أول العمود:

Ad

 عندما تقر وزيرة الشؤون الاجتماعية بأن صرف المساعدات الاجتماعية شابه خلل بسبب عدم وجود نظام آلي، ومن ثم قولها رفعنا 1600 قضية ضد غير المستحقين، فذلك يعني أن فساد الإدارة يكبد القضاء جهداً ووقتاً كان يجب توجيههما لأمور أهم.

***

 لن نبدأ بالحديث عن الأخلاق "لأنه حديث مأخوذ خيره"، وسنبدأ مباشرة: بتشكيل وزير التربية والتعليم العالي لجنة جديدة لبحث أسباب عدم تسليم عدد من أساتذة التعليم التطبيقي رسائلهم العلمية بعد طلب إدارة الهيئة منهم ذلك يكون قد مر على ملف الشهادات العلمية المشكوك فيها 5 وزراء للتربية هم السيدات والسادة الوزراء: نورية الصبيح، وموضي الحمود، وأحمد المليفي، ونايف الحجرف، والحالي بدر العيسى. بالطبع ليس هناك علاقة لطلب الوزير بالملف المخزي الذي نتحدث عنه، لكن وسائل التواصل الاجتماعي التي لا توفر يوما يمر بلا هدوء ربطت امتناع عدد من الأساتذه تسليم رسائلهم العلمية نتيجة لخوفهم من الافتضاح، وليس أمامنا إلا انتظار نتيجة عمل اللجنة الجديدة حفاظا على سمعة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي وأعضاء التدريس فيها.

النائب السابق حسن جوهر يؤكد في مقال سابق أنه سلم رئيس الوزراء سنة 2008 ملفاً كاملاً عن هذه القضية المخزية، محذرا من خطورتها على أمن الوطن، ومن محاسن المصادفات أن الملف وصل للوزير العيسى عام 2015 بلا إجراء!

كتب عن التزوير الكثير، وحكمت المحاكم ضد بعض من لجأ إلى القضاء ليس لبيان صدق شهاداتهم، بل لتوريط التعليم العالي بالموافقة على الدراسة في جامعات "أو بقالات"، ولاحقا رفضت معادلة الشهادة لأنها مضروبة وغير معترف بها، وخير دليل على ذلك الجامعة الأميركية في أثينا الموجودة في خيالات الشعراء، فهي لا تملك مباني على الأرض، ونقيس على ذلك الجامعات الهندية والفلبينية التي راجت في فترة سابقة من الزمن، ورأينا الدعاية لها على كرتونة مثبتة بأسلاك في أعمدة النور.

نحن في بلد ابتلي بالمؤسسات! كيف؟

هناك مؤسسات، وتم تفريخ أخرى لاحقا تضمن عدم وجود مثل هذه الظاهرة، وهي: الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة، إدارة معادلة الشهادات في التعليم العالي، إدارة الجامعة، إدارة هيئة التعليم التطبيقي، مجلس الخدمة المدنية، المكاتب الثقافية الخارجية. كل هذا الجيش من الجهات ولا يزال هناك من يؤكد تقلد مسؤولين كبار وموظفين مناصبهم وهم يحملون شهادات مزورة، ويتمتعون بوظائفهم ورواتبهم وكوادرهم التي بنيت على أساسها.

الكل يتحدث عن ضغوط نواب ووزراء في مجالس سابقة لتعويم أصحاب هذه الشهادات في أجهزة الدولة، وهو ما حول هذا الملف إلى ما يشبه عصا رياضة سباق التتابع، فكل وزير يسلمها للذي يليه مع تقديرنا لمواقف بعض الوزارء، ونخص بالذكر نورية الصبيح وموضي الحمود.

نعود إلى "التطبيقي"، ونسأل: ما دور المكتب الثقافي في بلد المبتعثين إذا لم يكن من بين مهامه استلام نسخة من الرسالة العلمية كعمل روتيني؟ ونسأل أيضاً، ونتخيل عدم وجود المكتب الثقافي: أين إدارة "التطبيقي" طوال سنوات من طلب الرسائل العلمية لكادرها التعليمي قبل التعيين؟ ولماذا ألغى الوزير الحالي اللجنة المشكلة لبحث موضوع الشهادات وقام بتشكيل أخرى؟ ولماذا أجهض مجهود رئيس الهيئة الأسبق جاسم خلف في تصفية ملف الشهادات وترتيب وضع كليات الهيئة ومعاهدها في الثمانينيات؟ وهل هناك فعلا 7 أساتذة ضمن هيئة التطبيقي من خريجي جامعة أثينا الخرافية؟

إثارة موضوع طلب الرسائل العلمية بالطريقة التي تمت ربما تكون مبطنة، وقد يكون وراءها هدف تنظيف كادر هيئة التدريس في الهيئة من خلال إحراج المشبوهين منهم لتعيين من هم على قائمة الانتظار من المستوفين للشروط، لكن يبدو أن الهيئة أصبحت محرجة من عملية التطهير لأنه يدين نمط إدارتها، وبالتالي كشف السياسات التي كان يعتمدها مديروها السابقون تماشيا مع ضغوط السياسيين في سنوات مضت، والنتيجة أن كل من يدرّس في الهيئة أصبح مشبوهاً، وفي ذلك إجحاف وظلم كبير لهم وإساءة لصرح أكاديمي.

ما يحدث دليل على أن نظام التقييم الدوري لأداء الأساتذة مفقود تماماً، وإلا كيف يصرح أحد المدرسين بوجود (7) أساتذة يقومون بالتمثيل علينا كأكاديميين وهم خريجو جامعة أثينا سيئة الذكر؟! هذه الكارثة الأخلاقية تستحق أن تكون على طاولة مجلس الوزراء.