ها هي المواسم تتوالى، فما إن رحل رمضان حتى أطلت الستة من شوال، وها نحن على استعداد لعشرة ليالٍ أقسم المولى عز وجل بها، وهذا كله من أجل تنظيف ما تعج بها نفوسنا من «ميكروبات» وأدران يخالطها أحياناً سوء نوايا وفوضى مشاعر داخلية، تتلاطم بين الأفكار السلبية والإيجابية، فيغدو الشخص متعثر الخطى نحو غاياته وتحقيق رغباته، وحتى نسكّن تلك المشاعر المتلاطمة من الضروري أخذ جلسات من الصمت ومراقبة تلك الأفكار التي تأخذنا في دوامة من بعثرة المشاعر وعدم ترتيبها وفق ما نريد.

Ad

في البداية، نظِّف محيطك الخارجي من الصحف اليومية والأغراض المكدسة، سواء كانت مكتبية أو زينة أو قصاصات ورق أو علب عطور أو مرطبات منتهية أو غيرها مما ليس لبقائه أي داعٍ، كما يجب بعد ذلك تنظيف المكان من الأتربة والغبار الذي يتراكم في أطراف محيطك، سواء كان بيتاً أو غرفة، وحتى السيارة التي تقودها من الضروري مراعاة خلوها من الغبار ومنشورات الدعاية والإعلان، فمتى ما نظفت محيطك، تعال وادخل إلى الحفلة المقامة في عقلك واقطع عليها ضجيجها وراقب هذه الأفكار وابدأ بالتخلص من فكرة فكرة وذلك بكتابتها على ورق أو في ملاحظات هاتفك واتخذ قرار حاسما إزاءها لا تدعها معلقة، ومن ثم راقب مشاعرك بعد تنظيف الخارج والداخل حتما سترى السكون و الهدوء عم أرجاء قلبك وهذا ما يطمح إليه كل واعٍ ينشد الطمأنينة وسعادة البال وراحته.

 دعني أخبرك ماذا سيحدث لك إذا لم تقم بهذه الحملة التنظيفية للخارج والداخل؛ ستعشش الأفكار السلبية داخلك وتبدأ في الشعور بالقلق والاكتئاب والخوف والتوتر، كما سيغلف قلبك طبقة من «الران» التي تجعلك تعمى عن رؤية ما هو حق وتنجرف وراءه، ولن يمكنك أن تميز بين الحق والباطل، ولن تستفيد من الأنوار الربانية التي ستهل علينا قريباً، ولن تنعم بالأجر، كما أنك لن تشعر بلذة المكافأة بعد لذة الطاعة، وسترى العيد نذير شؤم عليك لما يعج بقلبك من مشاعر سوداوية، وكأن العنكبوت قد نسج خيوطه عليه واستوطن فيه، فاستعد من الآن في تنظيف محيطك ليكون عيدك عيداً سعيداً.