"اللهم أجرني من أصدقائي أما أعدائي فإني كفيل بهم"، فوزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر قال في جلسة مجلس الشيوخ الأخيرة: "إننا سنواصل الوقوف إلى جانب الأصدقاء في مواجهة نشاط إيران المؤذي"، والمقصود بالأصدقاء إذا أحسنا الظن هم العرب، خصوصاً عرب الخليج العربي الذين يواجهون تحديّاً إيرانياً متصاعداً، وذلك بالإضافة إلى عرب اليمن وسورية والعراق ولبنان.

Ad

 لكن قبل أن نذهب بعيداً في حسن ظنونا فإن ما يضع النقاط على الحروف وما يؤكد خطأ حساباتنا هو أن وزير الدفاع الأميركي قد قطع الشك باليقين، وسارع إلى إيضاح ما قاله بالتأكيد على أن أميركا ستواصل الوقوف إلى جانب أصدقائها في مواجهة نشاط إيران المؤذي... "إننا سنحتفظ بموقف عسكري قوي، لمنع أي عدوان، وتعزيز أمن أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة وخصوصاً إسرائيل".

 إذن هذا هو بيت القصيد، فإسرائيل هي ما يهم الإدارة الأميركية في هذه المنطقة الملتهبة، والرئيس أوباما لم يصر على إبرام اتفاقية النووي مع إيران إلا من أجل الإسرائيليين والخوف عليهم، فإسرائيل هي الصديق المدلل، والواضح أنه لولا الخوف عليها ما انشغلت واشنطن في عهد هذه الإدارة والإدارة التي سبقتها بهذه المسألة، ولتركت الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون، ولعاملتهم في هذا المجال معاملة باكستان والهند... ومعاملة الدولة الإسرائيلية التي امتلكت القنبلة الذرية منذ سنوات بعيدة.

ويقيناً إنه حتى لو بقيت واشنطن تقسم بأغلظ الإيمان أنه لا توجد لاتفاق النووي الذي نحن بصدد الحديث عنه ملاحق سرية خطيرة جداً، فإننا لن نصدق هذا إطلاقاً، والدليل هو التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والتي قال فيها إنه يبحث مع المسؤولين الروس كيفية إيجاد مكان لإيران في تسوية الأزمة السورية.

والمعروف أن أميركا هي التي فتحت أبواب العراق على مصاريعها للإيرانيين، وهي التي مكنت حراس الثورة الإيرانية من السيطرة على هذا البلد العربي، وهي أيضاً، بسياساتها ومواقفها الرديئة تجاه الأزمة السورية، التي جعلت طهران هي المتحكمة في سورية وأيضاً في لبنان، وهي التي أوصلت نفوذ آيات الله وتدخلاتهم إلى اليمن... إن المسؤول عن كل ما يجري في هذه المنطقة من ويلات ومصائب هو إدارة باراك أوباما المصرة على استكمال ما تريده للشرق الأوسط خلال الـ18 شهراً المتبقية من ولايتها الثانية.

أعلن مرشد الثورة علي خامنئي قبل أن يجف حبر توقيع اتفاقية النووي أنه لا تغيير على سياسة إيران في هذه المنطقة، وأنها ستبقى تقف إلى جانب "المستضعفين" في العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين، لكن مع ذلك فإننا لم نسمع من واشنطن إلا هذا الذي قاله أشتون كارتر: "إننا سنواصل الوقوف إلى جانب الأصدقاء بمواجهة نشاط طهران المؤذي"... "وأبشر بطول سلامة يا مربع"!