المزيج الذي اشتمل على تضخم أقل من المتوقع في مؤشر أسعار المستهلكين وبعض التعليقات اللطيفة في محاضر اجتماع مجلس الاحتياط الفدرالي في يوليو الماضي دفع الدولار وعوائد سندات الخزينة الأميركية الى الهبوط، ويأمل المتداولون، في توقعاتهم، بتراجع فرص تحقيق الزيادة في معدلات الفائدة بحلول سبتمبر المقبل، كما ان قضية تشديد السياسة النقدية في الشهر المقبل تبدو هشة بشكل متزايد.

Ad

وقد ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 0.2 في المئة فقط عن معدلات سنة خلت، ويستمر التضخم عند ما يقارب درجة الصفر بسبب هبوط أسعار النفط وتأثير تقوية الدولار على أسعار الاستيراد، وهما عاملان يعتبرهما مجلس الاحتياط الفدرالي سمة انتقالية مؤقتة، وعلى أي حال إذا تباطأ الاقتصاد العالمي –كما يخشى البعض– يمكن أن نتوقع استمرار تلك السمة، وسوف يؤثر ضعف الطلب في الخارج على أسعار السلع والعملات الأجنبية.

وعلى كلٍّ، لا توجد ضغوط تضخمية كبيرة عبر القراءة الحالية أو من خلال النظر الى التوقعات، ويتوقع مجلس الاحتياط الفدرالي أن يظل التضخم عند أقل من حده المستهدف البالغ 2 في المئة خلال 2016 و2017، وأن تظل إجراءات السوق بالنسبة الى توقعات معدل التضخم ضعيفة، ثم إن التشدد في سبتمبر سيدفع هذه التوقعات الى مزيد من الضعف، لأن رفع معدلات الفائدة يعتبر في الوقت الراهن مجرد احتمال لا سمة مؤكدة.

وتتمثل الجدلية الأساسية لدى الصقور في أن الطاقة الاحتياطية في سوق العمل تتلاشى مع هبوط معدلات البطالة، وفي حقيقة الأمر فإن توقعات رفع معدلات الفائدة ازدادت في أعقاب تحسن أعداد الوظائف في يوليو الماضي، ولكن سياسة التشديد في سوق العمل لا تؤثر بشكل مادي على معدل التضخم ما لم توجه ضغوطاً تصاعدية على الأجور الأسمية.

وخلال الأشهر الثلاثة الماضية نمت الأجور بمعدل سنوي 1.9 في المئة (مقارنة مع 3.1 في المئة في بريطانيا)، ويمكن التحدث عن تباطؤ خفي في سوق العمل – عند 63 في المئة – أو توقعات بأن يبقي التضخم المنخفض الغطاء على اتفاقات الأجور. (يذكر أن الأميركيين يتمتعون بنمو حقيقي في الأجور بفضل هبوط أسعار النفط والمستوردات ولكن المهم بالنسبة الى السياسة النقدية هو الأرقام الاسمية).

وتظل المجادلات المتبقية المتعلقة برفع معدلات الفائدة ضعيفة، ويقول بعض مسؤولي مجلس الاحتياط الفدرالي إن التأجيل سيفضي الى "زيادة غير مرغوبة في معدل التضخم"، ومع التضخم وتوقعات خفضه تصعب رؤية كيف يمكن للزيادة في أي من الحقلين أن تكون غير مرغوبة.

ويقول البعض بوجود ميزة في رفع معدلات الفائدة وهي أن القيام بهذا العمل سيظهر أنهم يعتبرون التعافي الاقتصادي يمر بمرحلة قوة، ولكن الإشارة الأكثر قوة التي يرسلها رفع معدلات الفائدة في وجه تحجيم توقعات التضخم هي أن مجلس الاحتياط الفدرالي غير متأثر بفكرة عدم تحقيقه هدف التضخم عند 2 في المئة.

وصحيح أن صناع السياسة يمكنهم تجاوز أرقام التضخم، ولكن يتعين عليهم على الأقل، البحث عن مؤشرات نمو في الأجور أو زيادة توقعات التضخم قبل الشروع في سياسة التشديد. وعلى أي حال سيكون تأثير الزيادة الطفيفة في معدلات الفائدة محدوداً، ولكن الحقيقة هي أن السياسة النقدية الأميركية لا تبدو حتى الآن فضفافة جداً.