تدفع «الخطوط الجوية الكويتية» ضريبة المحسوبية والواسطات والتكسبات السياسية للسياحة العلاجية المتزامنة مع إجازة العيد وبداية فصل الصيف بعيداً عن المرضى الحقيقيين، الخاسر الأكبر من كمِّ المعاملات اليومية التي تصب من جميع نفقات المرضى المسافرين في إدارة العلاج بالخارج ابتداء من الديوان الأميري وديوان رئيس مجلس الوزراء، مروراً بوزارات الصحة والداخلية والدفاع، وانتهاءً بشركة نفط الكويت.

Ad

«الجريدة» بدورها سلطت الضوء الأسبوع الماضي على فوضى السياحة العلاجية في إدارة العلاج بالخارج، واليوم تنتقل إلى المرحلة الأخيرة، قبل الإقلاع في الخطوط الجوية الكويتية بقسمها التابع لاستقبال حالات العلاج بالخارج، والذي كان أشبه بنقطة احتقان لاستقباله كماً يومياً هائلاً من المراجعين تجاوز عددهم في رمضان 100 حالة يومياً، لينتهي الحال بإقلاع أكثر من 400 مريض ومتمارض خلال إجازة العيد فقط، فضلاً عن مرافقيهم.

وتضمنت الجولة في «الكويتية» بموقعها الجديد والمؤقت في برج راكان بشارع فهد السالم آراء عدد من المراجعين، كشفت بالإجماع جميعها عن تذمر واستياء كبيرين، ما دعا إلى ضرورة التنسيق وكشف غياب التنظيم، والحرص على ضرورة توفير قاعة أكبر لاستقبالهم وزيادة عدد الموظفين لإنجاز معاملاتهم لطول وقت الانتظار.

"السياحة العلاجية" قضية شائكة دونما شك، وسلسلة متواصلة من نزيف المال والجهد، في ظاهرة من شأنها تفريغ الهدف الأساسي لفكرة "العلاج في الخارج" من مضمونها السامي على حساب المرضى الحقيقيين الذين هم المعنيون بالأساس بالسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، وليس غيرهم من المتمارضين الذين لا يقل خطؤهم فداحة وضرراً عن المرض ذاته الذي يصيب المريض الحقيقي، فضلاً عن آثار الضغط الذي ترزح تحت وطأته الكويتية الذي يسببه تزايد "التمارض" على المسافرين الآخرين العاديين على الخطوط الكويتية لاسيما الدرجة السياحية وصعوبة الحصول على مقعد وسط غياب تام للتنسيق والتنظيم من قبل الشركة.

لكن سلسلة عملية "العلاج في الخارج" وكإطار عملي مؤسسي باتت حلقاتها تدور مفرغة وترزح تحت وطأة سوء استخدام الغرض من العلاج في الخارج، والفوضى العارمة التي يخلفها المتمارضون على حساب المرضى الحقيقيين، وبالطبع أكثر ما يعني هذا الموضوع في المجمل شركة الخطوط الكويتية وتحديداً القسم المتخصص بالعلاج في الخارج الذي يشهد كثافة مطردة في أعداد معاملات المرضى لاسيما في شهر رمضان المبارك.

3 آلاف معاملة

وهذا الموضوع يترتب عنه أيضاً سوء التصرف أو الفوضى، خصوصاً أن الخطوط الكويتية تشهد زيادة واضحة في كثافة المسافرين ما يرمي شوكاً حول قدرة الشركة على الاستيعاب، إذ استقبل هذا القسم أكثر من ثلاثة آلاف معاملة مريض خلال رمضان المبارك بمعدل 100 مريض يومياً والمؤشر آخذ بالارتفاع مع بدء إجازة العيد وموسم "الصيف العلاجي" هذا فضلا ًعن مرافقي "المرضى"، بكل ما يعنيه ذلك من سوء تنسيق أيضاً مع المكاتب الصحية في الخارج، وهكذا ندور في حلقة مفرغة، ودون جدوى.

ويفيد مصدر رفيع لـ"الجريدة" بأن قسم العلاج في الخارج في "الكويتية" الناقل الرسمي والوطني لمرضى العلاج بالخارج يواجه ضغطاً يومياً كبيراً لاستقبال المراجعين، ما تسبب بمشاكل عصية عن الحل مع المكاتب الصحية خارج البلاد لاكتمال نصاب الرحلات بشكل كامل خلال فترة العيد، لينتهي الأمر بتأجيل مواعيد بعض الحالات لعدم وجود أماكن مخصصة لهم، والسفر خلال فترة العيد سواء كانت على "الكويتية" أو شركات طيران أخرى.

وقال المصدر إن عدد المرضى المسافرين للعلاج في الخارج خلال فترة إجازة العيد والمتمثلة في 4 أيام يبلغ عددهم أكثر من 400 مواطن في مختلف دول العالم دون مرافقيهم، مضيفاً أن يوم غد والمرجح أن يكون أول أيام العيد سيشمل نحو 80 مريضاً، واليوم الثاني ما يقارب 120 مريضاً، فضلاً عن المرافقين وهكذا، لافتاً إلى أن موظفي "الكويتية" المعنيين باستقبال حالات العلاج بالخارج لا يتجاوزون 3 موظفين بما فيهم الموظف المسؤول، علاوة على صغر مساحة قاعة الاستقبال ما يضطر المواطنين إلى الانتظار في المطبخ ومرافق القسم والممرات، مبيناً أن القسم يستقبل حالات العلاج في الخارج لجميع المسافرين على نفقة كل من الديوان الأميري، وديوان سمو رئيس مجلس الوزراء، ووزارت الصحة والداخلية والدفاع وشركة نفط الكويت KOC.

استغلال كبير

من جانبه، استنكر المواطن عبدالكريم المطيري سفر المواطنين للعلاج بالخارج على نفقة الدولة على الدرجة السياحية، مبيناً أن الخطوط الجوية الكويتية تستغلنا إلى آخر درجة الى حد قوله، معتبراً ان جميع المرضى الكويتيين يجب ألا يسافروا على الدرجة السياحية. وقال المطيري إن السفر على الخطوط "الكويتية" متعب، والمفروض المريض لا يسافر على الدرجة السياحية، ويجب أن ندخل لجاناً طبية لتوفير كرسي طبي للمريض فقط وليس غيره على الرحلة.  

من جهته اشتكى المواطن أحمد الحمادي من طول إجراءات العلاج بالخارج طويلة وسط ما تعانيه "الكويتية" من زحام كبير، وقال إننا بحاجة إلى أن يسهلوا علينا ويوفرا موظفين أكثر"، مشيراً الى ان الزحام يجعل المعاملة تأخذ وقتاً طويلاً. وذكر الحمادي أنه في السابق تم تغيير موعده الطبي وتأجيله في المستشفى بالخارج لعدم وجود رحلة طيران متوفرة في مثل فترة موعده الطبي.

من ناحيته قال المواطن هشام الشطي إن صالة استقبال مراجعين العلاج بالخارج صغيرة وغير مهيأة لاستقبال المراجعين، مشيراً الى أن أعداد المراجعين ليست بقليلة والمكان يستقبل بين 10 و15 مراجعاً فقط بينما في الواقع يشهد أعداداً أكبر من طاقته الاستيعابية بكثير.

وعن رأيه وقبوله للدرجة السياحية وعدم حصوله على درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى أفاد الشطي بأن "الناس مرتبطة بمواعيد محددة والمستشفيات ليست مسؤولة عن الشخص في حال عدم حصوله على تذكرة سفر ووصوله في موعده المحدد من عدمه"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "الكويتية" تفتقر إلى التنظيم رغم أن بامكانها أن تقدم الأفضل.

نظام الربط

من جهته، دعا المواطن بدر العنزي الخطوط الجوية الكويتية إلى فتح فرع في إدارة العلاج بالخارج في وزارة الصحة مثلما هو معمول به بوزارة الدفاع ووفق نظام واحد يتولى الربط والتسهيل على المواطنين عملية التنسيق للحصول على تذاكر السفر خاصة ان إدارة العلاج بالخارج لديها جميع الأوراق الرسمية من صور للفيزا وجواز السفر، مبدياً استياءه من الزحام الكبير على "الكويتية" والتنظيم السيء وفقط هناك موظفان اثنان يستقبلان المراجعين وكل مراجع يأخذ ما يقارب 24 دقيقة".

واستغرب العنزي ارتفاع أسعار التذاكر الحكومية على الدرجة السياحية بمعدلات عالية، لافتاً إلى أنه في حال امتلاء الدرجة السياحية تتم مطالبة المرضى بالدفع وكأنها الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال قبل الصعود إلى الطائرة لعدم وجود مقاعد شاغرة في حين استطيع شراء الدرجة الاولى First Class بنفس سعر الدرجة السياحية المدفوعة من الدولة إلى "الكويتية".

لا إنسانية

وبعبارة "لا مراعاة للإنسانية"، استهل المواطن إبراهيم المانع الحديث عن قسم العلاج بالخارج لدى "الكويتية"، حيث لا يراعي الحالات ووضع أولوية في استقبال المراجعين، كما لا توجد مراعاة للإنسانية أو أولوية للحالات الحرجة، على الرغم وجود تقارير تفيد بذلك، ووقد انتظرت أكثر من ساعتين والمكان ضيق ولا يوجد تنظيم ولدي مريض في العناية المركزة".

ووصف المانع التنظيم في قسم العلاج بالخارج في "الكويتية" بالسيء، مضيفاً  أنه من "غير المعقول حصر جميع الجهات المعنية بالعلاج في الخارج لدى وزارات الصحة والدفاع والداخلية وشركة نفط الكويت في نفس الإدارة، بل يجب أن يكون هناك تنسيق وتنظيم حول ذلك مع الخطوط الجوية الكويتية"

"جماعتنا يحبون العطلة، مو بس هني الديرة كلها واقفة" بهذه العبارة تناول المواطن هيثم السلمي الموضوع، مستغرباً عدم وجود ربط إلكتروني من خلال نظام ربط واحد بين الجهات المعنية للتسهيل على المواطنين، مضيفا بقوله "الموضوع بسيط واهما مصعبينه".

وتساءل السلمي: "ما الذي يمنع وضع كاونترات للخطوط الجوية الكويتية في إدارة العلاج بالخارج التابعة لوزارة الصحة وأخرى لوزارة الدفاع وأخرى لوزارة الداخلية وغيرها من الجهات؟، مضيفاَ "إلى متى الورق؟ الحكومة اإالكترونية تجاوزها الزمن والآن تنجز معاملاتك تنجر كلها عبر الهواتف النقالة "الموبايل"، مبدياً استياءه لغياب النظام في "الكويتية" ودخول المراجعين دون أرقام للدخول من جهة وعدم الالتزام بطابور الانتظار من جهة أخرى.

بدوره قال المواطن يوسف الشمري،  "لا توجد أسرّة للمرضى على "الكويتية" في الوقت الحالي"، لافتاً إلى وجوب حجز كرسي المريض قبل موعد الرحلة بفترة مناسبة، مبيناً أن "الكويتية" قالت له بعدم وجود سرير لمريضه على الرحلة لعدم حجزه للسرير قبل موعد فترة من موعد سفره، مبيناً انه سيقوم بالحجز على طيران آخر او على درجة رجال الأعمال او الدرجة الأولى.

إقبال يفوق الاستيعاب

لوحظ وخلال زيارة "الجريدة” أن العاملين في الخطوط الجوية الكويتية - قسم العلاج في الخارج يقومون بجهود جبارة وخارجة عن استطاعتهم بإيقاف إصدار أرقام الانتظار لاستقبال المراجعين بعد الساعة 12 ظهراً لكثرة أعداد المراجعين، ما يتسبب بعدم السماح لخروج الموظفين من العمل حتى الساعة 4 ونصف عصراً بدلاً من الخروج الرسمي في الساعة 3 عصراً في رمضان، ولهم كل الشكر والتقدير.

أطيب الأماني بالشفاء العاجل للمرضى

تناولت "الجريدة" الأسبوع الماضي في تحقيق صحافي موضوع "السياحة العلاجية" ومن نافل القول إن تناول قضية العلاج في الخارج وتجاوزاتها و"واسطاتها" ومتمارضيها لا يعني عدم وجود مرضى حقيقيين يعانون  أمراضاً خطيرة، لكن من باب أولى إلقاء الضوء على القضية كون هذه الشريحة هي الأكثر تضرراً من ظاهرة "التمارض" ومن باب أولى الإصلاح والدعوة إلى التنظيم وليس الفوضى، لكن "الخير يخص والشر يعم" وتتمنى الشفاء العاجل لجميع المرضى.

شكوى من «عدم الخبرة»

اشتكى أحد المراجعين من عدم خبرة بعض موظفي "الكويتية" في قسم العلاج بالخارج بالتعامل مع المرضى، مشيراً إلى أنه واجه مشكلة في وزن أمتعته بعد افادة احدى الموظفات بسماح "الكويتية" بأخذ 30 كيلوغراماً في حين كانت رحلته تشمل الهبوط على طيران آخر "ترانزيت" والوزن المسموح به إلى وجهته الاخيرة 20 كيلوغراماً فقط ما دعا المريض والمرافقين إلى دفع 10 كيلو زائد عن كل منهم على حسابهم الخاص يصل اإى 300 دينار كويتي.