أكد رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الخارجية، صباح الخالد، أنه "لا يمتلك أية معلومات بشأن وجود تعديل وزاري مرتقب، لاسيما عقب خلو بعض المقاعد الوزارية"، مشيرا إلى أنه "بشأن إعلان بعض النواب تقديم استجوابات للوزراء، فإن الدستور هو الإطار الذي يحدد العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأن العملية السياسية تتطلب تعاونا جادا، ونحن حريصون على ذلك لتحقيق مزيد من الانجازات خلال دور الانعقاد المقبل".

Ad

وناشد الخالد، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد صباح أمس مع نظيره الألماني، د. فرانك شتاينماير، "الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالعمل وفق القواعد الدولية، والالتزام بالمبادئ الأساسية التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة بشأن حسن الجوار، وعدم الخوض في الشؤون الداخلية لدول المنطقة"، مؤكدا "استعداد دول مجلس التعاون الخليجي لبدء حوار جاد مع الجارة إيران يقوم على المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة لتحقيق أمن واستقرار المنطقة"، مشددا على أن "المنطقة تمر بتحديات جسام، وأي تصعيد سيزيد الأمور تعقيدا".

مباحثات ثنائية عميقة

وشدد على عمق جذور العلاقات الكويتية- الالمانية، واصفا إياها بـ"المتينة"، مؤكدا أن "الكويت تربطها علاقات دبلوماسية بألمانيا فاقت الخمسين عاما، حتى باتت مثالا يحتذى به في العلاقات الدبلوماسية الناجحة".

وقال: "تشرفنا اليوم (أمس) بمعية وزير خارجية ألمانيا الاتحادية بمقابلة سمو نائب الامير الشيخ نواف الاحمد، حيث استمعنا لرؤى سموه الحكيمة حيال تعزيز وشائج العلاقات بين البلدين الصديقين، والارتقاء بها الى آفاق ارحب، ومباركة سموه لكل جهد مبذول ومسعى محمود تجاه الارتقاء بمجالات التعاون المنشودة".

وأضاف: "تجلى تميز العلاقات بين البلدين في موقف الجمهورية الألمانية إبان الغزو العراقي الغاشم على الكويت عام 1990، بدعمها الكامل للشرعية الكويتية، ومساندتها الى الابد، كما جاءت الزيارة التاريخية لسمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الى المانيا عام 2010، تتويجا لعلاقات البلدين الصديقين وتناميها".

وذكر الخالد أنه "أجرى مباحثات ثنائية عميقة مع نظيره الألماني تناولت مختلف المواضيع الرامية إلى تطوير آليات التعاون والشراكة بين البلدين الصديقين في المجالات كافة، لاسيما في المجالين الاقتصادي والتجاري اللذين يشكلان حجر الزاوية في العلاقات بين البلدين، لاسيما في ظل المكانة التي تتمتع بها ألمانيا كأهم شريك اقتصادي للكويت".

اللاجئون السوريون

وحول الشأن الإقليمي والدولي، قال الخالد: "أجرينا مباحثات عكست تطابقا كبيرا في وجهات النظر حيال مجمل القضايا، ومنها الازمة السورية وتفاقم الوضع الإنساني هناك، ونعبر في هذا الصدد عن تقديرنا لجهود ألمانيا المتمثلة في ايجاد حل لمسألة اللاجئين عبر قرار المفوضية الاوروبية بإعادة توطين 120 ألف لاجئ، وبالقرارات التي اتخذتها ألمانيا بقيادة المستشارة انجيلا ميركل المتعلقة بتوفير جميع وسائل العيش الكريم للاجئين".

وتابع: "عبرنا عن املنا في استمرار المساعي والجهود المبذولة للوصول الى حل سياسي دائم يضع حدا للمأساة الانسانية التي يعيشها الشعب السوري".

وبين الخالد أنه "تم استعراض الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق وضرورة دعم العملية السياسية فيه، وتحقيق المصالحة الوطنية كضرورة لإعادة الأمن والاستقرار في ربوعه، كما عبرنا عن قلقنا لتفاقم الأوضاع الإنسانية فيه التي تفاعلت الكويت معها من خلال مبادرة سمو الامير بتقديم عون إنساني عاجل بقيمة 200 مليون دولار، إضافة إلى ما سبق أن أعلنت عنه الكويت بتأجيل سداد العراق للتعويضات للكويت لمدة سنة، لدعم العراق في مواجهة ما يتعرض له من أعمال إرهابية". وأضاف: "تباحثنا في الشأن اليمني، وأكدنا ضرورة الحل السلمي وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، كما بحثنا الأوضاع الإنسانية في اليمن، وتفاعل الكويت مع هذه المسألة من خلال تفضل سمو الامير بتقديم تبرع بمبلغ مئة مليون دولار لسد احتياجات الشعب اليمني الشقيق، وأكدنا على ضرورة تكاتف الجهود الدولية من أجل إغاثة ودعم الشعب اليمني".

وقال الخالد إن "المباحثات تناولت الشأن الليبي، وعبرنا عن أملنا بأن يتفاعل الأشقاء في ليبيا مع مبادرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا لتشكيل حكومة وفاق وطني تنهي الاقتتال الدائر، ليتسنى لليبيين حقن الدماء بينهم وتحقيق الاستقرار وإعادة بناء وطنهم على أسس راسخة".

وزاد: "وفي ضوء المستجدات الخطيرة الجارية حاليا في المسجد الأقصى والاستفزازات التي تقوم بها أجهزة القمع الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، أكدنا مجددا على ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية وتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1976، وعاصمتها القدس الشريف".

وأضاف: "من جانب اخر تطابقت وجهات النظر بيننا في ما يخص الارهاب، وضرورة توحيد كافة الجهود لمكافحته واجتثاث جذوره اينما كان والتصدي له وللمحاولات الرامية الى ربطه بأي طرف أو فئة كانت".

من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني د. فرانك شتاينماير، إن "العلاقات الألمانية- الكويتية وثيقة وليست وليدة الأمس، بل ممتدة منذ عقود طويلة، لاسيما أن البلدين شركاء في الاقتصاد والتجارة، ويسعدنا التواصل أيضاً في مجال الاستثمارات، إذ إن الاستثمارات الكويتية موجودة في المانيا، والشركات الألمانية لها مكانة بارزة في الكويت".

وأضاف أن "هناك تواصلا مكثفا على صعيد الاقتصاد والتجارة، وهما من الأسس المهمة لعلاقاتنا، غير أنهما ليسا كل شيء، والدليل على ذلك التعاون في الأزمات، ومنها الاعتداء الإرهابي الشنيع والمأساوي الذي أصاب مسجد الإمام الصادق في الكويت"، لافتا إلى أنه "التقى خلال زيارته للبلاد أطباء ألمانيين كانوا قد ساعدوا في علاج مصابي تفجيرات الصادق، وأبدوا انبهارهم من طريقة تعامل الكويت مع الأزمة بالتكاتف بين أطياف الجميع، للوقوف هذا العمل الإرهابي الجبان".

صراع طهران والرياض

وعلى صعيد الأزمة السورية، قال شتاينماير "اننا مصدومون من الصراعات التي تشهدها المنطقة، وما يحدث في سورية واليمن وليبيا والعراق"، متمنيا في الوقت ذاته "الا يقف الصراع الدائر بين طهران والرياض حائط صد أمام التوصل إلى حل للازمة السورية، لاسيما أن خنادق الحروب لا تحل المشكلات، وهذا ما جربناه في أوروبا خلال ستينيات القرن الماضي".

وأشار إلى أن "هناك 250 ألف قتيل راحوا ضحية الحرب الدائرة في سورية، وهذا يؤكد أن الوسائل العسكرية وحدها غير كافية لحل الصراعات، ونعترف أننا فشلنا على مدار 5 سنوات في إيجاد طريق سياسي كفيل بحل هذه الأزمة".

وحول معوقات جمع المملكة العربية السعودية وإيران علي طاولة الحوار، قال "نحن في المانيا نتحمل مسؤولية السياسية الخارجية في أوروبا، وإمكاناتنا في استخدام علاقتنا بالقارة الأوروبية واسعة، كما حدث خلال الصراع الدائر بين اوكرانيا وروسيا، غير أننا لا نستطيع المبالغة في قدراتنا، فليس لدينا نفس مستوى العلاقات مع دول المنطقة في ما يتعلق بجلوس طهران ودول المنطقة على طاولة المفاوضات، فقد التقيت بسفيري البلدين خلال اجتماعات الأمم المتحدة، ولكن اللاعبين المحليين في المنطقة أهم بكثير من الدور الذي يمكن لألمانيا أن تقوم به في هذا الشأن".

وأضاف "كانت هناك مبادرات من السكرتير العام السابق للامم المتحدة كوفي عنان، كما عقدت اجتماعات في اليمن، غير أنها لم تتوصل إلى حل، ونؤكد أن الأمر لم يصبح مثل ذي قبل عند بداية الصراع حيث زاد العمل العسكري، كما أن الوجود الروسي في سورية بات جليا، ولابد من ايجاد حل سياسي وأرضية مشتركة في سورية للحلحة الأزمة"، مشدداً على أن "تقارب وجهات النظر بين كبار اللاعبين في المنطقة بداية حل للازمة السورية".