تقول الدكتورة ناتالي دوتوفيتش، عالِمة بيئية في «مؤسسة النوم الوطنية» وأستاذة مساعِدة في علم النفس في «جامعة فرجينيا كومنولث»: «يتغير نومنا على مر حياتنا». بحسب رأيها، يحصل بعض التغيرات الجذرية في عمر العشرينات. لكن حين نصل إلى مراحل متقدمة من سن الرشد، قد تظهر مشاكل جديدة. يسهل أن يستيقظ بعض النيام بعد عمر الخمسين خلال الليل، ما يعني تراجع مدة النوم الإجمالية في حالتهم. لا يكون هذا التغيير إيجابياً جداً: اكتشفت «مؤسسة النوم الوطنية» أن 71% من الناس الذين يتراوح عمرهم بين 55 و64 عاماً يعترفون بمواجهة بعض مشاكل النوم، فقد يجدون صعوبة في الاستغراق في النوم أو يشعرون بالتعب عند النهوض أو يشخرون.

تحثّ دوتوفيتش كل من يواجه هذه المشاكل على التحدث عنها إلى اختصاصي. بحسب طبيعة أعراضك (ربما تنام بشكل مفرط خلال النهار، أو تصبح سريع الغضب، أو تفتقر إلى التركيز، أو تشعر بالألم)، قد تستفيد من أخذ الأدوية أو تغيير أسلوب حياتك أو حتى الخضوع للعلاج المعرفي.

إليك بعض مشاكل النوم الاستثنائية التي يمكن أن تواجهك مع التقدم في السن...

Ad

يتغيّر موعد النوم ووقت النهوض

هل تذكر كيف كنت تتوق إلى السهر لوقت متأخر والنوم حتى الظهر في عمر التاسعة عشرة؟ لم تكن كسولاً بكل بساطة في فترة المراهقة، بل ساعتك الداخلية الطبيعية (تُسمّى علمياً إيقاعات الساعة البيولوجية) تتأخر حتى بلوغ العشرينات، ما يعني أننا لا نتعب قبل وقت متأخر من الليل ولا نشعر باليقظة حتى وقت متأخر من الصباح. لكن بعد تجاوز هذه المرحلة، تتابع الساعة البيولوجية تقدّمها فنميل في مرحلة لاحقة من حياتنا إلى الشعور بالنعاس في وقت أبكر والاستيقاظ قبل الوقت المعتاد صباحاً.

تستيقظ بشكل متكرر خلال الليل

تبدأ ظاهرة غريبة في دماغنا مع التقدم في السن. يقول طبيب النوم مايكل بريوس: «تتغير قوة الموجات الدماغية في مرحلة معينة». كي يكون النوم عميقاً ومريحاً وتصحيحياً، يجب أن تبلغ الموجات الدماغية مستوىً محدداً. لكن بعد عمر الخمسين تقريباً، لا تبلغ الموجات ذلك المستوى. يسهل أن يضطرب النوم الخفيف في هذه الحالة، ما يعني أنك قد تستيقظ بسهولة. سواء كان الشخص الذي ينام إلى جانبك يشخر أو كنت تسمع ضجة منزلية مألوفة أو تعاني عسر هضم بسيطاً، قد تلاحظ أنك ما عدت تستطيع النوم وسط مصادر الإزعاج هذه. تعني هذه الظروف أن نومك زاد سوءاً، بحسب بريوس.

تعرف طبعاً أنك تستطيع التعويض عن الأرق الليلي عبر أخذ قيلولة في فترة بعد الظهر. لكن يجب توخي الحذر: قد تشعر بالتعب خلال النهار طبعاً إذا تقلّبتَ طوال الليل، لذا قد تضرّك القيلولة أكثر مما تفيدك أحياناً. تقول دوتوفيتش: «يمكن أن يؤثر هذا الوضع في إيقاعاتنا الطبيعية للأسف وقد يؤدي إلى اضطراب النوم في الليلة اللاحقة».

تحتاج إلى التبول بشكل متكرر

ينهض 53% من الراشدين بين عمر 55 و85 عاماً للتبول كل ليلة تقريباً وفق معطيات «مؤسسة النوم الوطنية». يشعر البعض بحاجة متكررة إلى التبول مع التقدم في السن لأن الأعصاب لا تعمل بالفاعلية نفسها على الأرجح. لكن قد تتعلق المشكلة أيضاً بالعجز عن النوم بعمق. توضح دوتوفيتش: «يدرك الناس رغبتهم في التبول حين يستيقظون أكثر مما يفعلون عندما يغطّون في نوم عميق». ما دمت تستطيع معاودة النوم خلال 5 أو 10 دقائق بعد استراحة التبول، لا داعي للتوتر. لكن إذا كنت تجد صعوبة في النوم مجدداً، ناقش الموضوع مع طبيبك.

تشعرين بنوبات حر متواصلة

لا شك في أن جنون الهرمونات المعروف في مرحلة انقطاع الطمث لدى النساء قد يؤثر في النوم. يمكن أن تؤدي التقلبات في مستويات الأستروجين والبروجستيرون إلى اضطراب النوم الصحي، وقد توقظ نوبات الحر الحادة بعض النساء أو تجعل النوم في حالتهنّ مستحيلاً. قد تؤدي التغيرات المزاجية أيضاً إلى اضطراب النوم، ما يجعل انقطاع الطمث عاملاً سلبياً بالنسبة إلى النوم. بالإضافة إلى تطبيق جميع قواعد النوم العامة، تقترح دوتوفيتش زيادة «مرونة» بيئة النوم قدر الإمكان عبر النوم على أنسجة منعشة وتوزيع الأغطية والبطانيات على شكل طبقات على السرير كي تتمكني من إزاحتها عند الشعور بالحر.

تبدأ بالشخير

يتعلق بعض الآثار الجانبية المزعجة في مرحلة الشيخوخة بزيادة الوزن فجأةً. قد يؤدي اكتساب الوزن إلى الشخير لأن زيادة سماكة العنق تعني تضيّق القصبة الهوائية. وإذا تضيّقت القصبة الهوائية كثيراً، قد تَنْسدّ فتتوقف عن التنفس للحظات خلال الليل: إنها مشكلة انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم. تكون هذه الحالة أكثر شيوعاً بين الرجال، لكن يزداد عدد النساء اللواتي يختبرن هذه المشكلة أيضاً بعد مرحلة انقطاع الطمث. إذا كنت تشخر أو ينقطع تنفسّك أثناء النوم، يعني ذلك أنك لا تتنشّق الكمية نفسها من الهواء، ما يغيّر نوعية النوم بشكل عام. في هذه الحالة، ستزعج الشخص الذي ينام بقربك على الأرجح. يقول بريوس: «إذا كنت تنام بالقرب من شخص يشخر، قد تخسر نحو ساعة من النوم ليلياً». في هذه الحالة، لن تعود فكرة النوم في غرفتين منفصلتين غريبة جداً!

تصبح أكثر عرضة لتململ الساقين

تزداد معدلات هذه الحالة الغامضة التي ترتبط بالنوم بعدما يبلغ الناس عمر الخمسين تقريباً. ويمكن أن تزداد حاجتك إلى تحريك الساقين مع التقدم في السن. لا يفهم عدد كبير من الخبراء حتى الآن مختلف جوانب متلازمة تململ الساقين، لكن يُقال إنها ترتبط بمادة الدوبامين الكيماوية الدماغية التي تتراجع مع التقدم في السن أو بنقص الحديد الشائع أيضاً بين المسنين.