم العربي»، وجدد دعوته الى «تطوير الخطاب الديني حتى لا تستغل الجماعات الإرهابية الدين لتجنيد عناصر جديدة».

وأوضح أن «الأوضاع في سورية وليبيا يتعين تسويتها من خلال حلول سياسية تحفظ دماء الشعبين وتحفظ كيان الدولتين».

ولد عبدالعزيز

وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في كلمته خلال جلسة افتتاح القمة العربية بنواكشوط، إن «مواجهة التحديات التي يعيشها العالم العربي تتطلب ترسيخ الأمن والاستقرار»، داعيا الى «العمل على التصدي للإرهاب وبؤر التوتر في العالم العربي»، ومضيفا أن «الأزمة في سورية لا يمكن حلها من دون عملية توافقية».

وشكر ولد عبدالعزيز الكويت على جهودها لحل الأزمة في اليمن، كما أشاد بـ «المقاربة الأمنية لمكافحة الإرهاب التي انتهجتها موريتانيا أخيرا، والتي تمكنت من رفع التحدي الأمني الذي كانت تواجهه البلاد».

أبوالغيط

وفي كلمته أمام القمة، وهي الأولى له كأمين عام للجامعة العربية قال أحمد أبوالغيط: «سأكون أمينا على مسيرة العمل العربي المشترك، وفقا لقواعده، وسأحافظ على حياد الأمانة العامة للجامعة العربية مع كل الأعضاء، وأتعهد بقيادة الأمانة العامة للعمل بشكل شفاف مع الدول من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة».

وشدد على أن «الجامعة تحتاج إلى التجديد والتطوير والتمويل اللازم لذلك لمواكبة التغيرات الني نشهدها في المنطقة العربية»، مؤكدا أن «اليقظة لما يجري في المنطقة واجب علينا جميعا، وعلينا العمل على وقف التدهور والتفكك الحاصل في عدد من البلدان العربية، وهناك حاجة لإعادة النظر في أساليب معالجة ملفات بعض الأزمات العربية».

ولفت إلى أن «أمتنا العربية تخوض حربا ضروس ضد الإرهاب، وهذه الآفة التي تضرب دون هوادة داخل مجتماعتنا تتطلب وضع الآليات الكفيلة لتنفيذ القرارات السابقة للجامعة العربية، وتطوير الاتفاقيات وتعبئة الجهود العربية للقضاء على الارهاب الذي أخذ من عالمنا العربي مسرحا لعملياته الاجرامية، وهذا يهدد مقومات الدولة العربية». وانتقد التدخلات في الدول العربية، في إشارة الى إيران.

وذكر ابوالغيط أن «استقرار الدول العربية وتعبئة قدراتها والحفاظ على أمنها يمثل الركيزة لإطلاق مشاريع التنمية، ويرتبط بالسعي لإيجاد مناخ استقرار إقليمي يقوم على اساس من احترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والتفاعل مع المتغيرات بما يحفظ المصالح العربية في المقام الأول».

ولد الشيخ أحمد

وألقى المبعوث الأممي الى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد كلمة الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون في القمة، وقال إنه «من المؤسف أن العديد من البلدان مازالت تعاني الأزمات، ففي سورية مازالت الحرب الأهلية الوحشية تقطع أوصال البلد، وفي الوقت الراهن يعقد المبعوث الخاص لسورية ستيفان ديميستورا اجتماعات للتحضير للجولة التالية للحوار بين النظام السوري والمعارضة، وأنا أدعوكم للضغط على جهات الحوار من أجل التوصل إلى اتفاق».

وشدد على أن «الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراعات في المنطقة»، وقال: «لابد أن توقف إسرائيل فورا أنشطتها الاستيطانية غير القانونية، وعلى الفصائل الفلسطينية ان تتجاوز انقساماتها وتدين الإرهاب». من جهة أخرى، أكد أن «لبنان يظل نموذجا للتعايش المشترك»، ودعا الى انتخاب رئيس للجمهورية، لافتا إلى أن «المشاكل المترتبة عن الأعداد القياسية للنازحين بات تبلي العديد من الدول العربية، وتشكل أزمة حقيقية لدول العبور».

ديبي

وقال الرئيس التشادي إدريس ديبي في كلمته أمام القمة إنه ينتهز الفرصة لتحية التقارب بين إفريقيا والعالم العربي، داعيا الليبيين والصوماليين الى «التصالح من أجل وضع حد لآلام شعوبهم».

البشير

من ناحيته، دعا الرئيس السوداني عمر البشير، في كلمته إلى «تفعيل دور الجامعة العربية وتفعيل حوار عربي لحسم الخلافات وتوحيد الصف والكلمة»، مضيفا أن «غياب الجمهورية العربية السورية عن القمة العربية لا يقلل من اهتمامنا بما يجري في هذا البلد الشقيق، فنحن نرفض أعمال سفك الدماء»، داعيا الى «استعادة زمام المبادرة في سورية، وألا نعول على المبادرات الخارجية لما لها من مطامع»، مشددا على «ضرورة حل سلمي في الأزمة ولاتخاذ مواقف عربية تحترم رأي الشعب السوري». وهاجم البشير المحكمة الجنائية الدولية، لكونه مطلوبا لديها.

1500 جمل في عرض ترحيبي

أعدت الجهات المعنية في موريتانيا العدة لاستقبال رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية المشاركين في القمة العربية، وبالإضافة إلى الأعلام والمواكب الرسمية تم تخصيص 1500 جمل وراكب باللباس الموريتاني الوطني يحملون أعلام الدول العربية الأعضاء للترحيب بالقادة والمواكب الرسمية.

وفى إطار التحضيرات للقمة العربية قامت وزارة الثقافة والصناعة التقليدية في موريتانيا بتنظيم «القرية الثقافية» على هامش فعاليات هذه القمة. وتضم القرية 18 جناحا يتم فيها عرض مختلف أوجه التراث والثقافة لتعكس للضيوف التنوع والثراء الذي يميز موريتانيا.

وسيتم عرض المخطوطات النادرة، والمؤلفات وكنوز الآثار، وأبرز إبداعات الفنانين التشكيليين، والطوابع البريدية النادرة وأرشيف العملات المستخدمة عبر تاريخ البلاد.

شدد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد على ضرورة مواجهة الإرهاب وردع التنظيمات الإرهابية.

وأضاف سموه، في كلمته أمام القمة العربية الـ27 في موريتانيا أمس، أن المشاورات اليمنية فشلت حتى الساعة في إيجاد حل، داعيا إيران إلى احترام «قواعد وأعراف القانون الدولي المتعلقة بحسن الجوار واحترام سيادة الدول»، لتوفير الظروف الملائمة للحوار.

وشكر سموه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز على تنظيم بلاده واستضافتها للقمة، وشكر أيضا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على ترؤس مصر لأعمال الدورة السادسة والعشرين، كما هنأ الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، بمناسبة توليه مهام عمله.

وقال سموه، في كلمته، إن «استمرار الظروف الدقيقة والأحداث الخطيرة والتطورات المتسارعة التي تعيشها المنطقة العربية قوضت استقرار المنطقة، وبددت الوقت والجهد على حساب تنمية الدول العربية وتحقيق تطلعات شعوبها»، لافتا الى أن «التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة العربية أضافت أبعادا جديدة وخطيرة للتحديات التي يواجهها العمل العربي المشترك».

الإرهاب

وأكد سمو الأمير أن «الإرهاب الذي نواجهه جميعا يبقى مصدر تهديد لأمننا واستقرارنا، ومدعاة للعمل بكل الجهد لمواجهة شروره ومخاطره، واننا ندرك أن المواجهة شرسة وتتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي لردع مخططات التنظيمات الإرهابية وعملها الإجرامي، كما أننا ندرك أن المواجهة شاملة بكل الأبعاد التعليمية والتربوية والثقافية والدينية، وهي مسؤولية تتحملها دولنا كجزء من المجتمع الدولي بأجهزتها الرسمية والشعبية».

اليمن

وعن مشاورات السلام بين الأطراف اليمنيين، التي تستضيفها الكويت، قال سموه إن «ما يبعث على الألم، أن المشاورات السياسية التي استضافتها بلادي الكويت وعلى مدى أكثر من شهرين لم تنجح في الوصول إلى اتفاق ينهي ذلك الصراع المدمر، ولكن الأمل مازال معقودا على الأطراف المعنية في استئنافها لتلك المشاورات بأن تصل إلى ما يحقق مصلحة وطنهم ويحقن دماء أبنائهم، فالحرب التي نراها اليوم جميعا في هذا الجزء العزيز من وطننا العربي لن تزيد الوضع إلا دمارا وقتلا وتشريدا وتهديدا لوحدة وطنهم».

إيران

وحول العلاقة مع إيران، شدد سموه على أن «نجاح أي حوار بناء يتطلب توفير الظروف الملائمة له، عبر احترام إيران لقواعد وأعراف القانون الدولي المتعلقة بحسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية».

سورية

وبشأن سورية، اشار سموه الى ان «الوضع يزداد خطورة ويتضاعف معه الدمار والقتل والتشريد والمعاناة الإنسانية للأشقاء، رغم جهود المجتمع الدولي المتواصلة، والتي كان لبلادي الكويت شرف استضافة ثلاثة مؤتمرات دولية، والمشاركة في رئاسة المؤتمر الرابع لدعم الوضع الإنساني في سورية».

واردف: «كما لا يزال المجتمع الدولي يقف متفرجا على تعاظم المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري الشقيق دون أن يتمكن وبكل أسف من الوصول إلى ملامح حل سياسي يضع حدا لهذه المعاناة ويبعث الأمل في نفوس أبناء الشعب السوري، ويسهم في تخليص عالمنا من تداعيات وشرور أعمال إرهابية هددت استقرار العالم وضاعفت من ضحاياه».

مؤتمر التعليم في الصومال

وأكد سموه أن «الوضع في العراق وليبيا والصومال والسودان يبقى مصدر قلق كبير ومبعث تهديد لأمننا واستقرارنا، فمعاناة الأشقاء في هذه الدول كبيرة، والتحديات التي يواجهونها جسيمة، تدعونا جميعا الى الوقوف معهم ودعم كل ما يمكنهم من وضع حد لتلك المعاناة».

وكشف عن «عزم دولة الكويت استضافة وتنظيم مؤتمر دولي لدعم التعليم في الصومال، لنسهم معهم في توفير التعليم الذي يحقق لهم الاستقرار والتنمية المنشودة».

عملية السلام

وفي ما يتعلق بمسيرة السلام في الشرق الأوسط، ذكر أنه «لا يزال التعنت والصلف الإسرائيلي يقف حائلا دون تحقيق السلام الدائم والشامل المنشود وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية».

وأشاد بـ«جهود جمهورية فرنسا الصديقة التي استضافت مؤخرا مؤتمرا دوليا حول مسيرة السلام في الشرق الأوسط بمبادرة منها تعبر فيها عن حرص على تحقيق انطلاقة جديدة لمسيرة السلام تقود إلى حل لهذه القضية، والتي نأمل أن يكتب لها النجاح». واضاف أنه «استكمالا للدعم الذي تقدمه دولة الكويت للأشقاء نعمل حاليا لاستضافة مؤتمر دولي حول معاناة الطفل الفلسطيني، لنسلط الضوء من خلاله للعالم أجمع على مدى الانتهاك الذي تمارسه إسرائيل للاتفاقيات والاعراف الدولية الخاصة بحقوق الطفل».

خيمة عملاقة تحتضن الاجتماع

أعدّت الحكومة الموريتانية خيمة داخل مبنى قصر المؤتمرات بنواكشوط لاحتضان جلسة افتتاح القمة العربية واختتامها في دورتها الـ27.

وخُصص الجانب الغربي من الخيمة التي تتسع لـ1200 شخص للملوك والأمراء والرؤساء وقادة الوفود وكبار مساعديهم، ووُضعت في الجانب الشرقي منها عشرات الكراسي لبقية أعضاء الوفود العربية.

وجرت الاجتماعات التحضيرية للقمة في القاعة الرئيسية بقصر المؤتمرات في نواكشوط، في حين بقيت الخيمة مغلقة في انتظار وصول قادة وممثلي الدول العربية.

رسالة من بوتين

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس «استعداد بلاده لتطوير التعاون مع جامعة الدول العربية، لتحقيق الأمن الإقليمي والتصدي لخطر الإرهاب الدولي»، وذلك في رسالة بعث بها الى القمة العربية في نواكشوط.

واعتبر بوتين أن «التصدي للارهاب «يجب ان يترافق مع بلورة جهود مشتركة تهدف إلى إيجاد تسوية للنزاعات في سورية والعراق وليبيا واليمن وغيرها من بؤر التوتر الإقليمية».

وشدد على «ضرورة احترام سيادة جميع الدول، وتشجيع الحوار الشامل وتحقيق الوفاق الوطني».